التدخين .. طاعون يفتك بالمصريين ويسهل مهمة الجائحة
على الرغم من تفشي جائحة كورونا في مصر خلال الأشهر الأخيرة الماضية، إلا أن عادة التدخين لا تزال منتشرة وبقوة في الشارع المصري والتي من شأنها أن تضع مصابي كورونا بحالة أكثر خطورة نظرًا للأضرار التي تصيب رئة المدخن.
ويقول حسين الموظف السابق بإحدى البنوك المصرية أن الأوان فد فات، وأنه لا يستطيع التخلي عن هذه العادة، فالسيجارة أصبحت بمثابة الرفيق الدائم له طوال أربعين عامًا.
بدأ حسين التدخين وهو في المرحلة الثانوية ومنذ ذلك الحين لم يتمكن من الإقلاع عن التدخين رغم كل ما سببه له من مضاعفات صحية. فقد أجرى جراحة لتغيير شريان في القلب قبل بضع سنوات.
الأرجيلة أو الشيشة
لم يكتف بتدخين السجائر فقط لكنه يدخن الأرجيلة أو الشيشة كما يسميها المصريون. يقول حسين: “منذ أن ظهر فيروس كورونا، ومع منع تقديم الشيشة في المطاعم والمقاهي، توقفت عن تدخينها، خاصة بعد أن علمت أن الفيروس ينتقل عن طريق اللمس. وهذا أقصى ما يمكنني فعله. لكنني لن أستغني عن السجائر”.
ويمثل حسين نموذجا لملايين المصريين؛ فعدد المدخنين في البلاد يصل إلى نحو 11 مليون مصري ممن هم فوق الخمسة عشر عاما، بحسب دراسة كشف عنها مؤخرا الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، وفق بيانات الإحصاء السكاني لعام 2018.
وتشير الدراسة إلى أن عدد المدخنين السلبيين في مصر يصل إلى نحو 30 مليون شخص. واللافت في الدراسة هو أن أعلى نسب المدخنين تأتي في الفئة العمرية التي تتراوح بين 45 و54 عاما.
الفقر
وتكشف الدراسة أيضا عن أن الحاصلين على الشهادات الجامعية فأعلى، تتراجع نسب التدخين بينهم لتصل إلى حوالي 13 في المئة، بينما تزيد معدلات التدخين لتصل إلى حوالي 28 في المئة بين الفئات الأقل تعليما مثل أولئك الحاصلين على شهادة محو الأمية.
ويرى رشاد عبده، أستاذ الاقتصاد والاستثمار والتمويل الدولي في مصر، أنه كلما زادت الدول فقرا ارتفعت معدلات التدخين. ويوضح أن هذا يرجع إلى القيم ومستوى الوعي والسلوك والتعليم.
يقول عبده وفقًا لموقع (بي بي سي عربي): “الأسرة الفقيرة مثلا تنجب الكثير من الأبناء في حين تكتفي الأسر الميسورة ماليا باثنين أو ثلاثة”.
ويضيف أن المواطن الفقير “يجد في السيجارة متنفسه الوحيد، كأنما ينفث همومه وضغوطه مع دخان السجائر”. كما يعتقد أن الشخص الغني لديه الكثير من البدائل للتنفيس عن تلك الضغوط.
إنتاجية الفرد
ويقول الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء إن الأسرة المصرية تنفق نحو ستة آلاف جنيه (400 دولار أو أقل قليلا) من متوسط دخلها السنوي إذا كان بها مدخن أو أكثر.
ويرى عبده أن التدخين لا يضغط على ميزانية الأسرة المصرية فحسب بل إنه يضر الاقتصاد بشكل واضح بسبب تأثيره السلبي المباشر على إنتاجية الفرد.
يقول عبده: “تلجأ بعض شركات القطاع الخاص إلى منع التدخين خلال ساعات العمل وتحديدا في المصانع والأماكن التي تحتاج لجهد بدني. فالشخص المنهك، المعتل صحيا لا يمكنه أن يقدم عملا يوازي الراتب الذي يتقاضاه. فالإنتاجية هي ترجمة العمل بشكل نقدي خلال فترة زمنية معينة”.
جائة كورونا
يوضح عبده أن مريض فيروس كورونا المدخن “يتعرض لخطورة تفوق بكثير تلك التي يواجهها المريض غير المدخن لأن رئته منهكة بالفعل من أثر التدخين”.
ويتمنى أن تستغل الدولة والمجتمع المدني أزمة الفيروس لتكثيف حملات التوعية بأضرار التدخين ومدى خطورته على مرضى كورونا. ويضيف عبده: “أتمنى أن نجد في نقمة كورونا نعمة ونحولها لشيء إيجابي. فالمقاهي المغلقة حاليا ستعود للعمل إن عاجلا أم آجلا، لذلك أرجو أن يستمر منع الشيشة داخل المقاهي والمطاعم لأنها عامل مهم من عوامل نقل الفيروس”.