سوريا.. حروب متجددة تلقي بظلالها على المآلات المستقبلية للسوريين
شهدت سوريا في مطلع العام 2011 اعتقلت قوات النظام السوري التابعة للرئيس السوري بشار الأسد خمسة عشر طفلاً حينما قام أمن النظام بقيادة عاطف نجيب ابن خالة بشار الأسد باعتقال الأطفال وتعذيبهم بطريقة وحشية، وذلك بسبب كتابتهم شعارات تنادي بالحرية وتطالب بإسقاط النظام على جدار مدرستهم بتاريخ 26 فبراير 2011 .
وكانت هذه الحادثة هي شرارة البداية بالنسبة للأزمة السورية، الذي تشعب لاحقاً وعمل على تشريد الآلاف من المواطنين العُزل .
التدخل التركي في الأزمة السورية
يعود بداية التدخل التركي في سوريا إلى العام 2011 وتحديداً عندما قامت الرئاسة التركية بانتقاد السياسات التي يتبعها الأسد في سوريا، خاصة فيما يتعلق بحملة القمع العنيفة التي اندلعت في 2011 في مدينة درعا التي خرج فيها الأطفال الذين طالبوا بالحرية .
وهي أول مدينة شهدت الحراك الجماهيري، وسرعان ما انتشرت الاحتجاجات لتشمل مدن سورية أخرى، وفي غضون 5 أشهر أصبحت التظاهرات عامة بالبلاد .
ومباشرة أدانت تركيا التي كانت تربطها علاقات ودية نسبيا مع سوريا قبل بدء الاضطرابات الأهلية في سوريا في ربيع 2011 الرئيس السوري بشار الأسد بسبب هذه الأحداث .
وانضمت تركيا في وقت لاحق من العام 2011 إلى عدد من الدول الأخرى التي تطالب باستقالة بشار الأسد .
ومع تطور الأوضاع في بداية الحرب الأهلية السورية، قامت تركيا بتدريب المنشقين عن الجيش العربي السوري على أراضيها، وفي يوليو 2011، أعلنت مجموعة منهم ميلاد الجيش السوري الحر، تحت إشراف المخابرات التركية.
وفي أكتوبر من العام 2011 ، بدأت جمهورية تركيا في إيواء الجيش السوري الحر، وعرضت على المجموعة منطقة آمنة وقاعدة للعمليات. وإلى جانب قطر، زودت تركيا القوات أيضا بالأسلحة والمعدات العسكرية الأخرى.
وتفاقمت التوترات بين سوريا وتركيا بشكل كبير بعد أن أسقطت القوات السورية طائرة مقاتلة تركية في يونيو 2012 واندلعت اشتباكات حدودية في أكتوبر 2012 ومن ثم أزداد التوتر بين الجانبين .
ووفرت تركيا الملاذ للمعارضين السوريين. وكان نشطاء المعارضة السورية قد عقدوا اجتماعا في اسطنبول في مايو 2011 لمناقشة تغيير النظام، واستضافت تركيا رئيس الجيش السوري الحر، العقيد رياض الأسعد. وأصبحت تركيا معادية بشكل متزايد لسياسات حكومة الأسد وشجعت المصالحة بين الفصائل المنشقة.
التدخل الروسي في سوريا
بعد أن تأججت الصراعات الداخلية بين قوات الأسد وقوات المعارضة لجأ الرئيس السوري بشار الأسد إلى روسيا التي قدمت دعماً عسكرياً من موسكو من أجل كبح القوات المعارضة لبشار في سوريا .
وكانت روسيا تدعم نظام بشار الأسد قبيل إعلانها التدخل المباشر في سوريا، الأمر الذي جعل من مسألة التدخل لحماية الأسد في سوريا قائمة ولكن في وقت لاحق .
وعقب التوترات السورية ناقشت روسيا عبر رئيسها فلاديمير بوتين تداعيات الدخول الروسي المباشر إلى الأراضي السورية، وخلص الاجتماع إلى تفويض رسمي من بوتين باستخدام القوات المسلحة الروسية خارج البلاد .
وبدأ سلاح الجو الروسي مباشرة بتوجيه ضربات جوية في الأراضي السورية بتاريخ 30 سبتمبر 2015 ضد المعارضة السورية .
وتم تشكيل مركز معلوماتي في بغداد تشارك فيه روسيا وإيران والعراق وسوريا لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية .
