هل تعود أمجاد أيمن الظواهري بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان؟

0

هل يؤدي الانسحاب الأمريكي من أفغانستان إلى استعادة زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري لقوته بعدما خبا دوره بشكل كبير خلال السنوات الماضية، وأصبح لا يلقى اهتماماً حتى من الدوائر الأمنية الأمريكية المعنية بالإرهاب.

وكان وضع تنظيم القاعدة في أفغانستان هو إحدى أكثر النقاط جدلية في قضية الانسحاب الأمريكي من أفغانستان.

فلقد كانت القاعدة هي السبب في التورط الأمريكي في هذا البلد بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، واليوم مازال التنظيم قائماً وأيمن الظواهري أحد أبرز الشخصيات المتهمة بالتخطيط لهذه الأحداث يعتقد أنه مازال مختبئاً في أفغانستان رغم أنه أصبح أقل خطورة مما مضى.

أين يوجد أيمن الظواهري؟

تأسست القاعدة في أفغانستان، وكانت مقر مؤسسها الراحل أسامة بن لادن عندما خطط لهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على نيويورك وواشنطن. 

وبعد مقتل بن لادن في باكستان على يد القوات الأمريكية الخاصة، خلفه الجهادي المصري أيمن الظواهري في رئاسة القاعدة، وهو شخصية تميل للتنظير ولكنها أقل تأثيراً من بن لادن.

ويعتقد أن أيمن الظواهري يسكن في منطقة مجهولة تحكمها طالبان ولا تزال المكافأة البالغة 25 مليون دولار أمريكي عن اعتقاله قائمة.

واضطر الظواهري إلى البقاء مع مستوى نشاط منخفض للغاية، على الأرجح حول الحدود الأفغانية الباكستانية، وسط تكهنات حول ما إذا كان لا يزال على قيد الحياة، في حين أن الجماعة تحولت الآن إلى شيء مختلف تماماً عما كانت عليه.

وقال باراك مندلسون، خبير الإرهاب في كلية هافرفورد في بنسلفانيا، لوكالة فرانس برس، إن “الجزء المركزي من تنظيم القاعدة هو مجرد ظل لما كان عليه في السابق، كان ما فعله الظواهري هو إبقاء القاعدة على قيد الحياة فقط”، حسبما ورد في تقرير لموقع The Economic Times

وأضاف مندلسون أنه بدلاً من أن يكون لدى القاعدة مركز متماسك لصنع القرار، أصبحت قيادة التنظيم الآن أقرب إلى “مجلس المستشارين” الذي يجمع الجهاديين في جميع أنحاء العالم ويساعدهم.

ووفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن مشروع مكافحة التطرف البحثي (CEP)، “فإن القاعدة تحت قيادة الظواهري أصبحت لا مركزية بشكل متزايد، وباتت السلطة بشكل أساسي في أيدي القادة المنتسبين للقاعدة في البلدان المختلفة”.

وقال إن الظواهري لعب بالفعل دوراً رئيسياً في إعادة تنظيم العديد من الجماعات الجهادية تحت مظلة القاعدة.

هل هو على قيد الحياة؟

وفي نهاية عام 2020، عادت تقارير غير مؤكدة للظهور عن وفاة الظواهري بسبب مرض في القلب، وهي تقارير سبقت أن ترددت، ولكنه ظهر لاحقاً في مقطع فيديو يدين محنة أقلية الروهينغا المسلمة في ميانمار.

غير أن عدم وجود أي تاريخ محدد في الفيديو جعل من المستحيل تأكيد أو نفي ما إذا كان لا يزال على قيد الحياة، وقد لاحظ المحللون بالفعل طول عمره بالنظر إلى انضمامه إلى دوائر جهادية في مصر قبل أربعة عقود.

من يرثه في زعامة القاعدة؟

 تفاقمت حالة عدم اليقين بشأن تشكيل قيادة القاعدة في أغسطس/آب الماضي بعد مقتل عبدالله أحمد عبدالله، الرجل الثاني في الجماعة في عهد الظواهري والمعروف باسمه الحركي أبومحمد، على يد عملاء إسرائيليين، حسبما ورد.

 إذا كان الظواهري لا يزال على قيد الحياة، فهذا يعني أن القاعدة يقودها رجل على الأرجح في حالة صحية مريضة.

ويعتقد المراقبون أنه مهما كان مصير أيمن الظواهري، فإن عصره يقترب من نهايته ويشير الخبراء إلى مرشح واضح واحد كخلف محتمل له في المستقبل، زميله المصري سيف العدل.

والعدل هو ضابط برتبة مقدم سابق في القوات الخاصة المصرية وانضم إلى جماعة الجهاد الإسلامي المصرية في الثمانينيات. واعتقل لكن أطلق سراحه فيما بعد وسافر إلى أفغانستان للانضمام إلى القاعدة في عهد الظواهري.

لكن استمرار وجود عادل في إيران، حيث يقيم منذ عام 2002 أو 2003 تقريباً، يفرض قيوداً واضحة على دوره القيادي المحتمل، خاصة في ظل توجس التنظيمات الجهادية ذات المرجعية السلفية. 

