“بصمات إسلامية أو خلافات داخل الجيش”.. ماذا وراء اعتقال الضباط بأم درمان

تقارير: بالأرقام والأسماء فساد غير مسبوق في صفوف الجيش السوداني

أثارت حادثة اعتقال الاستخبارات السودانية لمجموعة من الضباط في قاعدة وادي سيدنا العسكرية في أم درمان أمس الثلاثاء، الكثير من التساؤلات حول خلفيات ما حدث، وخاصة أن من سرّب الخبر هي صحيفة “السوداني” المقربة جداً من قيادة الجيش.

بعد انتشار الخبر على نطاق واسع وتضارب التصريحات سارع الجيش السوداني لنفي عملية اعتقال الضباط، ثم تأكيدها، ثم نفي الأنباء حول وجود محاولة انقلاب أساساً، مما دفع الكثير من المراقبين والمحللين والصحفيين، إلى إطلاق التحليلات حول خلفيات القصة.

فبحسب بعض المحللين، مهد الإعلان عن محاولة الانقلاب في السودان الطريق للتخلص من بعض القيادات العسكرية التي تزعج البرهان أو تشكل خطر على حكمه، بينما يعتقد آخرون بأن الحادثة تهدف لتوصيل رسالة إلى قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بأن عملية التخلص منه لن تستغرق وقتاً طويلاً إذا انحرف عن الخط الإسلامي، وبحسب آراء أخرى، فإن هذا الإعلان يمكن أن يجذب تعاطف فئة من المواطنين مع الجيش في معركته مع قوات الدعم السريع.

في سياق متصل، قالت مصادر سودانية لصحيفة “العرب” إن الحركة الإسلامية تعمل على التخلص من بعض القيادات المنحدرة من إقليم دارفور داخل الجيش والمشكوك في ولاءاتها السياسية، وقدرتها على تنفيذ أجندة التنظيم الإسلامي، وفلول النظام السابق، الرامية لإطالة أمد الحرب من خلال تعطيل مبادرات وقف الحرب والمفاوضات مع قوات الدعم السريع.

وأضافت المصادر، بأن صحيفة “السوداني” التي نشرت الخبر على نطاق واسع مقربة جداً من الجيش وموثوق بها، لكن ما أوردته من معلومات تفصيلية في هذا التوقيت قد يفضي إلى عرقلة أيّ جهود من شأنها إنهاء الصراع الدائر.

الحركة الإسلامية تعمل على التخلص من القيادات المشكوك في ولائها

وأكدت المصادر السودانية لـ”العرب” أن أعضاء حزب المؤتمر الوطني المنحل بعد أن فقدوا أداة الدين كوسيلة لتحقيق أغراضهم السياسية لجأوا إلى أسوأ الخيارات ذات الارتباط المدمر بتفخيخ الصراعات من خلال خلفيات إثنية وعرقية، ووجدوا في خطاب الكراهية المستمر مادة مفضلة بالنسبة إليهم للمزيد من خلط الأوراق.

وقال المحلل السياسي السوداني حاتم إلياس لـ “العرب” إن المعلومات التي نشرت حول حدوث انقلاب لا أثر ملموسا لها في الواقع، لكن هناك رغبة قوية من جانب بعض قيادات الحركة الإسلامية داخل الجيش في التخلص من الفريق إبراهيم جابر بسبب انتمائه إلى قبلية الرزيقات التي ينحدر منها قائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) وعدد من الضباط والجنود الآخرين.

وشدد في تصريح لـ”العرب” على أن خروج هذه المعلومات واستهداف أحد قيادات الجيش بسبب خلفيته القبلية، على الرغم من انتمائه المعروف للحركة الإسلامية وكان من أوائل من دفعت بهم للجيش، يقود للتشكيك في الكثير من ولاءات قيادات الجيش ممن لهم خلفيات مرتبطة بإقليم دارفور والقبائل العربية والأفريقية الموجودة فيه، والأمر سيترك نتائج سلبية على نحو أكبر في صفوف المؤسسة العسكرية.

وأوضحت المعلومات المتداولة أنه تم اعتقال الضباط قبل يومين من الكشف عن المحاولة الانقلابية الجديدة، وهم من أكفأ ضباط الجيش، ضبطاً وربطاً وتعليماً، ولهم علاقات طيبة وسط الجنود والاحتياط والأهالي.

ولفت مراقبون إلى أن هذه النوعية من الصفات التي تؤكد انضباط من ألقي القبض عليهم تشكك في مسار المحاولة الانقلابية، وتعزز استنتاج تصفية الحسابات، وأن يد الحركة الإسلامية تستطيع أن تنال من كل قيادة لا تحسن الولاء التام لها.

خلافات كبيرة داخل الجيش حول سير العمليات العسكرية

من جهته، قال الخبير العسكري السوداني أمين إسماعيل مجذوب في حديثه مع “العرب” بأن ما جرى في وادي سيدنا، له أكثر من احتمال، أحدها يشير إلى وجود انقلاب فعلي، والثاني أن الضباط الذين تم اعتقالهم بسبب ثبوت ولائهم للدعم السريع، والثالث يتعلق بخلافات داخل الجيش حول سير العمليات العسكرية وأولويات المرحلة المقبلة.

ورجّح مجذوب الاحتمال الثالث وهو أن ضباطا يشغلون مواقع قيادية لهم تحفظات على إدارة المعارك، وجرى تكليفهم بمهام ورفضوا الانصياع لها ولم يقوموا بتنفيذها، وأقدمت الاستخبارات العسكرية على اعتقالهم وإبعادهم عن مواقعهم.

كما، يحمل التكثيف الإعلامي منذ الإعلان عن الواقعة أبعادا تشير إلى “تهيئة الأجواء نحو تدبير انقلاب حقيقي، أو إدخال تعديلات على القيادة العامة

ووفقاً للصحيفة، فإن الحديث عن محاولة انقلاب في مثل هذا التوقيت يسلط الضوء على وجود خلافات داخل الجيش حول سير العمليات العسكرية وأولويات المرحلة المقبلة، كما أن اعتقالات الضباط تمت لمخالفتهم أوامر عسكرية خلال المعارك مع الدعم السريع وليس بتهمة الانقلاب.

وكانت قوات الدعم السريع قد نجحت في السيطرة على أربع ولايات بإقليم دارفور، فضلا عن دخول الجزيرة، والتواجد في وحدات مهمة تابعة للجيش، وبدا قادتها أقرب إلى الاستسلام، ولم يحاول عدد كبير منهم خوض معارك في مواجهة الدعم السريع، ما ساعد على رواج تقديرات الانقسام داخل الجيش ورفض أجندة قادته.

وكانت صحيفة السوداني المقربة من الجيش، نشرت أمس تقريراً، حول اعتقال استخبارات الجيش عدداً من الضباط الكبار والفاعلين في منطقة وادي سيدنا العسكرية بأم درمان بسبب تخطيطهم لانقلاب عسكري.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.