سنمار سورية الإخباري- عندما تكذب الدول الغربية وأتباعها
لا أدري إن كان مصطلح الغربيين صحيحاً من الناحية العلمية، ولكن بتقديري هو مصطلح مجازي اعتدنا أن نطلقه على الدول الأوروبية والولايات المتحدة للتعبير عن معسكر سياسي يؤطر نفسه ضمن سياسات وقيم معينة، ويعبر عن نفسه ببيانات سياسية، ومواقف عملية تعكس توجهاته، ومواقفه المشتركة، ولنقل بوضوح إنه معسكر إيديولوجي له فلسفته الخاصة ونظرته ومقارباته، وبكل الأحوال تجمعه مصالح مشتركة، ويعمل، وينسق ضد خصومه بشكل مشترك وتوزع الأدوار بين أطرافه المختلفة، وهو معسكر تقوده الولايات المتحدة الأميركية، وأما الأتباع فهم أولئك الصغار دولاً وأفراداً، وتجمعات، وتيارات من الذين يكررون مصطلحاته، ويتناغمون مع سياساته، وينفذون أجنداته، ولو كان الأمر على حساب مصالحهم الوطنية فتجدهم مثلاً: يتهمون أنظمة بلدانهم أنها أنظمة أمنية، من دون أن يعددوا لنا مثلاً عدد أجهزة المخابرات في تلك الدول، وماذا تفعل عندما يكون التهديد لدولها وجودياً، ثم كيف تتصرف عندما يحتجز ثلاثة إرهابيين فقط بعض الرهائن في محل لبيع المواد الغذائية، وليس آلاف الإرهابيين من 82 جنسية في العالم، يحتجزون البشر والحجر، وماذا تفعل هذه الدول عندما يقوم المتظاهرون في وسط باريس بأعمال شغب، أو في واشنطن ولندن؟ ونستطيع أن نعدد عشرات الأمثلة على أولئك المسحورين بالغرب ومنظوماته، وكيف يدوسون على حقوق الإنسان وحريات الناس عندما يمس أمنهم القومي، أو تهدد حياة شعوبهم، أو عندما يتجاوز أي إنسان الخطوط الحمراء التي وضعوها للجميع بمن فيهم مواطنوهم.
هنا لا أحاول أبداً القول إن الدول الغربية ليست متقدمة أو ليس لديها حقوق وحريات للإنسان، ولكن أريد القول إنها دول تكذب في كل شيء على مواطنيها أولاً، وعلى شعوب العالم ثانياً، عندما تقدم نفسها بدورها التبشيري المعتاد، والوعظي والإرشادي، وتعمل على الترويج لنموذجها في الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية، وتريد فرض ذلك كله على شعوب الأرض باختلاف ثقافاتها، وأنظمتها السياسية، وتطورها التاريخي من خلال الإعلام والتسويق والتشويق لتقول لنا: إن دولها مثالية، ومجتمعاتها نموذجية، وما عليكم سوى تقليدنا لتصبحوا متقدمين، وللأسف فإن النخب لدينا، إن صح هذا المصطلح، مستلبة الإرادة، وتتحدث عن الغرب عموماً بإعجاب شديد من دون أي نظرة ناقدة تضعه تحت المجهر، وتتخلص فيه من حالة الاستلاب التي تعيشها لتقترب أكثر من العلمية والموضوعية في التقييم، والعلاقة معه إضافة للتوقف عن حالة الانبهار التي تجعل الإنسان فاقداً للقدرة على التعاطي مع القضايا بشكل منطقي، وعقل ناقد فيأخذ من هذه الدول والمجتمعات ما يفيد بلده وشعبه من تجارب قابلة للتطبيق، ويرمي خلفه كل ما لا يفيد، أو يضر.
