بصمات أمريكية.. شبهات تحيط بنشاط المنظمات الإنسانية في السودان
منذ استقلال السودان، وحتى اليوم لم يشهد حالة استقرار سياسي واقتصادي وأمني طويل الأمد. فمع اندلاع الصراع المسلح في السودان، في نيسان، أبريل الماضي، بين الجيش وقوات الدعم السريع، انهمرت التحليلات والمعلومات حول أسبابه وخلفياته، أبرزها، تدهور الوضع الاقتصادي، الفساد الحكومي، والفقر الذي يعاني منه السكان، إلى جانب التدخلات الخارجية والأطماع الدولية في الثروات الطبيعية للبلاد.
ولكن من الأسباب الخفية أو المبطنة لزعزعة الاستقرار في السودان واندلاع الصراع، والتي لم يتم الحديث عنها كثيراً في وسائل الإعلام، هو الدور المشبوه للمنظمات الإنسانية والإغاثية العاملة في الدول الأفريقية والتي تتلقى تمويل أمريكي- وأوروبي.
المجلس النرويجي للاجئين والنشاط المشبوه في السودان
أحد أبرز الأمثلة عما تحدثنا عنه أعلاه، هو المجلس النرويجي للاجئين (NRC)، حيث يعتبر المجلس أحد المنظمات الإنسانية الدولية الغير حكوميةNGO، الذي ينشط في الكثير من الدول الأفريقية والآسيوية، كما يُعنى بشكل خاص بشؤون اللاجئين والنازحين.
وفقاً للموقع الرسمي للمجلس، فإن المجلس لديه عدة مكاتب وما يقارب الـ 345 موظف محلي ودولي ينشطون في السودان بمجالات عدة، كما أنه استأنف أنشطته بالسودان، في عام 2020، بعد انقطاع منذ العام 2009، نشاطاته تشمل 6 مجالات: الأمن الغذائي، المأوى، التعليم والتحدث من أجل الحقوق، المعلومات والمشورة والمساعدة القانونية، والحماية من العنف، والمياه والصرف الصحي والنظافة.
ووفقاً لمصادر محلية، وبعض التقارير الإعلامية، فإن المجلس مارس بعض النشاطات المشبوهة، مثل التحريض على الاحتجاجات والتظاهر، وتهييج الشارع من خلال الكورسات والدورات والأنشطة التعليمية تحت مسمى “دورات حقوقية” التي يصل عدد المستفيدين منها سنوياً ما يقارب الـ47 ألف مواطن سوداني.
ويحظى المجلس بتمويل كبير من عدة منظمات وحكومات غربية، أوروبية وبريطانية وأمريكية مثل المديرية العامة للمفوضية الأوروبية (DG INTPA)، ومكتب المساعدة الإنسانية للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (BHA)، ومكتب السكان بالخارجية الأمريكية (PRM)، والخارجية الألمانية (FFO). وتعد الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، أحد أكبر الممولين للمجلس. وفقاً لتقريره السنوي لعام 2023 فقد تلقى من الوكالة الأمريكية للتنمية لوحدها 3,159,914 دولار أمريكي.
كيف توظف واشنطن أموالها في المجلس
وبحسب مصادر محلية، وشهادات لبعض المواطنين السودانيين، فإن المجلس مارس بعض النشاطات المشبوهة التي حملت أجندة سياسية وزعزعت استقرار البلاد، تحت غطاء نشاطاته الإنسانية والتنموية المعلنة.
ووفقاً لبعض المشاركين في نشاطات المجلس، فإن الأنشطة التعليمية والتوعوية والقانونية، لم تكن تعليمية تثقيفية فقط، بل أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أحد أكبر الممولين للمجلس، قامت بإجراء دورات تدريبية لمنسقي الاحتجاجات وقادة المظاهرات، والمتخصصين في وسائل الاعلام، بهدف التحريض وإثارة الفتن والشغب، وجمع المعلومات الاستخباراتية بذريعة “تنفيذ أنشطة ودورات تعليمية “، مستغلة أنشطة المجلس، وبشكل خاص التعليمية والاتصالية وشراكاته المحلية، لتنفيذ أجندة واشنطن، بغطاء انساني.
في سياق متصل، أبلغت بعض مراكز الدراسات المختصة، إلى أن بعض المنظمات الإنسانية الدولية في السودان وعدّة دول أفريقية، مارست بعض الأنشطة خارج نطاق المساعدة والإغاثة الإنسانية.
حيث أشارت إلى أن منسقي الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في المجلس، والتي تعتبر أحد أكبر الممولين له، إلى جانب بعض أجهزة المخابرات الغربية، خصصوا جزء كبير من ميزانية المجلس لتنفيذ أنشطة تعليمية واستشارات حقوقية وقانونية للسكان، ومن خلال تلك الأنشطة، قاموا بتدريب بعض الأشخاص على تنسيق الاحتجاجات والتحريض، عبر وسائل الاعلام، منذ يونيو 2020 وحتى اندلاع الصراع المسلح في السودان، لأهداف سياسية، تحت غطاء أنشطة ودورات تعليمية ومشورات قانونية.
حيث قام لاحقاً خريجون من هذه الدورات بتوظيف خبرتهم في التحريض على الاحتجاجات وأعمال الشغب والتظاهر من خلال وسائل الاعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، وتم تكليفهم بمهام، جمع المعلومات الميدانية وتزويد أجهزة المخابرات الغربية فيها، إلى جانب التظاهر وقيادة الاحتجاجات، والنشر وبث الدعايات الكاذبة، والتحريض على العنف، والتي حولت الاحتجاجات في نهاية المطاف إلى صراع مسلح، ودمرت استقرار البلاد.
ووفقاً لبعض المراقبين فإن هذا الأمر، يثير الكثير من الشكوك وعلامات الاستفهام، حول دور المنظمات الإنسانية الدولية العاملة في أفريقيا، والتي تتلقى تمويل من عدة جهات وحكومات غربية، ويتطلب منها توخي الشفافية في عملها والتصريح بشكل واضح ومفصل، عن أنشطتها وطرق صرف الأموال التي تتلقاها.
وبحسب الموقع الرسمي لمجلس اللاجئين النرويجي، والإحصائيات والتقارير السنوية التي ينشرها، فإن، أكثر من 47 ألف مواطن سوداني، شاركوا في البرامج التعليمية والاستشارية والمعلومات والمساعدة القانونية لعام 2023 وأكثر من 44 ألف شخص وصلهم البرنامج في 2022 في مناطق مختلفة من السودان، ويتم تخصيص مبلغ يتراوح من مليون ونص لـ3 مليون دولار سنوياً للبرامج التعليمية والمساعدة الاستشارية والقانونية حسب المجلس.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.