10 ملايين مستخدم خلال شهر واحد.. ما قصة تطبيق “كلوب هاوس”؟

0

أصبح تطبيق كلوب هاوس الذي تم إطلاقه فقط في أبريل/نيسان 2020 حديث الساعة، حيث تجاوز تحميل التطبيق الصوتي 10ملايين مستخدم في جميع أنحاء العالم خلال شهر فبراير/شباط 2021، وذلك بزيادة خمسة أضعاف عن الشهر السابق، ويسمح التطبيق للمستخدمين بإعداد غرف مناقشة أو حضورها حول مواضيع من اختيارهم.

ولاقى التطبيق رواجاً واسعاً بعدما نشر الملياردير إيلون ماسك بضع تغريدات عنه أواخر يناير/كانون الثاني 2021، إذ استفاد منه الملايين الذين يتوقون للتعبير عن أنفسهم وخوض الأحاديث في شتى المجالات مع الغرباء، لكن في بلدان الشرق الأوسط، حيث جعل الاستبداد الرقمي الكثيرين يعيشون في خوف من المراقبة المستمرة، تدفق الناس على التطبيق -المتاح على نظام iOS فقط- للتعبير السياسي والشخصي المكبوت، عن أحوال بلادهم والمنطقة. لكن هل يكون المشاركون في مأمن على هذا التطبيق من قمع سلطات معظم بلادهم؟

هل “كلوب هاوس” ملاذ آمن لحرية التعبير؟

يقول تقرير لموقع middleeasteye البريطاني، إن المستخدمين لتطبيق “كلوب هاوس” من مصر إلى عُمان ومن تركيا إلى المملكة العربية السعودية، كانوا يتجمعون يومياً لمناقشة السياسة والهوية والجنس والنظام الأبوي والدين والعنصرية وحتى لتنسيق الاحتجاجات.

وتم الترحيب بالتطبيق باعتباره “ملاذاً لحرية التعبير“، وكتب أحدهم عمود رأي في وكالة “بلومبيرغ” مؤخراً قائلاً: “من الممكن أيضاً أن يساعد Clubhouse أخيراً في الوفاء بوعد مظاهرات الربيع العربي التي مر عليها عقد من الزمن”.

ولكن على الرغم من هذا الحماس، يبدو أن Clubhouse غير آمن، كما يقول الموقع البريطاني، إذ يجمع التطبيق كميات كبيرة من البيانات عن المستخدمين، الذين يمكن التعرف عليهم بسهولة، بينما لا يوجد ما يمنع الآخرين، بما في ذلك المخبرون الموالون للحكومات في الشرق الأوسط، من مراقبة المستخدمين الذين يتحدثون عن “المحرمات” أو الموضوعات الحساسة أو استجوابهم. والأسوأ من ذلك، قد تضطر الشركة إلى مشاركة المعلومات التي تجمعها مع سلطات إنفاذ القانون. ويقول جو ويستبي، الباحث في منظمة العفو الدولية، لموقع Middle East Eye: “أعتقد أن الناس في الشرق الأوسط بحاجة إلى توخي الحذر الشديد عند استخدام التطبيق، وعود هذه المنصات لربط الناس وإتاحة قدر أكبر من حرية التعبير يمكن أن تتدهور بسرعة”.

الكثير من البيانات المكشوفة

يحتفظ  Clubhouse بقدر هائل من المعلومات حول مستخدميه. إلى جانب الاسم والرقم، تتضمن البيانات التي تم جمعها معلومات حول الجهاز والموقع وعنوان IP، ما الذي يستمع إليه المستخدمون، عند تسجيل الدخول وإلى متى، و”الإجراءات التي تتخذها”، وفقاً لسياسة خصوصية التطبيق. يعني هذا عملياً أن الشركة يمكنها جمع بيانات حول أي شيء يفعله المستخدمون في Clubhouse.

كما أنه يسجل كل الصوت. يتم الاحتفاظ بهذا فقط في حالة قيام المستخدم بالإبلاغ عن حادث، كما يقول منشئو التطبيق، ويتم حذفه بطريقة أخرى. ولكن وفقاً لمدونة “مرصد الإنترنت في ستانفورد” (SIO) “من غير المحتمل جداً” أن يكون الصوت في Clubhouse مشفراً من طرف إلى طرف، ما يجعله في متناول آخرين خارج المحادثة.

علاوة على ذلك، إذا قام شخص ما بتسجيل الدخول إلى التطبيق باستخدام خدمة مثل Twitter أو Facebook، فقد يقوم Clubhouse “بجمع وتخزين وتحديث المعلومات المرتبطة بهذا الحساب بشكل دوري”، وفقاً لـ SIO.

ليس من الواضح بالضبط ما يفعله التطبيق -أو ما قد يفعله في المستقبل- بكل هذه البيانات، حيث لم يذكر أصحابه بعد كيف يخططون لكسب المال. ويقال إن النظام الأساسي يريد جني الأرباح من خلال النصائح والاشتراكات وتذاكر الأحداث، بدلاً من الإعلانات، لكن سياسة الخصوصية تقول إنها قد تشارك البيانات مع قائمة طويلة من شركات الجهات الخارجية، بما في ذلك المعلنون، “دون إشعار آخر لك”.

يستخدم Clubhouse أيضاً ملفات تعريف الارتباط وتقنيات أخرى لتتبع النشاط في مكان آخر على الإنترنت -حتى عندما يكون التطبيق مغلقاً- لإرسال الإعلانات.