أخطر ما لدى الغربيين هو كذبهم وتضليلهم، وأخطر ما لدى أتباعهم هو تكرار الدعاية الغربية، والروايات الكاذبة هكذا بالمجان دون أدنى محاكمة عقلية، والحقيقة أن الحالة السورية نموذج فاضح لكذب الغربيين، وأتباعهم هذا إذا لم نُضف لها العراق، اليمن، أفغانستان، ليبيا… الخ، والكثير الكثير من الخدع والأكاذيب.
إذا أردنا فقط استعراضاً سريعاً فإن الكذبة الأشهر في الألفية الجديدة هي كذبة وزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن بأول الشهيرة في مجلس الأمن وأنبوبته الشهيرة التي رفعها أمام كاميرات العالم وشاشاته، ليدلل على أسلحة الدمار الشامل العراقية، ثم ليعترف لاحقاً أنهم خدعوه، ويقصد أجهزة المخابرات الأميركية، وبالطبع هذا نوع من الكذب الرخيص بأنه كان المطلوب منه أن يكذب وهو يعرف أنه يكذب، ومع ذلك هذه الكذبة كلفت العراقيين دماراً مستمراً حتى تاريخه، وأما رئيس وزراء بريطانيا الأسبق طوني بلير الكذاب الآخر، فقد اعترف بكذبته بشأن الحرب على العراق، ومع ذلك لم يحاسبه أحد في بريطانيا، ولم يجلس خلف الأقفاص كما يفترض بشخصية كذبت على البريطانيين، والرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن كذب أيضاً، ولم يحاسبه أحد، ووزيرة الخارجية الأميركية الأسبق هيلاري كلينتون كذبت في شأن داعش والقاعدة، ودور الولايات المتحدة في صناعة هؤلاء الوحوش، حتى أتى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وفضحها، وفضح دور واشنطن في صناعة المتطرفين والقتلة، ولكن ترامب كان الأكذب أيضاً إذ عدد له خصومه مئات الأكاذيب على الأميركيين، وعلى العالم.
الأكاذيب الغربية لا حصر لها، والحرب الفاشية على سورية تصلح لتكون نموذجاً فريداً لنفاق الغرب، وأكاذيبه، بدءاً من سلمية ما سمي «ثورة سورية»، وانتقالاً للتضليل الإعلامي الذي يحتاج لأكبر الأكاديميات في العالم كي تُدرس طرق النصب والاحتيال التي اتبعتها أكبر وأشهر وسائل الإعلام الغربية ضد سورية وجيشها ورئيسها، بطريقة تفوق التصور من حيث الحقد والكراهية والوضاعة، وفي الوقت نفسه يخرج أتباع الغرب ليحدثونا عن الحرية، والديمقراطية، وحقوق الإنسان.
وحده مثلاً، ملف الكيميائي السوري يحتاج إلى دراسات وبحوث حول حجم التضليل الغربي، وتزوير الوقائع، وتسخير المنظمات الدولية، لتحقيق الأهداف السياسية، وقبل أيام مثلاً لم تخجل مندوبة بريطانيا في الأمم المتحدة من الفخر بمنظمة «الخوذ البيضاء» الإرهابية، ذراع تنظيم القاعدة، التي زورت ومثلت أحداثاً ووقائع، وهي منظمة ممولة من الاستخبارات البريطانية، ومن دافع الضرائب البريطاني، وتريد أن تقنعنا أن الإنسانية تتسربل من قبعات الخوذ البيضاء، وهم ليسوا إلا أنبياء، ورسل، ولهذا تدعمهم بريطانيا من دون أن تبرر لنا لماذا تدفع بريطانيا مليارات لهؤلاء القتلة، أو لماذا دربت الاستخبارات البريطانية مئات من الناشطين على الأرض لتعليمهم كيف تزور، وتضلل، وتموه الأخبار والصور، وحبذا لو حدثتنا مندوبة بريطانيا عن أسباب كذب رئيس وزرائها السابق طوني بلير في دولة تدعي أنها أم الديمقراطية في العالم، وكيف يمكن أن تكون كذاباً على العالم، وصادقاً مع شعبك؟!
