قرارات الرئيس الجزائري..تصفية تركة أم إعادة تشكيل ملامح؟
خلفت قرارات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، تساؤلاتٍ عدة على السطح بشأن ما إذا كان بصدد تصفية تركةٍ ثقيلة، ومخلّفات المرحلة السابقة، أم إعادة تشكيل كل ملامح المرحلة الأولى من فترة حكمه.
ونشر تقرير في موقع ” العربي الجديد” تحدث عن قرارات الرئيس الجزائري الذي ورث الكثير من القضايا والملفات العالقة من المرحلة السابقة في الجزائر ، والتي تحتاج إلى معالجات لا تؤثر على طبيعة توازنات الحكم الهشّة.
واتخذ تبون عدداً من القرارات المهمة، قبل وصول ولايته الرئاسية إلى يومها المائة، ومنها استبعاد شخصيات تمّ تعيينها في مناصب عليا خلال فترة إدارة الجيش للبلاد وهيمنة قائد الجيش الراحل الفريق أحمد قايد صالح،.
وتمت إزاحة أسماء أخرى كانت موجودة في عهد رئيس الدولة السابق عبد القادر بن صالح، قبيل الانتخابات الرئاسية التي جرت في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ومن ضمن قرارات الرئيس الجزائري إعادة شخصيات كانت قد استُبعدت خلال تلك الفترة، إضافةً إلى توجّهات سياسية أخرى لها علاقة الحراك الشعبي وتسوية قضايا الناشطين.
وعلى الرغم من أن قرارات الرئيس وجدت ترحيباً في صفوف الكثير من القوى السياسية، لا يزال جزءٌ من الرأي العام والمنتظم السياسي والمدني غير مقتنع في الوقت الحالي على الأقل، بقدرة الرئيس على التخلص من أدوات الحكم التي يلعب فيها الجيش دوراً مركزياً.
واستبعد تبون مدير ديوان الرئاسة نور الدين عيادي، الذي كان قد عُيّن في هذا المنصب بقرارٍ من قايد صالح في 21 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد يومين من استلام تبون للرئاسة.
تغييرات واسعة
ومن ضمن قرارات الرئيس الجزائري أيضاً تعيين مدير جديد للديوان هو نور الدين بغداد دايج، والذي استُدعي من منصبه كسفير في العاصمة اليونانية أثينا، ضمن مجموعة تغييرات شملت تعيين العربي لطرش مديراً عاماً لقسم التشريفات في وزارة الخارجية.
وفي وقت سابق كان تبون قد استبعد مدير تشريفات الرئاسة يوسف عشوي، الذي عُيّن في هذا المنصب في عهد عبد القادر بن صالح بتوجيهٍ من قايد صالح، وعيّن خلفاً له العقيد بلقاسم بلعريبي، الذي كان مسؤولاً في فريق الحرس الخاص للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وأُبعد بعد استقالة الأخير.
كما شملت قرارات الرئيس الجزائري تغييراتٍ طالت أيضاً مدراء التلفزيون العمومي والإعلام الحكومي وهيئات حكومية أخرى كالدرك والجمارك.
قضية الناشطين
وإتبدو قضية الناشطين في الحراك الشعبي والموقوفين في السجون أو الملاحقين قضائياً قبل ديسمبر الماضي، جزءاً من تركة ورثها تبون من مخلفات المرحلة السابقة التي أدارها الجيش الجزائري .
ويُلاحظ إطلاق سراح مستمر للناشطين من السجون وإنهاء عدد كبير من القضايا وإسقاط تهم كانت تبدو ثقيلة، وتخص تهديد الوحدة الوطنية وإهانة الجيش والتخابر، وغيرها من التهم التي ألصقت بالناشطين في الفترة السابقة.
وجاء في قرارات الرئيس الجزائري إطلاق سراح المناضل الثوري لخضر بورقعة، وكذلك فوضيل بومالة وسمير بلعربي وحاج غرمول. كما أطلق سراح الناشطات نور الهدى عقادي وسميرة مسوسي ونور الهدى ياسمين، على الرغم من استمرار بعض القضايا العالقة حتى الآن.
وفي السياق ذاته أبدى تبون انفتاحاً لافتاً تجاه قوى وشخصيات سياسية كانت في حالة صدامٍ سياسي مباشر مع المؤسسة العسكرية وقايد صالح، وكانت معنيةً بشكل مباشر بسلسلة خطابات ومواقف حادة من قبله، بينها رئيسا الحكومة الأسبقان مولود حمروش وأحمد بن بيتور، ورئيس حركة “مجتمع السلم” عبد الرزاق مقري، ورئيس “جبهة العدالة والتنمية” عبد الله جاب الله، ومنسق مؤتمر المعارضة عبد العزيز رحابي.
الرئيس الجزائري والحوار السياسي
وأبدى الرئيس الجزائري كذلك انفتاحاً كبيراً تجاه هذه القوى والشخصيات، واستقبلها في مقر الرئاسة، في إطار حوار سياسي، ولاستشارتها حول خطة الإصلاح السياسي والدستوري الذي يرغب في طرحه.
و قال عبد الرازق مقري رئيس حركة مجتمع السلم خلال مؤتمر سياسي عقده أمس الجمعة، إن الحركة لن تكون متطرفة في مواقفها إزاء أي قرارات الرئيس الجزائري أو أي مشروع إصلاح سياسي يأخذ بعين الاعتبار مطالب الجزائريين ومطالب الحراك الشعبي.
ولفت مقري إلى أن تبون هو الآن رئيس جمهورية، ولا يمكن التعامل معه إلا على هذا الأساس، وإذا كان في نيّته إنجاز إصلاح سياسي ودستوري حقيقي، فإن الحركة لا تملك إلا أن تكون شريكة له في ذلك. 1992