الاستقالات في الحكومة الانتقالية السودانية.. جرس إنذار لقادم المشوار

حكومة الفترة الانتقالية في السودان المصدر أخبار السودان
0

تدور الكثير من علامات الاستفهام في الوقت الحالي لدى المواطن السوداني، خاصة بعد أن تقدم خلال ال48 ساعة الماضية اثنان من ولاة الولايات السودانية العسكريين باستقالتهما من منصبيهما، وسبقهما آخرون في الانسحاب من المشهد التنفيذي والسياسي .

هروب من القادم

المتابع للشأن السوداني يدرك في الوقت الراهن حقيقة أن البلاد تمر بفترة بالغة التعقيد والصعوبة، لا سيما بعد أن ظلت الاخفاقات تلازم الحكومة الانتقالية بشقيها العسكري والمدني بالنسبة للمواطن السوداني، الذي يرى البعض منه بأن تقديم الاستقالة في هذا التوقيت ما هو إلا هروب من القادم .

وكان آخر الذين تقدموا باستقالتهم، والي الولاية الشمالية، اللواء الركن محمد الساعوري، الذي دفع باستقالته من المنصب، نتيجة خلافات مع قوى إعلان الحرية والتغيير، وتحديداً لجان المقاومة في المنطقة، الذراع الميدانية للتحالف الحاكم .

وذلك حسب ما أوردته وكالة السودان للأنباء ( سونا)، حيث أشار الوالي المستقيل إلى مضايقات من لجان المقاومة، وبصورة أثرت على مسيرة التنمية والاستثمار والأمن والاستقرار بالولاية .

حملات ضغط

وعيّن الساعوري، ضمن 17 ضابطاً رفيعاً من القوات المسلحة، كولاة مكلفين في أول يوم من سقوط نظام الرئيس المخلوع البشير في إبريل الماضي .

وجاء تعيين الولاة لحين تعيين ولاة مدنيين جدد، طبقاً للوثيقة الدستورية الموقع عليها بين المجلس العسكري الانتقالي، وقوى إعلان الحرية والتغيير، في 17 أغسطس الماضي .

وبعد مرور أشهر قليلة من تكليفهم، واجه الولاة العسكريون حملات ضغط كبيرة من قوى الحرية والتغيير في ولاياتهم، واتهم بعضهم بالتقصير في مهامهم الأمنية والخدمية، والتباطؤ في تصفية الدولة العميقة التي خلفها نظام الرئيس المعزول، عمر البشير، والإبقاء على رموزها في مناصب حساسة، وهو ما رفضته الكتل المدنية .

وفي سبتمبر الماضي، قرر الولاة العسكريون، مجتمعين، المطالبة بإعفائهم من مناصبهم في الحكومة الانتقالية واختيار ولاة مدنيين، وذلك في اجتماع لهم بالخرطوم، وأكدوا أن تكليفهم ألقى بظلاله على قواعدهم العسكرية، وأن التكليف فترته طويلة .

استقالة والي جنوب دارفور

وجاءت استقالة والي الولاية الشمالية متزامنة مع استقالة والي جنوب دارفور المكلف، اللواء الركن هاشم خالد، والذي سلّم مجلس السيادة الانتقالي طلب إعفائه من منصبه .

لكن ومن الواضح فإن دوافع استقالة اللواء خالد تختلف عن دوافع استقالة والي الشمالية، إذ عزاها لعدم استجابة الحكومة المركزية لمطالب تقدم بها، ومنها زيادة حصة الولاية من الدقيق والوقود .

وجاءت مطالية الوالي من أجل علاج الأزمة الطاحنة في السلعتين، وكذلك لعدم سداد مديونية مستحقة لشركة تركية تعمل في مجال التوليد الكهربائي في نيالا بلغت 8 مليارات دولار، من أجل تجنب تنفيذ الشركة لتهديدها بوقف التوليد اعتباراً من الشهر الجاري .

استقالات سابقة

وسبق أن استقال اللواء مرتضى وراق من منصبه كوالٍ للخرطوم، بعد ساعات فقط من فض اعتصام محيط قيادة الجيش السوداني في الثالث من يونيو الماضي، مخلفاً ردود أفعال كبيرة في الشارع السوداني في ذلك الوقت .

وأيضاً تعيش ولاية النيل الأبيض (جنوب)، حالة فراغ دستوري كبير بعد استقالة واليها اللواء حيدر الطريفي منذ فبراير الماضي، بسبب تنظيم تحالف الحرية والتغيير في الولاية لمظاهرات تطالب بتنحيه عن المنصب .

ومن المتعارف عليه فإن الوثيقة الدستورية تنص على ترشيح قوى الحرية والتغيير أسماء مدنية لرئيس الوزراء، ليتم تعيينها في منصب الوالي، لكن تلك الخطوة تأخرت لأشهر، بناء على اتفاق بين الحكومة والحركات المسلحة، ليكون التعيين بعد التوقيع على اتفاق سلام في البلاد، حتى تتمكن الحركات من المشاركة في حكم الولايات.

مجلس الوزراء

على مستوى مجلس الوزراء، ثمة استقالة واحدة مسجلة باسم وزير الدولة بوزارة العمل والتنمية الاجتماعية استيفن أمين أرنو، الذي لم يمكث في المنصب سوى شهرين فقط، ثم استقال احتجاجًا على عدم وضوح صلاحياته في الوزارة .

وعلى المستوى السياسي، فقد شكلت استقالة الدكتور محمد ناجي الأصم، العضو الأبرز في سكرتارية تجمع المهنيين السودانيين، ضربة أخرى للتجمع وللتحالف الحاكم ككل، إذ يحظى الأصم بشعبية واسعة وسط شباب الثورة

كل تلك الاستقالات، يرى كثيرون أنها تشكل مهدداً لمستقبل الحكومة الانتقالية و التغيير في السودان، وسيكون لها تأثير واضح على التماسك الحكومي في الفترة المقبلة .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.