هل اقتربت نهاية التنظيم المتطرف؟

إذا مات الظواهري، فسيكون ذلك بمثابة ضربة أخرى للقيادة العليا المتضائلة للقاعدة، والتي تضاءلت بشكل مطرد على مدار السنوات العديدة الماضية.

 وقال كولين كلارك إنه “من المهم التفريق بين تنظيم القاعدة والحركات المتطرفة التي ساعدت في تحفيزها”.

بالنسبة لبعض المتطرفين، فإن نواة القاعدة التي كان يقودها أسامة بن لادن ونائبه الظواهري هي من بقايا زمن مضى”. “لكن القاعدة أثبتت قدرتها على الصمود بشكل ملحوظ في الماضي، من السابق لأوانه كتابة نعي المجموعة حتى الآن”.

أهمية الظواهري تتضاءل

 وعلى الرغم من كونه أحد مهندسي هجمات 11 سبتمبر 2001، فإن الولايات المتحدة لم تعد تبدي اهتماماً كبيراً بأيمن الظواهري أو القاعدة، رغم استمرار المكافأة المخصصة له بقيمة 25 مليون دولار.

قد يرجع عدم اهتمام واشنطن إلى ضعف أهمية القاعدة كمركز لصنع القرار، بالتزامن مع صعود تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” المنافس.

وفي تناقض مع ما كان يحدث خلال السنوات الماضية، لم تحصل القاعدة إلا على إشارة مقتضبة في الشهادة الأخيرة لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي أمام الكونغرس حول التهديدات التي تواجه الولايات المتحدة الأمريكية، حسب كلارك

ففي جلسة الاستماع أمام اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ في أوائل مارس/آذار 2021، خلص راي إلى أنه في حين أن القاعدة “تحافظ على رغبتها في شن هجمات كبيرة وواسعة النطاق” بسبب استمرار ضغط مكافحة الإرهاب والخسائر القيادية الأخيرة، فمن المرجح أن تركز الجماعة على القضايا الضيقة في منطقة الساحل والقرن الإفريقي، مع “دعم الهجمات الصغيرة الحجم التي يمكن تحقيقها بسهولة” في تلك المناطق.

هذا لم يمنع الأمريكيين من محاولة مطاردة التنظيم وزعيمه أيمن الظواهري، حتى اللحظات الأخيرة لوجودهم في أفغانستان.

ولكنَّ الأمريكيين سيطاردونه حتى اللحظة الأخيرة

سيكون جنود القوات الخاصة الأمريكية الـ800 في أفغانستان هم آخر المغادرين بموجب جدول الانسحاب الذي وضعه الرئيس الأمريكي جو بايدن.

ويبدو أن إحدى مهامهم الأخيرة مطاردة القاعدة ومحاولة الوصول لزعيم التنظيم أيمن الظواهري وأتباعه من المقاتلين الذين يصل عددهم إلى 200 شخص، حسب تقرير لصحيفة The Times البريطانية.

ولم تستبعد الصحيفة البريطانية أن يكون أيمن الظواهري أو جزء كبير من رجاله قد فروا من أفغانستان، حيث إن بعض أعضاء التنظيم الذين أفلتوا من عمليات تفتيش وكالة الاستخبارات المركزية والقوات الخاصة الأمريكية يتواجدون الآن في إيران، وفقاً لوكالة استخبارات الدفاع.

لماذا يبدو أن لدى طالبان أسباباً للابتعاد عن القاعدة؟

حركة طالبان التي قدمت في وقت سابق ملاذاً لأعضاء القاعدة قد لا ترغب الآن في السماح لهم باستخدام أفغانستان كنقطة انطلاق لشن هجمات، حسبما يرى باكر عتياني، الصحفي الذي لديه تجربة دامت أكثر من عقدين من التغطية للجماعات المسلحة في آسيا، في تقرير نشره في موقع Arab news.

إذ يقول: لقد تطورت حركة طالبان منذ الغزو الأمريكي الذي أطاح بهم من السلطة في عام 2001. وهم الآن حركة سياسية وقد تم قبولهم دولياً كطرف في عملية السلام الأفغانية. إنهم لا يريدون المخاطرة بفقدان هذا الوضع.

لكن حتى قبل ذلك، في عام 2001، لم تكن القاعدة مدعومة من قبل كل أعضاء طالبان، كان الملا عمر، مؤسس حركة طالبان، هو الذي سمح لابن لادن بالعمل من أفغانستان. ولم يحظَ قراره بتأييد جميع قادة طالبان. البعض منهم، في الواقع، عارضها، حسب عتياني.  ومع ذلك، فإنه يرى أن المشكلة تظل في الفوضى التي خلقت في أفغانستان وغيرها من البلدان جراء تدخل القوى العظمى، بما في ذلك الولايات المتحدة، التي تخلق الصراعات أو الحروب أو تدعم الأنظمة غير الديمقراطية، حيث تقوم الأنظمة بقمع المعارضة السياسية وتؤدي الصراعات إلى فراغ في السلطة، مما يعطي شرياناً حيوياً للأيديولوجيات أو الجماعات المسلحة المتطرفة مثل القاعدة وداعش.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.