“أوقفني” .. مبادرة إنسانية لطبيب يمني في زمن الجائحة
“أوقفني إن كنت تريد استشارة طبية” بهذه العبارة التي كتبها على سيارته، قدم طبيب يمني مبادرة إنسانية مجانية لعامة الناس، من خلال تقديم الاستشارات الطبية اللازمة لهم بالتزامن مع تفشي فيروس كورونا.
مبادرة “أوقفني”
وابتدع الطبيب سامي الحاج (طب بشري وجراحة)، هذه المبادرة الأولى من نوعها، وكتب على زجاج سيارته الخلفي “أوقفني إن كنت تريد استشارة طبية” في خطوة قوبلت بتفاعل مجتمعي، وإقبال كبيرين من عامة الناس الذين بدأوا يستوقفونه للحصول على استشاراتهم الطبية اللازمة.
إغلاق المستشفيات
هذه اللفتة حظيت بإشادات مجتمعية واسعة، عبّرت عنها أحاديث اليمنيين في مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً أن المبادرة جاءت في ظل إغلاق معظم المستشفيات أبوابها أمام المرضى، وندرة الكوادر الطبية التي تقدم الاستشارات اللازمة للأعداد المتزايدة من المرضى.
وقال الطبيب الحاج، “نعلم تكاليف الاستشارات الطبية، وجداول المواعيد الطويلة في المرافق الطبية، ومشاعر القلق التي تعتري الكثير من الناس خوفاً من الذهاب للمستشفيات، إضافة إلى الكم المتزايد للمراجعين لدى معظم مستشفيات العاصمة صنعاء”، وفقًا لموقع (اندبندنت عربية).
تفاعل مجتمعي
وأوضح “أنها مبادرة إنسانية مقصدها إنساني فقط، خدمة للمجتمع وللفئات الفقيرة عقب استقباله لعشرات الاستشارات الطبية عبر وسائل التواصل الاجتماعي في ظل تفشي جائحة كورونا، وأوبئة أخرى تشهدها اليمن”.
ولفت إلى أن عمله مع إحدى الشركات الطبية التي تقدم خدمة “اطلب طبيب أونلاين” خلال فترة الحجر الصحي، ألهمته لتنفيذ فكرة مماثلة لتوعية اليمنيين ليبدأ من صفحته الشخصية على فيسبوك، لإرشاد الناس، والرد على استفساراتهم الخاصة عن كيفية التعامل مع تفشي كوفيد19-، وغيره.
نحو الطبقة الفقيرة
بما أن غالبية الشعب اليمني من الطبقة الفقيرة التي لا تعرف وسائل التواصل الاجتماعي، رأى الطبيب الحاج أن الاعتماد على مواقع التواصل لوحده لا يكفي لإيصال مبادرته لكافة فئات المجتمع، لهذا “قررت أن أقدم خدمتي الإنسانية للفقراء والبسطاء الذين لا يعرفون السوشيال، وبدأت أقدم استشارات طبية على مستوى الحي، ومن ثم توسعت الفكرة لتشمل تقديم استشارات لكل الناس، ولهذا كتبت لوحة على زجاج سيارتي، واستهدفت الناس الذين قد لا يملكون المال، أو الوعي الكافي للتوجه إلى المستشفى”.
تفاعل بين الناس
وعن تقييمه لمدى نجاح هذه التجربة يؤكد “وجدت تفاعلاً من الناس، وبات كثير منهم يوقفونني للحصول على إرشادات طبية، كلٌ بحسب حالته الصحية، كما تصلني اتصالات يومية من هواتف أرضية لأناس فقراء لا يملكون هواتف خاصة”.
ويقدم الدكتور سامي إرشاداته الطبية بناءً على الحالة الصحية للحالات التي تستوقفه، “هناك من تظهر عليه أعراض المرض بشكل واضح، وهناك من يعاني فقط من قلق وتوتر نفسي، والبعض يحتاج وصفة علاجية فقط مع عزل صحي في البيت”.
منطلق إنساني ووطني
ويحث الدكتور سامي زملاءه الأطباء لتقديم المزيد من الجهود لخدمة أبناء وطنهم من منطلق إنساني ووطني، لما يمثله دور الأطباء اليوم من أهمية كبرى باعتبارهم خط الدفاع الأول، والجيش الأبيض في مواجهة هذه الجائحة، “لهذا فالوطن اليوم بحاجتنا أكثر من أي وقت مضى، كلٌ بجهده.”
لا لحب الظهور
البعض قابل مبادرة الدكتور سامي بانتقادات، إذ اعتبروها وسيلة للشهرة، فيما تحجج آخرون بأن الاستشارات الطبية مكانها المرافق الطبية والمختبرات، وفي ردّه على ذلك أجاب “أنا بهذه الطريقة سهلت الحصول على الاستشارة الطبية، لكني لا أستغني ولا ألغي دور المنشآت الطبية بالفحص والمعالجة اللازمة، والمبادرة بعيدة كل البعد عن الشهرة، أو حب الظهور.”
وتعاني اليمن، من تفشٍ واسع للأوبئة، والأمراض والحميات بما فيها فيروس كورونا المستجد الذي انتشر في أنحاء البلاد، وتسبب في وفاة نحو 90 حالة حتى اليوم، وفقًا للأرقام الصادرة عن جهات رسمية.