عقوبات قيصر .. تهدف لإسقاط الأسد لكنها تضاعف معاناة الشعب السوري
منذ دخول قانون عقوبات قيصر حيز التنفيذ في 17 يونيو الماضي، شكل بوصفه أحدث إجراء أميركي ضد نظام الأسد واحدا من أهم الإشارات التي أحالت المتابعين إلى التنبؤ باقتراب ساعة سقوطه.
حيث ذهبت كل القراءات والتحليلات السياسية إلى التأكيد على أن دخول قانون عقوبات قيصر الأميركي المفروض على نظام الأسد ستكون بمثابة الضربة القاضية لنظام يقوده بشار الأسد واستبسل طيلة عقد من الزمن دون الرضوخ إلى الدعوات الدولية للتخلي عن الحكم.
تراكم الضغوط
لا تتوقف الإشارات المنبئة بنهاية نظام عائلة الأسد، عند قانون قيصر أو الخلافات العائلية التي ظهرت للعلن، بل غذتها أزمة لبنان المجاور الذي يعيش على وقع انهيار اقتصادي يلقي بظلاله على دمشق حيث يوجد ما قيمته 40 مليار دولار من الأصول السورية التي تعد حلقة الوصل الرئيسية بين سوريا والاقتصاد العالمي والحال أن الحكومة السورية في حاجة ماسة للسيولة النقدية.
وبحسب المراقبين، فإن قانون قيصر يعد النقطة الأقوى التي يكابد النظام السوري لتلافيها لأنه يعرف أن تراكم الضغوط سيفرض عليه سياسة الأمر الواقع ويفضي إلى رحيل الأسد.
لكن إلى حدود اللحظة، فعلى الرغم من أن الهدف الرئيس لقانون قيصر هو خنق بشار الأسد ودفعه نحو الخروج من الحكم، فإنه على أرض الواقع تشي كل التطورات إلى أن النتيجة الراهنة تشير إلى أن القانون الأميركي زاد من معاناة السوريين.
المعاناة من نصيب الشعب السوري
ويجادل الخبراء بخصوص هذه النقطة الأخيرة بالارتكاز على حقيقة أن العقوبات الأميركية على النظام السوري، ليست العقوبات الأولى، حيث استهدفته عقوبات أميركية وأوروبية سابقة على حد السواء منذ سنوات عندما كانت سوريا تتمتع بقدرات اقتصادية، حيث طالت شركات ورجال أعمال وقطاعات مختلفة، لكن النظام صمد فكانت المعاناة فقط من نصيب الشعب السوري الذي يدفع التكلفة الاقتصادية.
إن قانون قيصر يوسع دائرة الاستهداف للنظام السوري لتطال أذرعه أيضا من مسؤولين سوريين وكيانات أجنبية منها حزب الله اللبناني وميليشيات إيران التي تتعامل مع الحكومة.
وينص القانون بالتحديد على اتخاذ إجراءات خاصة بحق المصرف المركزي السوري إذا ثبت أنه “مؤسسة مالية أساسية في عمليات تبييض الأموال”.
شركات مخلوف
وبحسب صحيفة (العرب اللندنية) تقول في هذا الصدد الكاتبة كالي روبنسون في تقرير نشره مجلس العلاقات الخارجية الأميركي إنه من أجل تعزيز خزائنها، طالبت دمشق بمئات الملايين من الدولارات من قيمة الضرائب المتأخرة من الشركات التي حققت أرباحا من وراء الحرب، بما في ذلك شركات مخلوف.
ومنذ ذلك الحين ثارت خلافات بين الأسد ومخلوف، وانتقد مخلوف الأسد علانية. ويقول الخبراء إنه من الممكن أن تكون هذه نقطة تحول، حيث إن مخلوف شخصية محبوبة وذات نفوذ، فمئات الآلاف من السوريين يعتمدون في معيشتهم على شركاته، وجمعياته الخيرية.
وقد حذا أفراد آخرون من العائلة حذو مخلوف في انتقاد النظام، ومن الممكن أن يشعر المزيد من السوريين بالجرأة لأن يفعلوا نفس الشيء.
معاناة الشعب السوري
بات الاقتصاد السوري المرهق يقلق السوريين، كما يقلق الحكومة. فأكثر من 80 في المئة من السوريين يعيشون في براثن الفقر، وانخفضت قيمة العملة السورية انخفاضا شديدا من 700 ليرة مقابل الدولار في يناير إلى 3500 ليرة في يونيو الماضي.
واندلعت احتجاجات في المدن التي يسيطر عليها النظام- حيث من النادر أن يظهر المواطنون هناك أي اعتراض- و طالب المئات من المتظاهرين بتنحي الأسد.
عجز حكومة الأسد
ويقول في هذا الصدد، الكاتب العراقي فاروق يوسف “سقط النظام أم لم يسقط فإن ذلك الغد لن يأتي. لقد دُمرت سوريا وليس في الإمكان إعادة إعمارها وبالأخص بعد أن وضعت الولايات المتحدة نفسها وصية على الاقتصاد السوري بتحريض من بعض السوريين المقيمين فيها والذين تتحكم فيهم عقدة الانتقام من كل ما هو سوري بحجة كراهية النظام”.
ويضيف “سيكون قانون قيصر الذي أصدره الكونغرس الأميركي عقبة في طريق أيّ محاولة لإنقاذ سوريا بغض النظر عمّن يحكمها”، مضيفا أنه قبل صدور القانون بسنوات خرجت القضية السورية من أيدي السوريين وصارت جزءا من لعبة أممية.