ما سرّ العلاقة الشائكة بين أيلون ماسك والعملة الرقمية “بيتكوين”؟
تسبّبت تغريدات إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة “تسلا” الأمريكية لصناعة السيارات الكهربائية، في تأرجح أسعار العملة الرقمية “بيتكوين” صعوداً وهبوطاً هذا العام، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Wall Street Journal الأمريكية.
كانت الأسعار قد ارتفعت بنسبة 20% تقريباً صباح أحد أيام شهر يناير/كانون الثاني عندما أضاف ماسك هاشتاغ “bitcoin” إلى سيرته الذاتية عبر حسابه على موقع تويتر وقفز سعر العملة بنسبة 16% في يوم واحد في الشهر التالي بعد أن كشفت شركة “تسلا” أنَّها اشترت عملة بيتكوين بقيمة 1.5 مليار دولار.
ثم في وقتٍ سابق من هذا الشهر مايو/أيَّار، كتب ماسك تغريدة أعلن فيها أنَّ “تسلا” لن تقبل بدفع قيمة سياراتها بعملة بيتكوين، بسبب المخاوف البيئية المتعلقة باستخدام الطاقة الكهربائية بشكل كثيف في إنتاجها.
يلقي المستثمرون باللوم على هذه التغريدة في تدشين أقسى موجة عمليات بيع للعملة هذا العام، وهو تراجع قضى على المكاسب التي تحققت منذ أواخر يناير/كانون الثاني. انخفضت أيضاً قيمة بيتكوين بنحو 40% منذ تغريدة إيلون ماسك في مايو/أيَّار بعد أن كانت العملة قد وصلت إلى ذروتها في منتصف أبريل/نيسان قرب 65 ألف دولار.
بعد ذلك في الأسبوع نفسه، غرد قائلًا: إن شركة تسلا لم تقم ببيع عملة البيتكوين في الفترة الأخيرة، الأمر الذي بدا أنه أوقف الانخفاض قليلاً؛ حيث حافظت عملة البيتكوين على أسعارها عند حوالي 45 ألف دولار.
إيلون ماسك والبيتكوين علاقة شائكة
وأثارت تقلبات البيتكوين جراء تغريدات إيلون ماسك تساؤلات كثيرة حول مدى قوة سوق العملات الرقمية المشفرة التي أثبتت أنها هشة للغاية من واقع تأثرها وهبوط أسعارها أو ارتفاعها بشكل حاد بتغريدة واحدة فقط.
كان العديد من المستثمرين سعداء بتجاهل تغريدات ماسك باعتبارها ضجيجاً غير مؤثر في مسار عملة بيتكوين. واحتفى بعض المستثمرين، لا سيما الوافدين الجدد إلى سوق العملات الرقمية المشفرة، بحقيقة أنَّ ماسك كان يعرب عن دعمه لعملة بيتكوين.
لكن سعادتهم تبدّدت الآن بعد انخفاض الأسعار، ويشعر الكثير منهم بالغضب الشديد.
قالت هيدي تشاكوس من البرتغال، التي استثمرت في عملة بيتكوين منذ عام 2014: “ماسك يعرف أنَّه يتمتع بقدر كبير من التأثير وقد أظهر مدى رغبته في التلاعب على حساب أولئك الذين يتبعونه”.
وأضافت أنها انزعجت بشدة عندما شاهدت تغريداته الأخيرة، التي أثارت الذعر والتكهنات حول ما إذا كانت شركة “تسلا” تستعد للتخلي عن حيازاتها من عملة بيتكوين.
وكان إيلون ماسك قد أشار إلى أن تسلا لن تبيع أي عملة بيتكوين وستستأنف استخدام العملة المشفرة في المعاملات عند معالجة المخاوف البيئية المرتبطة بعملة بيتكوين.
تعليقاً على ذلك، قالت هيدي تشاكوس: “أشعر بالأسى تجاه أي شخص يتخذ قرارات استثمارية بناءً على تغريدات شخص يحاول فقط أن يبقى ذا صلة ويستغل منصته”، مضيفة أنها لا تخطط لبيع حيازاتها من العملة المشفرة، بغض النظر عما سيقوله ماسك لاحقاً.
تغريدات (إيلون ماسك) لم تقتصر فقط على عملة البيتكوين بل كان للعملات الرقمية المشفرة الأخرى نصيب من تقلبات الأسعار المفاجئة بعد تغريد منه، ففي الأسبوع قبل الماضي صعد سعر عملة (دوجكوين) Dogecoin للأعلى بنسبة 30% بعد تغريدته التي ذكر فيه أنه يعمل مع مطوري هذه العملة لتحسين كفاءتها، حسبما ورد في تقرير لموقع قناة “العربية“.
يربح من البيتكوين أكثر من سيارات تسلا
يقول جالين مور Galen Moore مدير البيانات في موقع CoinDesk المتخصص في أخبار العملات الرقمية المشفرة وتحليلاتها: “هناك القليل من الأسئلة أصبحت تظهر بعد تحرك سعر عملة البيتكوين بعد تغريدات (إيلون ماسك)، كما أنه يثير أيضاً أسئلة غير مريحة حول التلاعب بالأسعار”، حسبما نقل عنه موقع العربية.
