الناجون وأسر ضحايا هجوم نيوزيلندا يواجهون القاتل بكلمات يملؤها الغضب
للمرة الأولى يلتقي الناجون وأسر ضحايا حادث إطلاق النار على مسجدين في نيوزيلندا بالمجرم الذي تسبب في قتل 51 مسلمًا بمسجدين أثناء صلاة الجمعة في مارس من العام الماضي.
جاء ذلك خلال جلسة الاستماع الخاضة بالمحكمة لنطق الحكم على منفذ الهجوم، برينتون تارانت، والتي تستمر أربعة أيام، وفقًا لموقع (بي بي سي عربي).
وكانت أجواء الجلسة يسدوها الشعور بالحزن والغضب، حيث تحدث قرابة 90 شخص عن الحادث الذي أدى لمقتل العشرات وإصابة كثيرين، بعدما قرر تارانت فتح النار على المصلين في المسجدين في حادثة أثارت ضجة عالمية واسعة.
بكاء ودموع
وتواصلت اليوم الأربعاء جلسات الحكم على منفذ الجريمة، حيث حضر إلى المحكمة عدد من الناجون وأسر الضحايا وكانت الدموع والبكاء حاضرة طوال الجلسة أثناء إدلائهم بشهاداتهم.
كما قام عدد من الناجون وأسر الضحايا بتلاوة آيات من القرآن رافعين صورًا لأقربائهم وأحبائهم.
وقالت سارة ابنة أحد الضحايا وهي تنظر للقاتل والدموع تملأ خديها: “هذه الدموع ليست من أجلك”.
المال لن يعيد والد أبنائي وزوجي
تحدثت حميمة تويان، زوجة زكريا تويان، الذي عانى من جروحه 48 يوما قبل أن يتوفى متأثرا بها.
وقالت: “لا يمكن أن يعيد المال والد أبنائي وزوجي. أفتقد طهيه للطعام، ونكاته، وصوته أثناء النوم. كان حارسي الشخصي، كان مصدر المرح والتعزية، كان صديقي المفضل”.
وأضافت: “ابني البكر لديه خمس سنوات من الذكريات مع والده، وطفلي الصغير ليس لديه ما يكفي من ذكريات. سألني ابني، لماذا قتل (هذا الشخص) أبي؟ ولمساعدة الأطفال على فهم الأمور، أشرح لهم أن الرجل الجاهل مثل صبي في الحضانة، لا يعرف كيف يلعب مع الأطفال الآخرين في الحضانة، لذلك يتواصل معهم ويعبر عن خوفه بضربهم أولا”.
وأضافت، متحدثة لتارانت: “أفعالك الشنيعة جمعت الآف النيوزيلنديين معا تضامنا معنا. أشعر وكأنك أنت الضحية هنا، ونحن الناجون”.
“أنت حشرة صغيرة”
فقد أحاد نبي والده المسن في مسجد النور، ولم يتمالك نفسه من الغضب، وحضر إلى المحكمة مرتديا قميص فريق محاربي نيوزيلندا للعبة الرغبي، وهو يتحدث إلى المتهم.
وقال أحاد واصفا تارانت بـ “حشرة صغيرة”: “والدك رجل قمامة وأنت أصبحت قمامة المجتمع. أنت تستحق أن تُدفن في مكب للنفايات”.
كما دعا القاضي إلى “عدم السماح مطلقا لهذا الحثالة بالخروج من السجن طوال حياته”، مضيفا أن “والدي البالغ من العمر 71 عاما كان سيقسمك إلى نصفين إذا واجهك في نزال حر”.
“قلبي كأم انفطر ملايين المرات”
بكت ميسون سلامة، والدة محمد عطا عليان ، وهي تتحدث عن اللحظات الأخيرة قبل وفاة ابنها.
تلقت ميسون الدعم من الناجون وأسر ضحايا الهجوم أثناء حديثها في المحكمة، وقالت إن قلبها كأم، انفطر “ملايين المرات، كالشعور بألم المخاض مرارا”.
وقالت: “أتخيل دوما بماذا كان يشعر (ابني) حبيبي عطا لحظة الهجوم”.
وأضافت: “كيف واجه مطلق النار، ما الذي كان يدور في ذهنه عندما أدرك أنه يغادر هذه الحياة إلى رحلته الأخيرة؟ لقد أعطيت نفسك حق أخذ أرواح 51 شخصا بريئا، جُرمهم الوحيد في عينيك أنهم مسلمون”.
بكاء وتحدي
كان وسيم ساطع علي دراغمي مع ابنته في مسجد النور عندما أُطلق عليهما النار عدة مرات. وأظهر دراغمي تحديا عندما اقترب من المنصة، مخاطبا تارانت مباشرة.
قال: “مساء الخير للجميع، إلا أنت. لحسن الحظ أننا نجونا لأنك لا تعرف كيف تستخدم البندقية، إلا من نقطة الصفر”.
ضحك تارانت بشدة، ثم أمسك نفسه وغطى فمه.
وسرعان ما أصبحت كلمات دراغمي جادة، وقال إن تارانت “فشل” في تدمير مجتمعهم. وأضاف: “تعتقد أن أفعالك دمرت مجتمعنا وزعزعت إيماننا، لكنك لم تنجح. لقد جعلتنا نتكاتف بعزم وقوة أكبر”. وقال: “إذن أنت فشلت تماما. فشلت تماما”.