لا زال الجدل مستمراً فيما يتعلق بقضية سد النهضة الإثيوبي، والخلاف المتواصل ما بين مصر وإثيوبيا من أجل قواعد ملء السد والذي تسعى إثيوبيا إلى ملئه في يوليو المقبل، وهو الأمر الذي ترفضه مصر شكلاً ومضموناً .
عقبات كبيرة
وتوجد العديد من العقبات التي تُعيق تقدم التواصل ما بين الحكومة المصرية ونظيرتها الإثيوبية، إذ أن المفاوضات الفنية انقضت منها نحو 10 أيام على اتفاق حكومات الدول الثلاث المعنية على العودة إلى التفاوض حول المسائل العالقة، وهذه المسائل العالقة تتعلق بقواعد الملء والتشغيل للسد .
كما أن المحادثات التي يديرها وزير الري السوداني ياسر عباس لم تؤدي إلى أي تقدم في الملف، بل تبين خلالها اتساع الهوة بين الطرفين بشكل كبير، إذ يلح كل طرف من الأطراف على موقفه .
ومن الواضح فإن القضية تأخذ منحنيات معقدة مع مرور الأيام ومع اقتراب شهر يونيو الذي تُقرر إثيوبيا خلاله ملء السد والبدء تدريجياً في إنتاج الكهرباء في البلاد ومن ثم وعبر مراحل تصديرها إلى الدول الآخرى .
وجميع هذه الأحداث تأتي بالتزامن مع مؤشرات لبداية مبكرة لفيضان منابع النيل، الأمر الذي سيدفع إثيوبيا حتماً إلى الحرص على بدء التخزين في يوليو المقبل .
مصلحة مصر
ومن المتعارف فإن من مصلحة مصر نظرياً البدء في الملء الأول للسدّ في فترة الفيضان الحالية، حتى تكون أقلّ عرضة للمخاطر في أوقات الجفاف غير المتوقعة بنسبة كبيرة في السنوات الأربع المقبلة .
وكانت القاهرة قد تلقت اتصالات مكثفة في الأيام القلية الماضية من المفوضية الأوروبية ومفوضية الاتحاد الأفريقي وعواصم أفريقية مختلفة، وذلك من أجل محاولة تقريب وجهات النظر بينها وبين أديس أبابا وذلك بشأن قضية السد .
وتتخوف مصر بشكل كبير من الاتحاد الأفريقي وتدخله في المفاوضات لعدة اعتبارات ومن أهمها هو أن الاتحاد مقره في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، إذ أن الحكومة المصرية تعلم تمام العلم بان دور الاتحاد سوف يكون منحازاً لإثيوبيا .
من جانب آخر فإن الحكومة المصرية غير متحمسة لتدخل الاتحاد الأوروبي باعتبار أنها لا تبحث عن تعاطف من جهة معينة يجعلها فيما بعد رهينة لتدخلات خارجية في سياستها الداخلية أو الخارجية .
كما أن القاهرة في الوقت الراهن لا تبحث عن ضغوط بقدر بحثها عن حلول لأزمتها المتشعبة والتي تأخذ يوماً بعد الآخر طابع مختلف من .
رفض للتدخل الأوروبي
ولا تأمل القاهرة في الوقت الراهن في أي تدخل من قبل القوى الأوربية في نظرتها تجاه سد النهضة، إذ أنه دارت في العديد من وسائل الإعلام الغربية بأن مصر تملك الكثير من الحلول فيما يتعلق بقضية سد النهضة .
وأبرز هذه الحلول يتمثل في أن تقوم الحكومة المصرية بعمل نظام يقوم برفع كفاءة إدارة المياه في البلاد، وهو الأمر الذي لا تريد مصر حدوثه في الوقت الحالي باعتبار أن عملها بهذه الخطة يشير إلى أن القاهرة يمكنها أن تقبل خطوة إثيوبيا مباشرة بملء وتشغيل السد .
وفي السنوات الخمس الماضية حصلت جمهورية مصر على العديد من القروض الأوروبية من أجل تطوير نظام الري في البلاد، وهو الأمر الذي يشير إلى أن أوروبا أو بعض الدول سوف تكون بجانب إثيوبيا فيما يتعلق بملء وتشغيل السد مستقبلاً .
من الواضح أن القضية حتى الآن ما زالت شائكة ومعقدة، ولا شك أنه سوف تتضح خيوط الاتفاقيات بين الدول المعنية بسد النهضة مستقبلاً، إذ لا خيار غير الاتفاق بغض النظر عن الطرق من أجل الوصول إلى وجهات نظر مقبولة من جميع االأطراف .
