التعدين العشوائي للذهب …. السموم تتمدد وتدهور الزراعة

أكثـر من ألفي مواطن هجروا المدن والقرى تركوا الاهل والسكن كل منهم يدعوه الامل الى الفوز بجرامات من الذهب علها تغير مجرى حياته الى حال افضل ويحقق بعض ما يصبو اليه فاتجهوا الى حياة البداوة في الصحراء ونصبوا خيامهم عائشين على ذلك الامل ليضعوا انفسهم عرضة الى الاصابه بالالتهابات الرئوية والتسمم و التهابات الغدد الكظرية والى تشويه الاجنة والى الاصابة بالبكم مع قابلية الاصابة بامراض السرطان وكل ذلك يأتي نتيجة للاستخدام غير المرشد للزئبق ،فكانت دراسات وأبحاث كثيرة على مستوى العالم قد تطرقت إلى السمية الشديدة والأضرار التي يسببها معدن الزئبق ومشتقاته للأحياء البرية والبحرية والبيئة كان من ضمنها مقدرتها الكبيرة على قتل الخلايا الحية وسهولة تراكمه في خلايا الدماغ والاعصاب وتسببه في امراض الحساسية والربو واضراره بالجهاز المناعي والجهاز التناسلي الذكري باحداثه اختلافات في الحمض النووي مما يؤدي إلى تشوهات للحيوانات المنوية ونقص اعدادها وضعف حركتها. وكمية صغيرة من معدن الزئبق تتسبب في أضرار كبيرة، حيث أن جراما واحدا فقط من هذا المعدن، يمكن أن يلوث بحيرة ضخمة مساحتها عشرون هكتار، وترمومتر واحد نستعمله، يحتوي قرابة 0.7 جرام .
ولكن الامل يطغى فوق كل ما تتناوله هذه الدراسات وما ان يبدأ يخبو حتى تدفعهم اخبار حصول احدهم بكمية لا بأس بها من جرامات الذهب غيرت مجرى حياته او اخبار ذلك الذي انقلبت حياته على عقبها بما حالفه به الحظ فيتضاعف الحماس وترهف الآذان من جديد ليستغل بعض المعتمدين تلك الآمال مروجين بوجود الذهب في مناطقهم بدون تحققهم من ذلك رامين من وراء احاديثهم تلك الى انعاش مناطقهم كما اورد احد المعتمدين ( للصحافة ) حين قال : خاصة اذا ما كانت عمليات التنقيب تلك تتم وفق ايصالات تتبع بعضها للمحليات وبعضها (اورنيك 15 ) والتي يتم توريدها من قبل موظف المحلية المتواجد بمناطق التعدين ليمنح المعدن مساحة اربعة امتار مربعة مقابل دفع رسم 150 جنيه وله ان يحفر في العمق ما يشاء كيف لا وآلياتهم لا تتجاوز طاقتها الحفر لابعد من الخمسة او اربعة امتار .
وذكر مصدر في وزارة التعدين بان جملة الشركات العاملة في مجال التعدين الاهلي للذهب 128 شركة ولكن الوزارة لا تتعامل معهم مباشرة ولكن عبر معتمدي الولايات الذين توجههم بضرورة الالتزام بقواعد مهمة في مجالات التعدين منها الاهتمام بالصحة والتنقيب بعيدا عن المواقع الاثرية وعدم تلوث المياه والحذر في استخدام الزئبق .ولكن هل يكون الحديث رادعا اذا ما تناقلت الاخبار في مطلع مارس الماضي بان مركز العزل المؤقت بمستشفى ابو حمد في ولاية نهر النيل قد استقبل 107 حالة من حالات الحميات المجهولة التي ضربت اودية تنقيب الذهب بمناطق الياسمين وقبقبة والنجيم بينما سجلت حالة وفاة واحدة واصابت حمى التهاب فيروسي العشرات من منقبي الذهب بمحلية ابوحمد شمالي ولاية نهر النيل شخصت على انها حمى ( الحصبة الالمانية ).
وفي ولاية نهر النيل تلك كانت مصادر قد اشارت الى ان عمليات التنقيب الاهلي تتم بصورة مكثفة في محليتي بربر وابو حمد من جملة السبع محليات في الاجزاء الشمالية منها وقد بدأت العمليات في المنطقة في اواخر العام 2008 باكتشافات مواطنين عن طريق حفريات يدوية في مناطق وادي الصنقير ووادي العشائر ومع نهاية العام 2009 بدأت تتوافد كميات من المواطنين من خارج ولاية نهر النيل من ولاية كردفان ودارفور وولاية الجزيرة اضافة الى كم هائل من التجار في شكل شراكات يعملون في التنقيب بشكل منظم و تسرب وفقا لتقارير مكاتب التعليم بمحليتي بربر وابو حمد عدد كبير من الطلاب لمساعدة اهاليهم في عملية التنقيب فيما حدث تدهور ملحوظ للزراعة وارتفعت السلع الاستهلاكية والغلال بجانب الامراض والاوبئة التي انتشرت منها السرطان وامراض الصدر نتيجة لإستعمال الزئبق بصورة غير علمية في التعدين وانتشار الاوبئة في المواقع.
وكان وزير المعادن الدكتور عبد الباقي الجيلاني في مؤتمر سابق له قد تمسك بضرورة استمرار التنقيب العشوائي عن الذهب في جميع أنحاء السودان واعتبره مصدراً مهماً لإعاشة عدد من الأسر إضافة لزيادة الدخل القومي للبلاد. وأقر وقتها بتقصير الدولة في إيجاد بدائل إنتاجية لما يقدر بأكثر من (200) ألف مواطن قال إنهم يعيشون من التنقيب العشوائي وتعهد بتدخل الحكومة لتنظيم التنقيب كما حذر من مغبة استخدام المواطنين للزئبق والمواد الكيميائية السامة في عملية التنقيب وتحدث عن تأثيرها السالب على الأشخاص والزراعة والتغذية الطبيعية للمياه الجوفية .
وفي الندوة التي نظمتها وزارة المعادن بالمركز العالمي للدراسات الافريقية الاسبوع الماضي عن التعدين الاهلي وآثاره الاقتصادية والاجتماعية ولكن عرج الحديث الى الآثار السالبة البيئية لعمليات التنقيب فتحدث ممثل وزارة المعادن الجزولي محمد الى ان التعدين الاهلي قد أفرز جملة من السلبيات التي يتوجب التصدي للحد منها أو تخفيف حدتها والتي على رأسها تأثير التعدين على صحة البيئة جراء استخدام مادة الزئبق،علاوة على مساهمة الحفر الجائر في تكسير المعالم الجيولوجية بالاضافة الى ضلوعه في الحاق مخاطر صحية جراء حفر آبار لأكثر من 20 مترا دون دراسات تحدد مدى قابلية التربة لحفر أنفاق مما ينتج عنه الانهيارات فتقود الى الوفيات وفوق كل ذلك أنه لا يوجد عاصم أو مانع يحول دون تهريب الذهب فلا يدخل الى خزينة الدولة لصعوبة الضبط والاحصاء جراء كبر العدد واتساع رقعة العمل مما يصعب معرفة الكميات المنتجة.

لماذا لا يترك أمر التعدين للشركات التي تعمل وفق الدراسات والبحوث العلمية حتى نتجنب الأضرار بالإنسان والبيئة والحيوان.. ويقلل كميات الإنتاج ويوزع الإنتاج على السنوات القادمة حتى يكون للأجيال القادمة نصيب محفوظ

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.