النفط السوري وقانون سيزر.. ومحاولات الحكومة السورية لإعادة الإعمار
عقدت اجتماعات في دمشق وفي قاعدة حميم العسكرية الجوية الروسية، حضرها منصور عزام وزير شؤون رئاسة الجمهورية السورية، ووزير الصحة نزار يازجي، وعلي غانم وزير النفط السوري ومحمد خربوطلي وزير الكهرباء اليوم وأمس في 3 و 4 حزيران.
النفط السوري والعقوبات الأمريكية
تتكبد الحكومة السورية شهرياً أكثر من 200 مليون دولار لاستيراد المشتقّات النفطية التي تكاد تكفيها بسبب العقوبات الغربية، والسيطرة الأميركية على آبار النفط السورية، ومنعها من استثمار ثرواتها النفطية والغازية، لكن العقوبات التي جاء بها قانون “سيزر” ، لا تزيد شيئاً على القطاع النفطي الذي استهدف قبل القانون بكثير من الوقت.
وتركزت العقوبات الاقتصادية التي سلكت طريقها الولايات المتحدة الأمريكية والأتحاد الأوربي منذ بداية الأزمة السورية على قطاع الطاقة وبالأخص النفط، لذلك فإن القانون الجديد لن يغير في الأمر شيئاً، سوى أنه سيزيد من معاناة الشعب السوري، الذي أشارت تقارير الأمم المتحدة أن أكثر من 85 في المائة منه يعيشون تحت خط الفقر.
استهداف النفط السوري
استعرض مسؤول سابق في وزارة النفط، تسلسل العقوبات على قطاع النفط السوري، فأشار لصدور حزمة عقوبات أمريكية بتاريخ 17 آب 2011 تحتوي إيقاف الاستثمارات الجديدة في سوريا من جهة أي شخص أمريكي، ومنع التصدير إو إعادة التصدير أو البيع المباشر أو غير المباشر من أمريكا أو أي شخص أمريكي إلى سوريا، ومنع صفقات تختص بالنقط السوري لأي شخص أو شركة أمريكية.
ولحقت دول الاتحاد الأوربي بالسياسة الأمريكية، في بداية شهر أيلول 2011 بمجموعة قرارات منها منع تصدير النفط ومشتقاته من سوريا إلى الاتحاد الأوربي، ومنع الاستثمارات النفطية أو تأسيس مشاريع نفطية، ثم أصدر مجلس الاتحاد الأوربي بتاريخ 1 كانون الأول 2011 القرارين 1244 و 782 الذين تضمنا”حظر التعامل مع المؤسسة العامة للنفط ومكتب تسويق النفط، بالاضافة إلى التأكيد على حظر شراء أو استيراد أو نقل النفط الخام والمنتجات النفطية من سوريا، بجانب حظر تقديم التمويل بشكل مباشر أو غير مباشر للصناعة النفطية، علاوة على حظر بيع وتوريد وتحويل المعدات والتكنولوجيا المستخدمة في صناعة النفط والغاز في سوريابالاضافة حظر تقديم المساعدة الفنية والتدريب والتقنيات، وتمويل عملية بيع أو توريد أو تحويل أو تصدير للمعدات والتكنولوجيا إلى أي مؤسسة تعمل في قطاع النفط والغاز في سوريا، واخيراً منع تقديم أي قرض أو اعتماد مالي إلى المؤسسات العاملة في قطاع النفط والكهرباء.
عقب ذلك توالت القرارات، من التشريع الصريح لسرقة النفط من الاتحاد الأوربي عن طريق المجموعات المسلحة بالقرار رقم CFSP/186/2013 بتاريخ 22 نيسان 2013، فشجع المجموعات المسلحة بالإضافة للأطماع التركية التي تسابقت للاعتداء على آبار النفط والغاز، فأدت لتخريب كبير بالمنشآت، وفتح الأبار العشوائية ذو الأثر الرهيب بالتلوث على الطبيعة والانسان.
إنتاج النفط السوري
أصدر المركز السوري لبحوث السياسات تقريراً منذ أيام يقدر أن الإنتاج غير الرسمي للنفط والغاز يقدّر بحوالى 9.9 مليارات دولار أميركي بين عامي 2011 و2019 أي نحو 2% من إجمالي الخسائر الاقتصادية المقدّرة للأزمة السورية منذ عام 2011 وإلى نهاية العام الماضي.
والقرار الذي يحظر التعامل مع المؤسسة العامة للنفط، جعل الحكومة تتكبّد مبالغ مالية تزيد عن 20 إلى 30 مليار ليرة سورية سنوياًً لتمويل الشركات العاملة والمنتجة للنفط والغاز.
