ميزانية العراق 2020 : عجز هائل مع تداعي اسعار النفط

النفط العراقي يترنح بسبب الحرب النفطية بين روسيا والسعودية مصدر الصورة : الحرة
0

شارف الربع الأول من عام 2020 على الانتهاء، وفي العراق، كما في كل العالم، كانت هذه سنة صعبة جدا، على الرغم من أننا لا نزال في بدايتها، وفيما تتخذ أغلب دول العالم إجراءات مالية وقانونية للتكيف مع تحديات انتشار فيروس كورونا، المؤذية للاقتصاد، وكذلك الانخفاض الكبير في أسعار النفط، لا يزال العراق بدون موازنة مالية لهذا العام، بل أنه بدون حكومة فعالة منذ نحو أربعة أشهر.

ليس هذا فحسب، بل أن نوابا في اللجنة المالية في البرلمان العراقي يقولون إن وزارة المالية “تمتنع” عن إرسال مشروع الموازنة للبرلمان لإقراره بسبب “العجز الهائل” في الموازنة، والذي قد يصل إلى 40 مليار دولار (48 ترليون دينار)، وهذا العجز المتوقع تحدث عنه نواب في منتصف أغسطس 2019، حينما كان سعر النفط أعلى بنحو 20 دولارا للبرميل من سعره الحالي.

لكن إخفاء مشروع الموازنة في أدراج وزارة المالية العراقية، لا يعني أن المشكلة ستختفي، فالموازنة التي قد يصل حجمها إلى 135 مليار (بحسب تسريبات لنسخ متداولة من مشروع الموازنة) تخصص معظمها لدفع رواتب موظفي القطاع العام.

وقال المستشار الاقتصادي للحكومة المستقيلة مظهر محمد صالح في تصريحات صحفية إن “إن الإنفاق العام في العراق يشكل نحو 45% من الناتج المحلي الاجمالي”، محذرا من أن “توقف إقرار الموازنة وتعثر الإنفاق الاستثماري المخطط أو الجديد سيقودان إلى تزايد معدلات البطالة وارتفاع نسب الفقر بسبب النمو السنوي للسكان والقوى العاملة التي تتطلع إلى العمل، وبهذا ستتعطل الكثير من المصالح المترابطة والمعتمدة على الإنفاق الاستثماري ولاسيما الحكومي الجديد الذي يقود في نهاية المطاف إلى الركود.

وقال صالح إن “استمرار الركود لأكثر من ستة أشهر يقود لا محالة إلى الكساد ما يعني أن الخسائر الاقتصادية ستتسع لمفاصل الاقتصاد على نطاق واسع وهذا ما يجب تجنبه.

حرب النفط

وفيما لا تشير التسريبات الموجودة لمشروع الموازنة العامة لعام 2020 إلى سعر متوقع لبرميل النفط، الذي يعد الوارد الأساس في الموازنة، إلا أن موازنة عام 2019 اعتمدت سعر 56 دولارا للبرميل، في حين يبلغ سعر برميل خام البصرة الخفيف اليوم 38 دولارا، منخفضا عن 60 دولار للبرميل في نفس اليوم من الشهر الماضي.

ومع كل دولار ينخفض في سعر البرميل، يخسر العراق نحو 3.4 – 3.6 مليون دولار يوميا، أي أن العراق خسر في يوم 18 مارس 2020 نحو 75 مليون دولار بالمقارنة بواردات نفس اليوم من شهر فبراير الماضي.

كورونا

وبالإضافة إلى “حرب الأسعار” التي خاضتها السعودية وروسيا الأسبوع الماضي وتسببت بخسائر مالية عالمية كبيرة، يعد فيروس كورونا السبب الأكبر لتناقص الطلب على النفط ومن ثم انخفاض سعره.

فالطلب الصيني الكبير على النفط انخفض بمعدلات “تاريخية” بعد توقف المصانع الصينية بسبب الانتشار الكبير للفيروس على أراضيها، كما أن الطلب في أوروبا واليابان انخفض بمعدلات قياسية للسبب ذاته.

وفي العراق، ناشدت وزارة الصحة “المرجعيات الدينية والمجتمع” التبرع لدعم جهودها في مكافحة الفيروس. وقال وزير الصحة العراقي في تصريحات صحفية إن “الوزارة بحاجة ماسة لخمسة ملايين دولار لتمويل جهود احتواء كورونا.

ومع إن المقارنة غير دقيقة بسبب الفروق في حجم الاقتصاد، تخطط الولايات المتحدة لخطة بقيمة ترليون دولار لمواجهة الفيروس وأضراره الاقتصادية، كما أقر الرئيس الأميركي الأربعاء، قانونا بقيمة مئة مليار دولار لتوفير الفحوص المجانية والإجازات المدفوعة للمرضى بالفيروس خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

ومقارنة بهذه الأموال الهائلة، تبدو حاجة وزارة الصحة العراقية ضئيلة جدا، لكنها مع ذلك غير متوفرة.

وفرض العراق حظرا للتجوال وقيودا على الأعمال الصغيرة التي تقدم خدمات عامة مثل المطاعم والكافيهات والمولات التجارية، في محاولة لاحتواء انتشار الفيروس الذي يقتل المرضى في العراق بمعدلات عالية.

وسيتضرر القطاع الخاص العراقي بشدة بسبب هذا الحظر كما يتوقع الاقتصاديون العراقيون، كما أن الرغبة بالاستثمار قلت بشكل كبير بسبب المخاوف من كورونا، والوضع السياسي الحرج الذي يمر به العراق، وانخفاض السيولة المرتبط بعدم إقرار الموازنة.

ما هي الحلول؟

وقال استاذ الاقتصاد في الجامعة المستنصرية ميثم لعيبي لموقع “الحرة”، إن “الدولة ترتكز على خزين دولاري ضخم يصل إلى حدود 65 مليار دولار، وهو العكاز الوحيد المنقذ لها من خلال استنزافه في مزاد العملة، ما يعني ان الدولة يمكن ان تنفذ بجلدها من مثل هذه الأزمات وذلك بتحقيق استقرار سعري في الدينار العراقي، وهي احتياطيات كافية لهذا الغرض الأساسي لمدة زمنية قد تصل لسنتين أو أكثر، ما يعني أن الحكومة يمكن أن ترحل انفجار أزماتها اتكاءً على هذا الاحتياطي”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.