التصعيد في العراق يأخذ طابع جديد.. وتأثير كورونا يستمر
مع إشراقة كل صباح تزداد الأزمة السياسية في العراق حول تشكيل الحكومة السياسية الجديدة، وفي ظل تفاقم الخلافات بين القوى السياسية المختلفة وانتشار فيروس كورونا حول العالم بات الأمر أكثر تعقيداً من ذي قبل .
انحسار الاحتجاجات
وتراجع بشكل كبير التصعيد في العراق وقوة الحشود الشعبية في ساحات التظاهرات المختلفة في العاصمة العراقية بغداد وجنوب ووسط البلاد، إلى أدنى مستوى لها بفعل تفشي وباء كورونا وتسجيل وزارة الصحة إصابات بشكل متواصل .
وتوقفت بشكل قاطع خُطب المرجعية الدينية العليا في النجف، وهي الخُطب الناقدة والناقمة على العملية السياسية في العراق، ليصبّ كل شيء في صالح أحزاب السلطة ومماطلتها في تحقيق الإصلاحات المنشودة، وذلك على وقع مضاعفة حكومة عادل عبد المهدي المستقيلة إجراءات مواجهة الفيروس من خلال فرض حظر شامل للتجوال في أغلب مدن البلاد .
تأمين كبير
وقامت قوات الأمن بقطع الطرق بين المحافظات والمدن الرئيسية وحظرت التجمعات وإغلقت المطاعم والقاعات، حتى قبل إقفال حدود العراق مع إيران، ومنعت دخول الإيرانيين، رغم مناشدات المواطنين للسلطات منذ الأيام الأولى لتفشي الوباء في جمهورية إيران .
وفي ظل هذه التوترات الكبيرة في العراق يرى الناشطين بأنهم ما زالوا يملكون أوراق تحشيد الشارع مرة أخرى، إذا استدعت الضرورة، على الرغم من انتشار كورونا .
واعتبروا أن أحزاب السلطة الطائفية، أخطر على العراق من الفيروس، بعد سقوط أكثر من 650 قتيلاً ونحو 27 ألف جريح بنيران قوات الأمن ومليشيات مسلحة توصف بأنها مرتبطة بإيران أو مدعومة منها، منذ بدء التظاهرات في أكتوبر الماضي .
إجراءات مشددة للسفر الداخلي
ومع فرض الحكومة إجراءات مشددة على السفر بين بعض محافظات البلاد، تحديداً الجنوبية منها، كالبصرة والنجف وكربلاء، تراجعت أعداد المتظاهرين كثيراً، وذلك بعد أيام من إيقاف الدوام الرسمي في المدارس والجامعات والمعاهد، ووقف السياحة الدينية .
ويعتمد المحتجون حالياً طريقة “مسك الأرض”، إذ إن المنسحبين من ميادين الاحتجاج تركوا خلفهم معتصمين في الخيام، من أجل عدم السماح للقوات الأمنية بالإستيلاء عليها وإنهاء الاحتجاجات نهائياً، الذي يقود بحسب ناشطين، إلى وأد الحراك الشعبي ومنعه مستقبلاً من التصعيد .
التصعيد في الفترة المقبلة
ويرى ناشطون من العاصمة بغداد، أن مظاهر التصعيد السلمي ضد الإجراءات الحكومية ستستمر من خلال البيانات الإعلامية المستمرة، كما أن خيار العودة للشارع سيبقى مطروحاً، وقد يحدث ويخرق حظر التجوال في بغداد ومدن أخرى في مقبل الأيام .
وعن خيارات التصعيد الجماهيري في ظل سريان حظر تجوال في أكثر من مدينة، يرى كثير من المتابعين للتظاهرات العراقية بأن الإعلام هو الخيار الوحيد لدى المتظاهرين حالياً .
ومن المؤكد فإن الاستمرار في إصدار البيانات ومخاطبة المنظمات الدولية والأمم المتحدة بخصوص متابعة ملف محاسبة قتلة المتظاهرين سوف يكون هو الملف المقبل بالنسبة للناشطين العراقيين .
منعطف خطير
ومن الواضح فإن التصعيد في العراق أمام منعطف خطير، قد يؤدي إلى إبادة جماعية في حال انتشر الفيروس بين صفوفهم .لذلك من الأسلم الانسحاب الكامل، والاكتفاء بالتهديد الإعلامي والتصعيد عبر مواقع التواصل الاجتماعي” .
ولا شك في أن كورونا أخطر من الحكومة العراقية المتهمة بالفساد والقتل، ولذلك لا بد من الاحتراز الجدي منه، وإلا فإن العراق سيخسر كثيراً خلال الفترة المقبلة، ولعل المتظاهرين هم الأكثر تأثراً بأي كارثة قد تحدث في البلاد، وعليهم تغليب العقل على العاطفة، والعودة بعد انتهاء الأزمة إلى التصعيد السلمي بل والمشاركة السياسية .