ففي شهر فبراير/شباط الماضي اشترت شركة تسلا 1.5 مليار من عملة البيتكوين، مما ساعد في رفع الأسعار إلى أعلى مستوى لها في ذلك الوقت، ثم باعت لاحقاً حوالي 10% منها لتصل قيمتها إلى 101 مليون دولار وفقاً لتقرير أرباح الشركة للربع الأول من هذا العام، وقد حققت شركة تسلا من عملية البيع هذه أرباحاً قياسية، وفي الواقع بحسب تقرير حديث فإن الشركة قد حققت أرباحاً من بيع عملة البيتكوين أكثر من بيع سياراتها الكهربائية في عام 2020 بأكمله.
وبحسبة مبنية على أساس سعر 55 ألف دولار، فإن استثمارات تسلا في بيتكوين والتي يفترض أنها وضعت في 31 يناير/كانون الثاني الماضي، حققت بعد نحو 20 يوماً فقط ربحاً بقيمة 930 مليون دولار.
هل يستفيد من التغريدات؟
ودافع ماسك عندما تمت استضافته في البرنامج الأمريكي الشهير “Saturday Night Live” عن طرائفه وسلوكه الغريب قائلاً: “إلى أي شخص أسأت إليه، لقد أعدت اختراع سيارات كهربائية وأرسل الناس إلى المريخ في سفينة صاروخية. هل تعتقد أنَّني سأكون شخصاً عادياً؟”.
يرى منتقدو ماسك أنه ليس بطلاً شعبياً، مشيرين إلى التفاوت المتأصل في النفوذ والقوة بين ماسك، أحد أغنى الرجال في العالم، والأفراد الذين ربما يتابعون تغريداته باعتبارها بوصلة الاستثمار.
قال لارك ديفيس، مستثمر بيتكوين في نيوزيلندا يعمل في السوق منذ عام 2017: “لا يهتم شخص مثل إيلون ماسك بسلامتك المالية. إنه يستمتع فحسب”.
وأشار ديفيس إلى أن انخفاض أسعار بيتكوين في الشهر الماضي يعود جزئياً إلى تخلّي المستثمرين عديمي الخبرة عن حيازاتهم عندما شعروا بالفزع من التحول في موقف ماسك تجاه عملة بيتكوين وموجة البيع اللاحقة.
لاحظ المستثمرون أيضاً أن ثمة عوامل أخرى سرَّعت وتيرة اتخفاض قيمة بيتكوين، من ضمنها السلطات الصينية التي تقول إن المؤسسات المالية لا ينبغي لها قبول العملات الافتراضية في عمليات الدفع، بالإضافة إلى تراجع عام عن الأسواق التي استفادت من الزخم في وقتٍ سابق من العام.
يقول ديفيس: “للأسف، أصبح المؤثرون الكبار مثل إيلون ماسك قادة رأي مؤثرين للغاية في هذه الصناعة”، مضيفاً أنه من الأفضل للمستثمرين الجدد “الابتعاد عن آراء هؤلاء المؤثرين وإجراء أبحاثهم الخاصة حول العملات المشفرة وكبح جماح توقعاتهم بشأن جني مكاسب سهلة وسريعة”.
بجانب تغريداته المثيرة للجدل عن العملات الرقمية المشفرة، لا يُعرف- حتى الآن- فيما إذا كان إيلون ماسك الذي يعتبر ثاني أغنى رجل في العالم، يشتري عملة البيتكوين أو يبيعها بعد تغريداته، وذلك بسبب أن العملات الرقمية المشفرة، مثل: عملة البيتكوين لا تخضع لقوانين المؤسسات المالية الحكومية، أو رقابة أسواق الأسهم بشكل شامل.
الحرب على إيلون ماسك
الشيء المؤكد هو أن رائد الأعمال والملياردير الشهير أصبح شبه متحكم في أسعار العملات الرقمية المشفرة بتغريداته المفاجئة في دعم عملة ما أو التحذير من عملة أخرى؛ مما يؤثر بشكل ما على توجهات المستثمرين ومن ثم أسعار هذه العملات صعوداً وهبوطاً، حسب تقرير العربية.
وذكرت تقارير إعلامية أن أصحاب عملات البيتكوين قرروا بعد انهيار سعر عملتهم المشفرة حرمان إيلون ماسك من السيطرة على شركته تسلا، حسبما ورد في موقع “روسيا اليوم“.
وأفيد بأن مالكي عملة البيتكوين المشفرة قرروا إعلان الحرب على ماسك، ولهذا الغرض قاموا بتأسيس “توكين”، وحدة حساب خاصة بهم ووضعوا لها الرمز “ستوب إيلون”، وقد تجاوز سعرها بالفعل 22 مليون دولار، بمعدل نمو يومي يبلغ 125%.