الاقتصاد العالمي يتأهب للأسوأ بسبب فايروس كورونا
يتصاعد القلق العالمي إزاء فيروس كورونا الذي أصبح لا يهدد حياة الملايين من البشر حول العالم فقط ، بل وصل تأثيره إلى الاقتصاد العالمي مع عزل السلطات الصينية ملايين الأشخاص في منازلهم لمنع انتشار المرض، وهو الأمر الذي جعل الدول الكبرى اقتصادياً للتأهب إلى الأسوأ.
وأعلنت مجموعة من الدول الكبرى التعبئة لحماية الاقتصاد العالمي من فيروس كورونا المستجدّ الذي اعتبرته ألمانيا على سبيل المثال أنه بات يشكل “وباءً عالمياً”، فيما تحذر منظمة الصحة العالمية من نقص في معدات الحماية.
وبات عدد الإصابات بكورونا يزيد عن 93 ألفاً في العالم فيما تخطى عدد الوفيات 3200، ولا سيما في الصين حيث ظهر المرض لأول مرة في ديسمبر/كانون الأول.
وبات الوباء يطال القارات الخمس باستثناء منطقة القطب الجنوبي ويعطل حياة مواطني عدد متزايد من الدول.
قرارات عاجلة
وسعياً منه للحد من التبعات الاقتصادية للفيروس، اتخذ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الذي يعد أقوى المصارف المركزية في العالم، خطوة كبرى بخفض معدلات فائدته بشكل طارئ، متخذاً بذلك قراراً غير مسبوق منذ الأزمة المالية عام 2008، سيعطي “دفعاً كبيراً للاقتصاد”.
ورأت بورصة وول ستريت جورنال بحسب تي أر تي في قرار الاحتياطي الفيدرالي مؤشر هلع حيال الوباء وأغلقت على تراجع كبير، فيما كانت التداولات الأربعاء إيجابية بصورة عامة، وأغلقت البورصات الآسيوية على ارتفاع طفيف، كما بقيت البورصات الأوروبية متفائلة.
ومن الجانب الأوروبي، دعا وزير المالية الفرنسي برونو لومير إلى مكافحة الوباء بالسلاح المالي داعياً مجموعة اليورو التي تعقد مؤتمراً عبر الهاتف الأربعاء إلى السماح لدول المنطقة الـ19 باستخدام الوسائل المالية.
دعم مالي
وطرحت مجموعة السبع للدول الغنية (الولايات المتحدة وكندا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا واليابان) إمكانية تقديم رد مالي على الأزمة، فيما أعلن البنك الدولي عن خطة طارئة بقيمة 12 مليار دولار لمساعدة الدول على احتواء الوباء.
أفادت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، الاثنين الماضي، أن النمو الاقتصادي قد ينخفض إلى النصف في حال استمرار انتشار فيروس كورونا، ما قد يدفع الاقتصاد العالمي إلى أسوأ حالاته منذ الأزمة المالية العالمية.
وقالت المنظمة إن إجمالي الناتج المحلي العالمي سينمو بنسبة 1.5% فقط في العام 2020، إذا انتشر فيروس كورونا على نطاق أوسع في جميع أنحاء آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية، أي ما يقرب حوالي نصف معدل النمو البالغ 2.9% الذي كانت قد توقعته المجموعة لعام 2020 قبل اندلاع الفيروس، الأمر الذي قد يدفع باليابان وأوروبا إلى ركود اقتصادي.
وأشارت المنظمة إلى أهمية تحرك صانعي السياسات في جميع أنحاء العالم لمنع مثل هذه الحالة، حيث دعت إلى استجابة عالمية منسقة لاحتواء تفشي المرض، موصية الحكومات بزيادة إنفاقها والبنوك المركزية بفرض سياسات للمساعدة في التخفيف من وطأة الفيروس.
وتتوقع المنظمة أنه حتى في أفضل الأحوال، حيث يصل الوباء إلى ذروته في الصين خلال الربع الأول ولا يتفشى سوى بحالات خفيفة في بلدان أخرى، سينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 2.4% فقط، أي في أضعف مستويات نموه منذ الأزمة المالية العالمية في العام 2009، بعد أن بلغ النمو العالمي حوالي 3% في العام الماضي.
تحد حقيقي
أن التفشي السريع لفيروس كورونا المستجد، يضع اقتصاد العالم برمته أمام تحد حقيقي، حتى وإن كان أغلب الإصابات قد سجلت في الصين.
أن قدرة العالم على احتواء هذا الفيروس هي التي ستحدد حجم الخسائر الاقتصادية، كما أن عنصر التوقيت مهم أيضاً، لأن عدم استقرار الوضع عما قريب سيزيد من الأضرار.
وتثار عدة مخاوف بشأن ثاني اقتصاد في العالم، من جراء استمرار إغلاق كثير من المصانع والمراكز المالية في مدن الصين الكبرى، وهو ما يعني العجز عن تسليم الطلبيات إلى الخارج.
وبما أن شركات عالمية كثيرة تعتمد على سلاسل الإنتاج الصينية، فإن عدم تعافي ثاني اقتصاد في العالم، ستكون له تداعيات في الخارج، وعندئذ، ستصبح الأزمة عالمية وأوسع نطاقاً ولن تظل حبيسة الصين.