و القرار بمنع تصدير النفط الخام، وحظر الشراء أو الاستيراد للمنتجات النفطية، أدّى لتوقف الواردات المالية من القطع الأجنبي وأثره المباشر على الاقتصاد، وانخفاض في الإنتاج من 380 ألف برميل إلى 210 آلاف برميل في اليوم، وذلك يعادل خسارة تقدر بـ 17 مليون دولار أميركي يومياً.
ومن ثم توقف الانتاج بسبب الاعتداءات من المجموعات المسلحة، وتوقف إصدار الكفالات والعمليات المصرفية الذي جعل قطاع النفط السوري يعاني من صعوبات ضخمة لتوريد المستلزمات والمعدات بسبب العقوبات المفروضة على مصرف سوريا المركزي ومصرف سوريا التجاري.
كورونا في سوريا
بدأت الجائحة العالمية مع إغلاق للحدود السورية، وتأخر كبير لبداية ظهور نتائج ايجابية في فحوصات العينات الخاصة بالفيروس المستجد، الأمر الذي أدى إلى قيام الحكومة السورية بإغلاق للبلاد، وحظر للتجوال، وتعديلات متلاحقة في القرارات، ومن ثم البدء التدريجي في تخفيف التدابير الإحترازية، ويرى كثيرون أن الحكومة لا تقوم بالعمل على أكمل وجه، وتداول ناشطين وأطراف سياسية وإعلامية في الفترة الماضية لهجومات تصريحية، وتبادل الأطراف المعنية الاتهامات المباشرة وغير المباشرة.
وفي اجتماعه مع المجموعة الحكومية المعنية بمواجهة الجائحة، في 5 أيار من الشهر الماضي، حذّر الرئيس السوري بشار الأسد من كارثة صحية في البلاد إذا ارتفعت حالات الإصابة بفيروس كورونا.
تقلبات أسعار النفط العالمي
تسببت جائحة فيروس الكورونا المستجد بصدمة اقتصادية عالمية أثرت سلباً على أسواق المبيعات العالمية، وبحسب تقرير البنك الدولي الصادر في شهر نيسان الماضي، قد يستمر انخفاض الأسعار خلال هذا العام 2020.
وكانت أسواق النفط من أكثر الأسواق التي تأثرت بانتشار الجائحة، فانخفضت أسعار خام برنت، أكثر من 70٪ من ما وصلت له في كانون الثاني، وعادت من جديد للإرتفاع مع نهاية شهر أيار الماضي.
وأشار البنك الدولي في تقريره المعتمد على توقعات وكالة الطاقة الدولية، للانخفاض الحالي في الطلب على النفط، الذي فاق ما شهده سوق النفط في فترات الركود العالمية السابقة، وتوقع أن ينخفض الطلب على النفط في العام 2020، إلى 9.3٪، أي أكثر من ضعف أي انخفاض سابق.
الاجتماعات الجديدة للحكومة السورية
تناولت الاجتماعات في قاعدة حميم العسكرية وفي دمشق مناقشات لتطوير العلاقات الاقتصادية في مجالات الغاز و النفط السوري ، وتوسيع الاستثمارات في الاقتصاد السوري للبدء بعملية إعادة الإعمار، واستثمار الموانئ البحرية من الشركات الروسية، وتحديث مصفاتي بانياس وحمص، ومناقشة خطط التنمية الزراعية وإعادة تأهيل محطات الطاقة الكهربائية و إصلاح الشبكة.
شكرت القيادة السورية رجال الأعمال والشركات الروسية ومنهم شركة “يورو بوليس” لدورهم الفاعل واهتمامهم بعملية إعادة الإعمار وتطوير الاقتصاد السوري على كافة المستويات، بما يخدم مصلحة الشعب السوري. مؤكدةً على التعاون بين روسيا و الجمهورية العربية السورية منذ أكثر من سبعين سنة.
تشهد الأسابيع الماضية تحركات كبيرة في القيادة السورية، وتوجهات جديدة للحكومة السورية، ويرى كثير من المراقبون التغيرات التي بدأت تظهر ولو قليلاً، في القطاع الاستثماري في البلاد، ولكن التوقعات إلى اليوم غير مستقرة، ويعيش الواقع السوري تقلبات كثيرة في ظل اجتياح جائحة كورونا للعالم وأطماع أكثر متزايدة من أغلب الدول المتواجدة في البلاد.
ويرى مؤيدون للحكومة السورية أن تحركاتها ستؤدي لنجاح مترقب، بينما يرى محللون اقتصاديون أن صعوبات جمى ستزيد من معاناة الشعب السوري، في ظل اقتراب موعد تطبيق سيزر.