“كلوب هاوس” مصدر للقلق

يقول موقع MEE، إن أي شركة تمتلك هذا القدر من المعلومات حول المستخدمين هي مصدر قلق كبير. قد يكون خرق البيانات في Clubhouse أو أي طرف ثالث يشارك معلومات المستخدم معه كارثياً.

كتب Clubhouse في سياسة الخصوصية الخاصة به: “نتخذ خطوات معقولة تجارياً لضمان التزام مزودي الخدمة لدينا بمعايير الأمان التي نطبقها على بياناتك الشخصية” .

بينما يحتوي Clubhouse على برنامج “مكافأة الأخطاء”، حيث تتم مكافأة المتسللين على الكشف عن عيوب أمنية، حتى من دون خرق البيانات، ويمكن التعرف على المستخدمين بسهولة، لأن التطبيق يتطلب من المستخدمين إعطاء اسم حقيقي وهوية.

كما أن “كلوب هاوس” يجعل المستخدمين عرضة للمراقبة من قبل عملاء الحكومات المتسللين. تقول مروة فطافطة، مديرة سياسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منصة Access Now: “من الشائع جداً أن تقوم الحكومات بمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي والاستماع إلى محادثات الناس، أظن أن الحكومات وعملاءها موجودون بالفعل على التطبيق، ويستمعون”. 

وأضافت: “في رأيي إنها حقاً مسألة وقت حتى نسمع أن شخصاً ما تم اعتقاله بسبب حديثه على المنصة”.

البحث عن معارضين على “كلوب هاوس”

خطر آخر على هذه المنصة وهو استقصاء المعلومات من قبل “المستخدمين المارقين”، وكانت هناك أيضاً حالات في المملكة العربية السعودية على سبيل المثال، لمحادثات حساسة يتم تسجيلها على الشاشة ونشرها عبر الإنترنت. وفي مصر، زعم برنامج تلفزيوني موالٍ للحكومة أنه اكتشف -وسجّل- شبكة “إرهابية” في “كلوب هاوس”.

لا يسمح Clubhouse للمستخدمين بتسجيل الشاشة، وأضاف “ضمانات” لمنع حدوث مثل هذه الحوادث مرة أخرى بعد اكتشاف مستخدم واحد في الصين وهو يبث محادثات في مكان آخر عبر الإنترنت. لكنه يعترف بأنه “لا يمكننا التحكم في تصرفات المستخدمين على النظام الأساسي الذين قد يسعون إلى استخدام تطبيقات أو أجهزة تابعة لجهات خارجية لتسجيل أو تخزين أو مشاركة المحتوى أو الاتصالات دون موافقة مسبقة من المستخدمين الآخرين”.

توضح مدونة SIO طرقاً أخرى يمكن من خلالها التعرف على مستخدمي التطبيق، بما في ذلك كيفية توافق المسارات الصوتية الفردية مع معرفات مستخدم محددة. ورد Clubhouse على التقرير بالقول إنه كان يراجع ممارسات الأمان وهو “ملتزم بشدة بحماية البيانات وخصوصية المستخدم”.

الأمر الآخر، قد تكون عائلات وأصدقاء مستخدمي Clubhouse معرضين أيضاً لخطر تحديد الهوية. حالياً، الطريقة الوحيدة للوصول إلى التطبيق هي تلقي دعوة. ولكن لكي يحصل المستخدم على امتياز دعوة الآخرين معه يطلب Clubhouse الوصول إلى دفتر العناوين بالكامل، وهي مخاطرة كبيرة.

تقول فطافطة: “من الشائع جداً أن تقوم الحكومات بمراقبة أقارب وأصدقاء النشطاء، مهما كانت نوعية البيانات التي يمكنهم الحصول عليها فسوف يأخذونها”.

وأضافت أنه في العديد من دول المنطقة، يحتاج الناس إلى تقديم رقم هوية أو نسخة من جواز السفر عند شراء بطاقة SIM. لذا فإن ربط الأسماء بأرقام على التطبيق يجعل من السهل على السلطات تعقب شخص ما. يعني تبادل جهات الاتصال للدعوات هذا أيضاً أنه إذا قام شخص واحد بتنزيل Clubhouse وسمح له بالوصول إلى دفتر العناوين الخاص به، فإن التطبيق يحتوي على كل تفاصيل الاتصال هذه، دون علم هؤلاء الأشخاص الذين ربما لم يسمعوا من قبل عن التطبيق.

سياسة خصوصية “كلاوب هاوس”

تنص سياسة التطبيق على أنه “إدراكاً للطبيعة العالمية للإنترنت، فإنك توافق على الامتثال لجميع القواعد والقوانين المحلية المتعلقة باستخدامك للخدمة، بما في ذلك ما يتعلق بالسلوك عبر الإنترنت والمحتوى المقبول”.

تقول فطافطة إن المشكلة في ذلك هي أن “القوانين في المنطقة قمعية وغامضة وواسعة الصياغة بطريقة يمكن للحكومات تفسير أي نوع من الكلام والنشاط على الإنترنت لمقاضاة النشطاء والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، أو أي مواطن عادي لديه وجهة نظر لا تعجب النظام”.

في قضية وقعت العام الماضي، حكمت مصر على خمسة من المؤثرين في TikTok بالسجن وغرامات مالية لـ”انتهاك الآداب العامة” في مقاطع فيديو، وقد أُلغيت الأحكام الصادرة بحقهم في يناير/كانون الثاني.

والعديد من الشركات لديها بنود بالموافقة على مشاركة المعلومات مع السلطات في ظروف معينة. في عام 2019، أزالت Netflix حلقة من برنامج كوميدي أمريكي بعد أن اشتكت السعودية من انتقادها للحرب في اليمن وقتل خاشقجي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.