هل تنساق القاهرة وراء حديث آبي أحمد المعسول حول السد أم سيقع الصدام؟
أصبح الحديث عن احتمالات تجنُب حرب المياه الأولى على كوكب الأرض بين مصر وإثيوبيا بلا معنى تقريباً، ولم يعد هناك مَن يصدق أن آبي أحمد رئيس الوزراء الحاصل جائزة نوبل للسلام “لن يضر مصر” كما قال أمس الثلاثاء 7 يوليو، والسؤال الآن ليس هل تستخدم مصر الخيار العسكري، بل متى وكيف؟
الحل في البيت الإفريقي
أمس الثلاثاء، أكد رئيس الوزراء الإثيوبي أن خلاف بلاده مع مصر حول تشغيل وفترة ملء سد النهضة “سيحل في البيت الإفريقي”، وقال نصاً: “لن نضر بمصر، وسنبدأ ملء السد للاستفادة من موسم الأمطار الغزيرة، لن نحرم مصر من الماء، وسنتوصل لاتفاق قريباً”، وفقًا لما ذكره موقع (عربي بوست).
عبارة “لن نضر مصر” أثارت السخرية وعدم التصديق بين غالبية مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، وأعاد كثير منهم نشر فيديو للقاء بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وآبي أحمد في القاهرة قبل عامين، حينما طلب السيسي من ضيفه أن يقسم أنه “لن يضر مصر”.
رفض إثيوبي
مسار الأحداث على مدى العامين الماضيين قد أظهر أن إثيوبيا ترفض التوقيع على أي اتفاق مُلزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، انطلاقاً من مبدأ أنها -أي أديس أبابا- تعتبر أن مياه نهر النيل ملك خاص لها تتصرف فيها كما تشاء.
وهذا الموقف بالطبع لم تفصح عنه أديس أبابا بشكل مباشر وعلني إلا في مارس الماضي، بعد رفضها التوقيع على اتفاق واشنطن الذي قدَّمت فيه مصر والسودان لإثيوبيا كل ما طلبته أثناء جولات المفاوضات التي استمرت في العاصمة الأمريكية على مدى شهور.
تناقض إثيوبي واضح
تصريحات آبي أحمد مساء أمس الثلاثاء حملت تناقضاً واضحاً، فمن ناحية يقول إن بلاده “ستبدأ في تعبئة خزان السد وتشغيله”، بينما تواصل عملية المفاوضات، ومن ناحية أخرى يقول إن بلاده لن تضر مصر ولن تحرمها من المياه.
وسر التناقض هنا هو أن المفاوضات الحالية هدفها الوحيد هو عدم البدء في تعبئة خزان السد وتشغيله قبل التوصل لاتفاق ملزم بين الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا)، وبالتالي إعلان إثيوبيا أنها ستبدأ عملية التخزين والتشغيل قبل التوصل لاتفاق هو في حد ذاته مؤشر على أنه لا توجد نية إثيوبية في التوقيع على أي اتفاقات ملزمة، بغض النظر عن مضمونها.
لعبة الخداع وتضييع الوقت
تصريحات آبي أحمد أثارت أيضاً انقساماً داخل الرأي العام المصري، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي؛ فهناك من يراها انتصاراً للسيسي ويراها في إطار “خوف” آبي أحمد وتراجعه، بدليل “الاستمرار في المفاوضات والتعهد بعدم الإضرار بمصر” في وجود مراقبين دوليين.
وهناك من يراها مواصله “للعبة الخداع وتضييع الوقت” المستمرة منذ توقيع إعلان المبادئ، في مارس 2015، خصوصاً أنها ليست المرة الأولى التي يتعهد فيها السياسي الإثيوبي الفائز بجائزة نوبل للسلام، العام الماضي، بأنه “لن يضر مصر”.
مواجهة على النيل
ونشرت التايمز البريطانية تقريراً بعنوان: “مواجهة على النيل: مصر تهدد بالحرب وإثيوبيا تستعد لملء السد“، تناول مسار الجولة الحالية من المفاوضات، وكيف أن الوقت ينفد سريعاً، ما يجعل الحرب الخيار الأقرب.
وبحسب التقرير، فإن بناء سد النهضة وتشغيله لم يعد نقطة الصدام بين البلدين، بل القصة الآن هي مياه النيل ذاتها، والتي تمثل شريان الحياة الوحيد لمصر، وفجأة قرّر الإثيوبيون أنها (مياه الأمطار) تمثل أيضاً لهم فرصة لأن يصبح بلدهم الأقوى في إفريقيا.
وبالتالي فإن إقدام أديس أبابا على البدء في تخزين المياه خلف السد وتشغيله في الأيام أو الأسابيع القادمة سيضرب وتراً حساساً للغاية لدى مصر والمصريين، وهو ما يعني أن الصدام أصبح شبه حتمي.