نساء قرى جبال الأطلس المغربية .. تحدي قسوة الحياة بلا رجال

معاناة كبيرة لنساء قرى جبال الأطلس المغربية
0

داخل قرى معزولة في جبال الأطلس المغربية يعيش عدد من النساء لوحدهن بلا رجال، بعد هجرة الرجال نحو المدن الكبرى بحثًا عن العمل ولقمة العيش الحلال، تاركين من ورائهم النساء لتحمل مشقات الحياة ورعاية الأطفال.

مسؤولات عن كل شئ

تعيش فاطمة في قرية “أنمل” الواقعة بضواحي مدينة ميدلت في جبال الأطلس المغربية ، وهي المسؤولة عن رعاية الأطفال وكل شئ، حيث تتحمل قسوة المناخ الثلجي بالإضافة لصعوبات الحياة، وفقًا لما ذكرته لموقع (اندبندنت عربية).

وتمضي فاطمة صاحبة الـ(39) ربيعًا في القول: ” تحاصرنا الثلوج في فصل الشتاء، وننقطع عن العالم، وعندما يمرض أحد الأطفال، يضطر النساء لأخذ الطفل في وقت مبكر حيث نمر بطرق وعرة للغاية حتى نصل إلى مستشفى المدينة”.

عملية جمع الحطب

ألعب دور الرجل والمرأة

وتقول فاطمة إن زوجها أحد العمال في مدينة الدار البيضاء، يأتي لزيارتهم مرة واحدة فقط كل عام، وذلك خلال مناسبة عيد الأضحى، مشددة على عدم وجود أي حل حاليًا سوى الصبر، حيث لا توجد أماكن للعمل في قريتهم.

وخلال كل هذا الوقت وهي وحيدة بلا زوج، تقوم فاطمة بأداء دور الأب والأم في آن واحد، حيث تهتم بأطفالها الثلاثة.

بدورها تحكى إيطو صاحبة الـ(41) قصتها التي بدأت منذ أن كانت في سن الثالثة عشر حينما تزوجت وهي صغيرة خوفًا من العنوسة، مشيرة إلى أن النساء في قراهم لا يتعلمن وليست لديهن حرفة، وأنها أجبرت على تحمل المسؤولية في سن مبكرة جدًا.

وتقول: “لم يكن سهلا علي كطفلة آنذاك أن أعتني بالبيت، وأعوض وجود زوجي في الخارج، لكن تعودت، وتعلمت من نساء القرية كيف يدبرن أمورهن”.

معاناة منقطة النظير لنساء مغربيات

ظاهرة مجتمعية

وفي هذا الصدد، يؤكد الباحث المغربي في علم الاجتماع محمد زروال، بأن ذهاب الرجال إلى المدن للبحث عن فرص العمل، أصبح بمثابة الظاهرة المجتمعية في قرى جبال الأطلس المغربية .

وأوضح زروال أن النساء المطلقات والعازبات أصبحن هن كذلك من هذا النوع من الهجرة خلال آخر عقدين، سيما مع الانتشار الكثيف لوسائل الاتصال، والتي تمكنهم من التواصل مع عائلاتهم، حيث تغيرت نظرة المجتمع فيما يخص خروج المرأة بحثًا عن العمل.

ظاهرة التحرش

وأبان الباحث المغربي في علم الاجتماع، أن ظاهرة هجرة الرجال دائمًا ما تعود آثارها على المجتمع بالسلب، وتحديدًا ذلك الجانب المتعلق بتربية الأطفال الذين يكبرون بعيدًا عن الأب، في الوقت الت الذي تكون فيه الأمهات منشغلات بتأمين شؤون الحياة المنزلية التي تتزايد كل يوم.

ويشير زروال إلى أن النساء يتحملن مهام قد تعرضهن لخطر محدق، مثل مهمة جلب الحطب وسقاية الأراضي الزراعية في المساء، والاعتناء بأطفال مرضى.

ويوضح أن تعرض النساء للمضايقات والتحرش أمر وراد حدوثه في ظل غياب الرجل، كما أن هذا الغياب من شأنه أن يدفع المرأة لمواجهة حياة تتسم بطبيعة ذكورية.

تداعيات نفسية واجتماعية

أما رئيس “العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان” بوبكر أونغير، فيقول إن وجود قرى بلا رجال أصبحت ظاهرة لافته، فالمرأة هنالك تتحمل عبئًا كبيرًا، الأمر الذي يلقي بآثاره على تربية الأطفال، مقدمًا الدعوة إلى أهمية مساعدة هؤلاء النساء، باتاحة مشاريع اقتصدية تمكنهم من العمل.

ومضى أونغير في القول: “لا بد من توفير خدمات قريبة، فعاناة كثير من نساء قرى جبال الأطلس المغربية في التزود بماء صالح للشرب، كما أن مدارس الأطفال تبعد مسافة طويلة”.

وختم فائلًا: “هجرة الرجال لأسر لديها تداعيات نفسية واجتماعية خطيرة على الأبناء، حيث يتركون الدراسة في عمر صغير وتنتشر عادة زواج القاصرات، كما نجد الفتيات يعملن في ظروف قاسية ويتعرضن للتحرش الجنسي والاستغلال في كثير من الأحيان”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.