خاصيّة مقلقة تتسم بها السلالة الفرنسية من فايروس كورونا
أثار اكتشاف فرنسا لسلالة جديدة من فيروس كورونا قادرة على التهرب من اختبارات الكشف القياسية مخاوف إضافية بشأن تطورات الجائحة في ظل خاصية مقلقة تتسم بها السلالة الفرنسية من فيروس كورونا.
وقالت وزارة الصحة الفرنسية إنه تم اكتشاف مجموعة من الحالات من النوع الجديد في مستشفى في لانيون بمنطقة بريتاني بغرب البلاد، حسبما أفادت France 24.
وتستخدم اختبارات تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR) عبر أخذ مسحة من الأنف للكشف عن فيروس كورونا عادة، ولكن السلالة الفرنسية من فيروس كورونا لا يتم اكتشافها عبر هذا الاختبار.
ويبحث العلماء عن سبب عدم اكتشاف اختبارات تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR) الحالات الأولى لهذه السلالة.
وقال مسؤولون إن الباحثين في معهد باستير الفرنسي يحققون فيما إذا كانت التعديلات الجينية في السلالة الفرنسية من فيروس كورونا قد أدت إلى زيادة صعوبة اكتشافها.
كيف تم اكتشاف السلالة الفرنسية من فيروس كورونا؟
أدى وقوع عشرات من الوفيات مؤخراً في مستشفى بمدينة لانيون الواقعة على القنال الإنجليزي إلى إطلاق حالة التأهب بعد ما تمت دراستها، حسبما قال ستيفان موليز، مدير الخدمة الصحية الإقليمية في بريتاني، في مؤتمر صحفي أمس الثلاثاء.
وكانت النتيجة اكتشاف السلالة الفرنسية من فيروس كورونا لدى عدد من الحالات في بريتاني في النصف الأول من شهر مارس/آذار 2021، حسبما أعلنت هيئة الصحة الفرنسية (DGS).
وأظهر 7 من ضحايا السلالة الفرنسية أعراض فيروس كورونا الكلاسيكية على الرغم من أن سلبية نتائج اختبارات تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR)، والتي تحلل مسحات الأنف علماً بأنها عادة ما تكون دقيقة للغاية.
واعتباراً من 13 مارس/آذار 2021، تم العثور على ثمانية أشخاص يحملون السلالة الفرنسية من فيروس كورونا.
وكتبت هيئة الصحة الفرنسية: “العديد من المرضى الذين يعانون من أعراض تشير إلى الإصابة بفيروس Covid-19 حصلوا على نتائج سلبية من اختبارات PCR الأنفية”.
دفع هذا العلماء إلى إجراء تحليلات جزيئية في اختباراتهم، وبالفعل وجدوا دليلاً على السلالة الجديدة من الفيروس.
وأكدت العينات التي تم إرسالها إلى معهد باستير في باريس لدراسة التسلسل الجيني أنه كان نوعاً غير معروف سابقاً من الفيروس الذي قتل أكثر من 90 ألف شخص في فرنسا.
هل السلالة الفرنسية أخطر من الفايروس التقليدي؟
ولم تُظهر التحليلات الأولية أن السلالة الفرنسية من فيروس كورونا أكثر خطورة من الشكل الكلاسيكي للفيروس، حسب موقع The Connexion المعنيّ بأخبار فرنسا.
وقالت هيئة الصحة الفرنسية، في بيان، إن التحليل الأولي للمتغير الجديد “لم يجد أنه يظهر علامات على زيادة الخطر أو قابلية انتقال أعلى” مقارنة بالفيروس الأصلي.
وقال موليز إن الاختبارات الإضافية لعينات الدم والمخاط من أعمق في الجهاز التنفسي أكدت تشخيص المرضى المتوفين، بفيروس كورونا، علماً بأنهم كانوا جميعاً من كبار السن ولديهم مخاطر صحية كامنة (وهي الفئات الأكثر تعرضاً للوفاة في النسخة التقليدية من فيروس كورونا، الأمر الذي يؤشر إلى التشابه في طبيعية ومقدار الخطورة).
ولكن صغر حجم العينة التي جرت عليها الدراسة بسبب عدم انتشار السلالة الجديدة، يظل عائقاً أمام إصدارأحكام نهائية بشأنها.
ما هو تقييم منظمة الصحة العالمية للسلالة الجديدة؟
السلالة الفرنسية من فيروس كورونا هي واحدة من آلاف السلالات التي تنشأ بشكل طبيعي جراء تطور الفيروس، وُجد أن عدداً قليلاً فقط من هذه السلالات أشد خطورة أو أكثر قابلية للانتقال من الفيروس الأصلي.
