برلين .. الملاذ الآمن للمثقفين السوريين بعد باريس
برلين عاصمة ألمانيا، المدينة الساحرة التي احنضنت المثقفين السوريين المهاجرين وعوضتهم عن سنين الحرب والدمار والتشرد وصارت الملاذ الآمن لهم بعد سوريا .
وجاء في تقرير في موقع “ الشرق الأوسط ” أن باريس كانت حلم المثقفين السوريين. منهم من اختار الدراسة هناك بحكم تأثير الانتداب الفرنسي، ومنهم من هرب من النظام على «أعناق» الإبداع إلى العالم الحر. لم تخيّب المدينة كثراً منهم وأصبحت «عاصمة النور» مدينتهم المختارة في المهجر. السنوات الأخيرة غيّرت المعادلة نسبياً. النزاع الأخير هجّر الناس والعقول وضخّم الشتات وضاعف المعاناة.
بلغ العدد الكلي للمهاجرين السورين في العاصمة الألمانية 36 ألف سوري اختاروا الاستقرار في برلين، غريمة باريس بعد أن كانوا يفضلون فرنسا .هذه الجارة التي لم تعد تشهد انقساماً منذ التسعينات، كسرت جدارها، وفتحت بابها مرحبة بتعددية الثقافات، فأصبحت جذابة لمثقفي وفناني سوريا الذين اعتبروها منبراً للإبداع. فهل أصبحت برلين مدينتهم المشتهاة؟
الموسيقى
باريس كانت دائماً مدخلاً لإلهام ثقافي نوعي وربما لم تكن تضم العدد ذاته من المبتعثين الذي ضمته موسكو، بسبب العلاقة السياسية بين سوريا والاتحاد السوفياتي والكتلة الشرقية.
الكاتب والمترجم والناقد بدر الدين العرودكي استذكر سنواته الأولى في باريسحيث قال: «اقتصر وجود السوريين في باريس حتى نهاية سبعينات القرن الماضي، على طلبة الدراسات العليا، خصوصاً كبار التجار الذين كانوا قد غادروا سوريا إلى لبنان أولاً بعد قرارات التأميم أثناء الوحدة السورية المصرية، من ثمّ اضطروا إلى مغادرتها بعد بدء الحرب الأهلية عام 1975 إلى المغرب الأقصى أو إلى باريس». وأضاف: «لذا؛ لم يكن بالوسع الحديث عن (جالية) سورية منظمة بباريس آنذاك».
الثورة السورية حاضرة
وحول وضوح المشهد الثقافي السوري في بارس قال العرودكي: «لا يزال موجوداً، بل وأكثر من أي وقت مضى؛ لكن مع كثير من الاختلاف في طبيعة الفعاليات والنشاطات التي نظمت ولا تزال نتيجة الثورة السورية ومآلات الحدث السوري منذ ثماني سنوات».
واستطرد العردوكي: «لا يمكن القول إن برلين أصبحت عاصمة الثقافة السورية في المهجر الجديد عوضاً عن باريس؛ لأن باريس تبقى ملتقى معظم ثقافات العالم ومنها السورية بالطبع»، ويضيف: «أفضل القول إن برلين أصبحت عاصمة أخرى وكبيرة للثقافة السورية في المهجر. وذلك نتيجة الكثير من الفعاليات والنشاطات التي ينظمها السوريون بدعم ومشاركة من المؤسسات الألمانية وكل المتعاطفين مع قضية الشعب السوري».
أحد المثقفين السوريين في برلين هو أنور البني، المحامي السوري الذي شغل البني منصب رئيس مركز البحوث والدراسات القانونية بتمويل من الاتحاد الأوروبي الذي كان يهدف لتدعيم حقوق الإنسان وتعزيزه في البلد؛ لكن المركز أُغلق بأمر من السلطات السورية بعد اعتقاله عام 2006، ليُطلق سراحه في عام 2011. استمر في الدفاع عن حقوق المعتقلين واضطر إلى مغادرة سوريا عام 2014، ليستقر في عاصمة ألمانيا برلين، حيث عمل على فتح ملفات مجرمي الحرب في بلده. كما عمل على دعم العدالة الانتقالية.
حاليا يشغل البني منصب مدير «المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية»، وكان له دور فاعل في إصدار مذكرات التوقيف الألمانية الفرنسية بحق عدد من رموز النظام السوري. عن ذلك قال: «الهدف الأساسي من مذكرات التوقيف إبعاد رموز النظام عن مستقبل سوريا، وألا يكون لنظام الأسد دور في مرحلة انتقالية».
سوريا في القلب
وقال البني : «أعيش في برلين، لكن في داخلي أنا ما زلت في دمشق، أريد العودة». أما علاقته مع الجالية السورية في برلين وطيدة وحيويةحيث قال: «عدد السوريين في برلين ليس كبيراً، لكنّهم نشيطون وباتوا ظاهرين في المجتمع».
مثقفو سوريا كانوا في فرنسا
وعن حلول برلين محل باريس كعاصمة بديلة للمثقفين السوريين قال: «باريس كانت منتدبة على سوريا وبالتالي بدايات المعارضة معظمها سافرت إليها، وبخاصة اليسارية». وأضاف: «الإخوان المسلمين تفرقوا بين ألمانيا وبلجيكا، لكن معظم السوريين كانوا في فرنسا»، لافتاً إلى أن «باريس عاصمة النور؛ لذا كانت المقصد».