كيف تحول الزجاج المتناثر جراء انفجار مرفأ بيروت إلى مصدر رزق؟

أحدث انفجار مرفأ بيروت دامرًا هائل بالمدنية اللبنانية حيث كان الزجاج المتناثر يملأ الشوارع والأزقة بعدما ترك من وراءه أكثر من 180 قتيل وما يزيد عن ستة آلاف جريح.

ومنذ ذلك الحين لم تتوقف مساعي المجتمع المدني والجمعيات الأهلية فضلًا عن المبادرات الشخصية للمساهمة في إزالة الأنقاض ومحاولة تضميد جراح المتضررين.

مبادرات عديدة انطلقت في العاصمة اللبنانية بيروت، من بينها قيام مجموعة من المتطوعين، بجمع الزجاج المتناثر في الشوارع التي تعرضت مبانيها للدمار، وشحنه عبر سيارات نقل صغيرة إلى صناع الزجاج بمدنية طرابلس، حتى تتم إعادة تصنيعه من جديد في شكل أواني زجاجية منزلية.

الاستفادة من الزجاج المحطم

المهندس البيئي زياد أبي شاكر، كان متواجدًا بالقرب من المرفأ حينما وقع الانفجار. يقول بإنه سمع كيف تحطم الزجاج بطريقة مخيفة خلفت دمارًا هائلًا في الشقق السكنية والمطاعم والمكاتب التجارية.

ومضى في القول: “سريعًا بدأنا نفكر بطريقة للاستفادة من الزجاج المتناثر وعدم رميه في حاويات النفايات، لأن لبنان يعاني أصلا من أزمة نفايات وتم تقدير حجم الزجاج المحطم بنحو 7 آلاف طن، وهذه كمية كبيرة ولا يحتملها أي مطمر للنفايات في لبنان”، وفقًا لموقع (الجزيرة نت).

ويشير أبي شاكر إلى وجود فوائد اقتصادية لهذا المشروع، فمجهودهم لا يتوقف على إمداد المصانع بالزجاج مجانًا، لكنه يشمل تقديم مخصصات مالية لتشغيل عدد من العمال يساعدون في المشروع.

وأوضح أن “الفكرة تكمن في تأمين المادة الأولية التي كان مصيرها الرمي في النفايات، فنحن نقدمها مجانا لمصانع تعاني وتمر بأزمة اقتصادية خانقة، يعني بدل من أن يشتري المعمل الزجاج نقدمه مجانا، ثم يقوم المعمل بإعادة تصنيعه وتحويله لأوانٍ زجاجية يبيعها ويستفيد الجميع منها”.

10 أطنان من الزجاج

بدوره يقول المتطوع أنطوني عبد الكريم إنهم أرسلوا 10 أطنان من الزجاج لتلك المصانع التي تقوم بعملية إعادة تدوير الزجاج، موضحًا أن المصانع باشرت على الفور عملها، وأنهم مستمرون في إمدادهم بالزجاج تباعًا.

أمام مدير مصنع الزجاح حسن قبيطري فيقول، إن هنالك عدد كبير من المتطوعين يساعدون بيروت حاليًا حتى تخرج من محنتها، وهو سيعمل ما يقدر عليه بجانبه للمساهمة من أجل تخطي تلك الكارثة.

وقال: “بدلا من أن يطمروا الزجاج، ويضروا البيئة، نحن نأخذ هذا الزجاج ونعيد تدويره”.

وأوضح أبي شاكر أن المبادرة ممولة من متبرعين أفراد وأنها مستمرة طالما لا يزال هناك بقايا زجاج مهشم يمكن جمعها أو حتى نفاد المخصصات المالية المتاحة.

ترميم النوافذ الزجاجية

على صعيد موازٍ، لم تلقي كارثة انفجار مرفأ بيروت آثارها على عدد الضحايا بين قتيل وجريح، أو حتى ذلك الخراب الكبير لحق مباني العاصمة اللبنانية فقط، بل امتدت تلك الآثار لتشمل الأعمال الفنية والإبداية التي تشهدها المدينة.

ومن بين تلك الأعمال الإبداعية ما تقوم به الفنانة مايا حسيني، والتي تقف على عملية ترميم النوافذ الزجاجية الملونة المدمرة بفعل الحرب الأهلية في لبنان.

فمع لحظة الانفجار ضاع كل المجهود التي قامت به مايا طوال العشرين عامًا الماضي لتحل عليها كارثة بيروت في مقتل لكل أعمالها الفنية والإبداية خلال تلك الفترة الممتدة.

ترميم المعالم التاريخية

وتؤكد مايا (60 عامًا) أنها عملت على ترميم المعالم التاريخية في لبنان والتي من ضمنها العديد من الكنائس في العاصمة بيروت.

وقالت الفنانة التشكيلية بحسرة: “فيني أقول بها الانفجار 20 سنة من حياتي المهنية كانت بالأرض… شي من حالي راح”.

وأحدث الانفجار الهائل الذي جاء نتيجة تواجد مواد كيميائية شديدة الاشتعال تم تخزينها بصورة غير آمنة في داخل مستودعات مرفأ بيروت في الرابع من أغسطي الجاري، أحدث خرابًا كبيرًا في مباني المدينة التي امتلأت شوارعها بشظايا الزجاج المحطم.