أطفال سوريا والحرب
واجه الأطفال السوريون ظروفًا قاسية بسبب الحرب المستمرة منذ عام 2011 والتي أدت إلى انتشار الفقر والاضطرابات الأمنية، فالمئات من الأطفال السوريين فقدوا آباءهم في سوريا نتيجة الصراع ورحلة التهجير المستمرة منذ سنوات، والبعض الأخر تشرد واصبح بلا مُعيل، كما واثبت لجنة التحقيق الدولية المستقلة ما خلفته سنوات الحرب الثماني من انتهاكات صارخة لحقوق الأطفال الأساسية، من بينها القتل والتشويه والجروح والتيّتم والحرمان من التعليم وتحمّل وطأة العنف الذي ترتكبه الأطراف المتنازعة، بالإضافة إلى تشريد أكثر من خمسة ملايين طفل داخل سوريا وخارجها.
أزمة إدلب
تعتبر مدينة ادلب هي مركز محافظة إدلب الواقعة في شمال سوريا، وهي منطقة حدودية مع تركيا، ويطلق عليها إدلب الخضراء لكثرة أشجار الزيتون فيها، وهي منطقة استراتيجية كبرى لسوريا لما لها من أهمية تاريخية للبلاد .
ومعركة إدلب اندلعت تحديداً بين قوات الحكومية السورية النظامية والجيش السوري الحر بهدف السطيرة على منطقة مدينة إدلب وجبل الزاوية، وذلك في يوم السبت الموافق 10 مارس 2012 ولا زالت أحداثها مستمرَّة .
وفي سبتمبر من العام 2018 توصل الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان، إلى اتفاق يقضي بإنشاء منطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب الحدودية من تركيا، وذلك لتجنب الحرب في تلك المحافظة التي يبلغ عدد سكانها في الوقت الراهن ثلاثة ملايين نسمة .
وتعمق النزاع على المنطقة حتى تدخلت القوات التركية التي دعمت المعارضة إلى الابقاء على المناطق التي اتفق عليها الطرفان الروسي والتركي في اتفاق سوتشي .
الهجوم الكيميائي وهجرة المواطنين
نفذت قوات النظام السوري هجمات على المدن والقرى بالأسلحة الكيميائية السامة المحرمة دوليا في مختلف مناطق سيطرة المعارضة، بلغت أكثر من 140 هجمة، وخلفت مئات القتلى والجرحى من النساء والأطفال، وكان آخرها في مدينة خان شيخون التي استخدم فيها غاز السارين، الامر الذي بدوره تسبب بدوره في تهجير ملايين السوريين الى دول الجوار، مثل تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر والسودان ودول أوروبا، ومازال الآلاف منهم عالقا في الحدود في محاولات جاهدة للهروب من الاراضي السورية الغير آمنه .
تركيا تفتح المعابر للاجئيين
وعقب صعوبة الأوضاع بالنسبة للمواطنين ومعاناتهم بسبب الحرب في البلاد أعلنت الحكومة التركية عن فتح حدودها أمام جميع اللاجئين السوريين وغير السوريين للعبور باتجاه اليونان ثم الدول الاوربية، وجاء القرار التركي فيما يبدو على خلفية خلافات بين حلف الناتو وتركيا حول تحرك الأخيرة عسكريًا في إدلب، خاصًة بعد مقتل قرابة 40 جندي تركي جنوبي إدلب نتيجة الغارات الحربية من الطيران الحربي التابع لروسيا وللنظام السوري .
انهيار الاقتصاد السوري
أثرت ازمة الحروب المندلعة منذ 2011 بشكل بالغ السلبية في إنهيار الاقتصاد السوري الذي يعتبر أسوأ انهيار اقتصادي شهدته دولةٌ شرق أوسطية منذ بدايات القرن العشرين، وتجاوز في حجم كارثيّته الدول الآخرى، كما وأحدث دمارالبنى التحتية الهائل الكثير من الخسائر الكبرى بالاقتصاد، قدرت الأمم المتحدة في وقت سابق كلفتها بنحو 400 مليار دولار، الامر بدوره افقد الليرة السورية قيمتها امام الدولار هذا التدهور أثقل كاهل الشعب السوري و ترك أثره البالغ على الشعب السوري، اذ أصبح اليوم عدد السوريين اليوم يقدر بحوالي 90% تحت خط الفقر بحسب بيان المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
سوريا تواجه كورونا
في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد حول العالم، اهتمت السلطات السورية بإصدار سلسة من الإجراءات للوقاية من احتمال تفشي فيروس كورونا المستجد في البلاد، حيث قامت الحكومة السورية بتعليق الدوام في الجامعات والمدارس والمعاهد التقنية العامة والخاصة، وكذلك إيقاف كل النشاطات العلمية والثقافية والاجتماعية والرياضية.