تعليق مسار الشرق فرصة للتهدئة بعيدا عن حل أزمات الإقليم

0

التقطت السلطة الانتقالية في السودان أنفاسها بعد أن رحبت مكونات قبلية وسياسية عديدة بقرار تعليق مسار شرق السودان باتفاقية جوبا للسلام، غير أنها تواجه مشكلات أكبر على مستوى تباعد الرؤى السياسية بين الأطراف الفاعلة في الأزمة واستمرار الاحتقان الذي تصاعد مؤخراً، ما يجعلها أمام صعوبات أخرى على مستوى الوصول إلى نقاط اتفاق تُرضي جميع الأطراف المتصارعة

ورحب حزب الأمة السوداني الجمعة بتعليق مسار الشرق ضمن اتفاق السلام الموقع في جوبا، معتبرا أن ذلك “أوجد فرصة كبيرة لقيام مؤتمر شامل، تشارك فيه كل مكونات الشرق الاجتماعية والسياسية، ودعم قضايا الإقليم التنموية”.

وأعلن نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، الخميس تعليق مسار الشرق إلى حين توافق أهل الشرق بعد الجلوس إلى مائدة الحوار والتشاور مع كل أطراف الحكومة والوساطة.

وجاءت خطوات السلطة الانتقالية بتنسيق مع وساطة دولة جنوب السودان التي رحبت بقرار التعليق، مؤكدة استمرار التشاور بشأن المسار بعد أسبوعين.

ورغم الأجواء الإيجابية التي تسود أطيافا سياسية مختلفة في الشرق لا تزال هناك مشكلات قد تواجه السلطة الانتقالية، أبرزها عدم التوافق بين الأطراف المختلفة على انعقاد مؤتمر جامع لأن الأمر ليس محل توافق داخل مجلس نظارات البجا، إلى جانب أن المجلس الأعلى للإدارات الأهلية (مؤيد لمسار الشرق) يرفض أي مباحثات لا تقوم على أساس ما جرى التوصل إليه في جوبا.وهناك مخاوف من عدم قدرة الحكومة على احتواء الأطراف المتعارضة في الشرق، ومن إمكانية أن يجد مجلسا السيادة والوزراء صعوبة في لعب أدوار الوساطة بسبب انحياز حكومة عبدالله حمدوك السابقة إلى مكون البني عامر وتعاملها مع باقي المكونات باعتبارها من فلول النظام السابق، بينما خيّر العسكريون التقارب مع نظارات البجا.

وقال المحلل السياسي محمد تورشين إن “تجميد مسار الشرق لا يعني انتهاء الأزمة، وخطاب السلطة بشأن القرار الأخير أظهرها كأنها تعول على نجاح الحوار بين مكونات الشرق للوصول إلى تفاهمات بشأن مستقبل المسار، في حين أن مجلس نظارات البجا يتحدث عن تجميد كامل للمسار وبناء منبر تفاوضي جديد”.

وطالب مجلس نظارات البجا خلال الاعتصامات التي نفذها منذ سبتمبر الماضي بإنهاء التهميش وتحقيق التنمية في مناطق الشرق وإلغاء اتفاقية مسار الشرق وتغيير الحاضنة السياسية أو توسيعها وتشكيل حكومة كفاءات.

وأضاف تورشين في تصريح لـ”العرب” أن “الحكومة رأت أنه في حال عدم الاستجابة للمطالب ستكون مجبرة على إغلاق جديد للشرق بما له من انعكاسات وخيمة على الأوضاع الاقتصادية المتردية، غير أن خطوتها جاءت متأخرة، وغير معروف ما إذا كانت ستتمكن من استيعاب الأطراف المتنازعة أم ستفشل في ذلك، وفي تلك الحالة يمكن أن يطفو الحديث عن حق تقرير المصير على السطح”.وأشار إلى أن القائمين على مسار الشرق وجدوا من الأفضل الترحيب بتعليق المسار حفاظاً على ما حققوه من مكاسب، وتوجد فرصة أمام ترسيخ مستقبلهم السياسي في الإقليم، وفي حال رفضهم قد يواجهون مستقبلا مظلما مع ضعف حاضنتهم الشعبية.

وأعلن القياديان في مسار الشرق خالد إدريس وأسامة سعيد في بيان مشترك قبولهما التعليق المؤقت لاتفاق مسار الشرق حسب طلب لجنتي المجلس السيادي والوساطة، وأبديا استعدادهما للانخراط في عمل اللجان لبدء المشاورات بشأن حلول تنهي الأزمة في شرق البلاد، مع التأكيد على عدم التنازل عن المكتسبات الواردة في الاتفاق.ووقع على اتفاق مسار الشرق الحكومة السودانية وفصيلان من شرق السودان، هما “مؤتمر البجا المعارض” و”الجبهة الشعبية للسلام والتحرير والعدالة”، وينص على تمثيل الفصيلين في السلطة التنفيذية والتشريعية داخل الإقليم بـ30 في المئة.

ويتخوف متابعون من وجود معارضة جديدة للسلطة من قبل أطراف أخرى قد لا تقبل بأيّ حلول مستقبلية للإقليم، لأن مشكلات الشرق الاجتماعية غلفت بخلفيات سياسية قد لا تظهر بشكل مباشر لكنها تبقى عنصرا مؤثرا في توجيه دفة الأحداث.وأوضح عضو المبادرة الإقليمية في شرق السودان وليد علي محمد أن إشكاليات الشرق والتعقيدات الحاصلة على المستوى القبلي ليست وليدة المسار الحالي ضمن اتفاق جوبا، ولها جذور تمتد إلى خمسينات القرن الماضي، ويتمثل الحل في معالجة العوامل التي قادت إلى الإفقار والإقصاء التنموي، ووضع عقد اجتماعي بين سكان الإقليم يتوافقون خلاله على حياتهم المشتركة وعلاقاتهم المستقبلية ويبدد مخاوف الجميع.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.