ويوجد حالياً ثلاثة أنواع من فيروس كورونا تعتبر مقلقة من وجهة نظر السلطات الصحية في دول العالم، لأنها أكثر قابلية للانتقال أو تسبب أشكالاً خطيرة من فيروس، وهي سلالات بريطانيا وجنوب إفريقيا والبرازيل.
ولكن تم تصنيف السلالة الفرنسية الجديدة نظراً لأنه من الصعب اكتشافها في فئة “قيد التحقيق” التي تعني أنها سلالة “يجب مراقبتها” (وهي فئة تضم آلاف السلالات الأخرى).
هذا يعني أن السلالة الفرنسية من فيروس كورونا لها خصائص قد تكون إشكالية، لكنها انتشارها مازال على نطاق صغير جداً حالياً.
إذن في الوقت الحالي، فإن السلالة الفرنسية من فيروس كورونا لا تعتبر مقلقة بدرجة كافية ليتم وضعها في فئة المتغيرات المثيرة للقلق التابعة لمنظمة الصحة العالمية، حسب موقع Medical Xpress.
السلالة الفرنسية تستهدف أجزاء معينة من الجسم
ولكن اللافت أن آلان تيرتر، المدير الإقليمي لوكالة الصحة الوطنية في سانتي بوبليك، قال: “أحد الاحتمالات هو أن السلالة الفرنسية من فيروس كورونا تنتشر بسرعة أكبر بين الجهاز التنفسي العلوي والأجزاء السفلية من الجسم”.
كما قد يكون من المثير للقلق أيضاً أن استخدام المسحات لتعقب انتشار فيروس كورونا هو من الأسلحة التقليدية لمكافحة الوباء.
فالتوسع في المسحات، من النصائح المتكررة لاحتواء الجائحة، لأنه يساعد على رصد الحالات.
ويعني عدم فاعلية المسحات فقدان هذه الأداة المهمة في المعركة ضد كورونا.
وفي هذا الإطار، قال المسؤولون الفرنسيون إنهم كثفوا جهود الاختبار والتعقب، لتحديد ما إذا كان البديل قد انتشر إلى مناطق أخرى.
ما مدى فعالية اللقاحات في التصدي للسلالة الجدية ؟
تجري الأبحاث لمعرفة ما إذا كان الأشخاص الذين أصيبوا بالفعل بـ Covid-19 محصنين ضد السلالة الفرنسية من فيروس كورونا، وكيف تستجيب السلالة الجديدة للقاحات الموجودة أم لا.
ونبهت فرنسا وكالات الصحة الدولية إلى السلالة الجديدة، وأطلقت السلطات الفرنسية في المنطقة عملية مراقبة لتتبع الفيروس المتحور.
وستقوم هيئة الصحة المحلية في بريتاني بتسريع التطعيم في المنطقة، ونصحت الأشخاص في المناطق المعنية بضمان حفاظهم على التباعد الاجتماعي والحد من التجمعات.
وقاومت الحكومة الفرنسية الدعوات إلى إغلاق جديد في مواجهة الحالات المتزايدة ، حيث تجاوز عدد الإصابات اليومية حاجز 20 ألفاً.
وواجهت حملة التطعيم المتعثرة مأزقاً جديداً، أمس الأول الإثنين، حيث انضمت فرنسا إلى دول أوروبية أخرى في تعليق استخدام لقاح AstraZeneca المعروف باسم لقاح أكسفورد وسط مخاوف من الآثار الجانبية الخطيرة المحتملة.
وقال رئيس الوزراء الفرسني جان كاستكس: “الوضع لا يتحسن، هناك عدد أعلى وأعلى من الإصابات والمستشفيات مثقلة للغاية بالعديد من المرضى، الذين يقل متوسط أعمارهم والذين لا يعانون دائماً من أمراض مصاحبة” ، حسبما أفادت “فرانس 24”.
وأبلغ كاستكس المشرعين، أمس الثلاثاء، أن الانتشار الواسع للمتغيرات الثلاثة يعني أن فرنسا الآن في “نوع من الموجة الثالثة” من الوباء، بعد زيادة الحالات في مارس/آذار الماضي ثم مرة أخرى في الخريف.
وقال في البرلمان: “تعمل مستشفيات باريس على وجه الخصوص على استيعاب مرضى COVID في العناية المركزة”.
وتتزايد التكهنات باحتمال فرض قيود جديدة على منطقة باريس.