أحد أخطر الأكاذيب التي يروج لها الغربيون هو الحرص على المدنيين في إدلب مثلاً، والإشارة إلى أن أي هجوم عسكري يقوم به الجيش العربي السوري وحلفاؤه، يعتبر عملاً خطيراً، لأنه يؤثر في المدنيين، والحقيقة أن هؤلاء المدنيين في إدلب ليسوا إلا رهائن محتجزين لدى تنظيم القاعدة الإرهابي، والمطلوب إبقاؤهم هكذا حتى تحصل واشنطن على ثمن سياسي لإطلاق سراحهم، والجانب الآخر من الكذبة هو تنظيم «قسد» الذي يقدم على أنه قاتل الإرهاب على الأرض، ولكن الأهداف الحقيقية هي حصار الدولة والشعب السوري، وإنشاء بؤر لتفريخ الإرهاب، ومخيم الركبان نموذجاً، والتمهيد لمشروع انفصالي على صعيد المنطقة.
أكثر ما يكشف نفاق وكذب الغربيين هو حديثهم عن الجانب الإنساني، ومليارات الدولارات التي ينفقونها على السوريين داخل سورية وخارجها، بهدف إخفاء دورهم القذر والمباشر في تدمير سورية، والتباكي على واقع هم المتسببون الأساسيون فيه، وما غرف العمليات التي قادتها أجهزة مخابراتهم من تركيا والأردن إلا نموذج فاضح لهذا الدور، والكذب العلني والنفاق الذي أصبح ينطبق عليه المثل «يكاد المريب يقول خذوني».
القضية لدى الغربيين واضحة ومكشوفة، ومع ذلك المصيبة في أتباعهم، وأدواتهم الذين ما زالوا يكذبون منذ أن رهنوا أنفسهم لأعداء بلدهم، وما زالوا يكررون علينا مصطلحاتهم الممجوجة، وأسطواناتهم المشروخة منذ سنوات عشر، وكأن هؤلاء لم يقرؤوا الوثائق الغربية، والكتب التي نشرت، والتصريحات التي صدرت حتى الآن، كتصريح رئيس وزراء قطر السابق حمد بن جاسم حول الصيدة، والـ 137 مليار دولار، وحده كافٍ ليفهم هؤلاء كم هم رخيصو الثمن، وكم هم خارج التاريخ، ويعيشون في مزابله.
لقد كتبنا عشرات المرات عبر صفحات «الوطن» من أن التغيير والإصلاح والتطوير هو حاجة وطنية مستمرة ودائمة، وليست شعارات تطلق للقول للمنافقين الغربيين إننا مازلنا أحياء، وإننا مازلنا في خدمتكم في التوقيت الذي تريدونه، على الرغم من تأكدنا أن لا شيء بريئاً في السياسة، ولهذا نقول لهم: أفلامكم استهلكت، وأكاذيبكم أصبحت مفضوحة، والعالم يتغير، وزمن أكاذيب الغرب وأتباعه أفُلتْ، ولن يفيدكم هذا الغرب بشيء سوى أنه سوف يرميكم حين ينتهي استخدامكم، كونوا مع شعبكم، وجيشكم، ورئيسكم، المعارضة حق عندما تكون وطنية وملتزمة بقضايا شعبها وبلدها، لا معارضة ينشر بيانها في صحيفة بترودولارية قبل اجتماعها، لكنكم أصبحتم خارج التاريخ أيها الأتباع، والعالم يتغير من حولكم، قولوا ما تريدون، فما تقولونه مجرد سراب تجرون خلفه، وأما المطلوب فهو تضامننا الوطني، وقوتنا الداخلية لبناء المستقبل، وليس التعويل على الخارج في وقت نحن أحوج ما نكون للتضامن الوطني، فانضموا إلى هذه القافلة المنتصرة. نصيحة أخيرة لكم.
المصدر: سنمار سورية الإخباري