الاقتصاد اللبناني .. الضبابية سيدة الموقف

مصرف لبنان / The Arab Weekly
0

كان الاقتصاد اللبناني خلال وقت سابق من الأسبوع الجاري، على موعد مع دخول نادي البلدان المتعثرة السداد لأدوات الدين الصادرة عنها، وبالتحديد سندات (اليوروبوند) المقومة بالدولار.

حيث أعلن رئيس حكومة لبنان، حسان دياب، يوم السبت الماضي، تعليق دفع مستحقات لبنان من (اليوروبوند) بقيمة 1.2 مليار دولار، إذ بات الاقتصاد اللبناني أمام مشهد ضبابي، وسط توقعات ببدء مفاوضات إعادة هيكلة الدين بشكل رسمي مع حملة السندات.

يأتي ذلك، بينما يمر لبنان في أزمة مالية واقتصادية حادة، إذ صعد سعر صرف الدولار الواحد في السوق السوداء (غير الرسمية) إلى 2500 ليرة، بزيادة 65 بالمئة، مقارنة بسعر الصرف الرسمي البالغ 1508 ليرات.

احتجاجات شعبية

ويشهد هذا البلد العربي الصغير منذ 17 أكتوبر الماضي، احتجاجات شعبية واسعة ترفع مطالب سياسية واقتصادية واجتماعية، حيثُ تغلق بين الحين والآخر طرقات رئيسية أو يلاحق الثائرون رجال السياسة الذين يتهمونهم بالفساد وبسرقة الأموال العامّة.

وتوقعت تقارير منفصلة صدرت خلال الشهرين الجاري والماضي، تطابق فيها الرأي بضرورة إعادة هيكلة الدين العام المستحق على البلاد، بما فيها أدوات الدين وأبرزها السندات.

وقال رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب، مساء السبت، إن بلاده باتت على مشارف أن تصبح البلد الأكثر مديونية في العالم، كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي البالغ أزيد من 150 بالمئة.

الوضع ليس طبيعي

رأى الباحث الاقتصادي، جاد شعبان، أن التفاوض بين السلطة اللبنانية وحملة السندات سيأخذ وقتًا طويلًا، ولا سيما أن لبنان سيتخلف عن سداد ديونه لأول مرة في تاريخه.

وأكد شعبان وفقًا لوكالة (الأناضول) للأنباء، أن تعليق دفع المستحقات كان أمرًا متوقعًا، معللًا: “استمرار تعثر المصارف ووضعها شروط قاسية على مدخرات الناس، تظهر أننا لسنا في وضع طبيعي، فالأموال التي كانت في المصارف استدانتها الدولة”.

واعتبر الباحث الاقتصادي أن “الحل في الوقت الحالي هو التفاوض مع الدائنين، وهذه الخطوة تعد بشكل جزئي إعلان نوع من التعثر”.

خسارة لبنان مصداقيته

بدوره توقع نسيب غبريل، كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك بيبلوس (مصرف محلي)، أن أولى تداعيات تعليق تسديد السندات سيترجم بتخفيض التصنيف الائتماني للبنان، إلى درجة “د” أيّ إلى درجة التعثر وهي أدنى درجة على سلم التصنيفات.

وعارض نسيب غبريل الخطوة التي اتبعتها الدولة اللبنانية، شارحًا: “كان من المفروض أن تقوم الدولة بخطوات أقل كلفة على الاقتصاد اللبناني أي تسديد متوجباته لأن التعثر سيؤدي إلى خسارة لبنان مصداقيته”.

واعتبر أن “هذه الخطوات تضع القطاع المصرفي أمام دائرة الضبابية، “لأن تعليق التسديد هو ضربة للقطاع المصرفي الحامل لنحو 30 بالمئة من الدين العام.. الثقة مع الخارج لم تعد موجودة بسبب السياسات المتبعة”.

معاناة الجمهور أمام البنوك

وتحوّلت المصارف إلى ميدان للإشكالات بين مواطنين يطالبون بأموالهم، وموظفين يُنفذون القيود المشددة عليهم من قبل السلطات العليا .

ويحمّل مواطنون وسياسيون المصارف جزءاً من مسؤولية الأزمة الاقتصادية المتسارعة، الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية في العام (1975-1990) .

وتوالت الاتهامات بتحويل أصحاب المصارف وبعض رجال السياسة في البلاد، بجانب متمولين مبالغ ضخمة إلى الخارج مع بدء حركة الاحتجاجات ضد السلطة الحاكمة في 17 أكتوبر وحتى نهاية العام 2019 بسبب الأزمة الاقتصادية وتحديداً خلال أسبوعين أغلقت فيهما المصارف أبوابها إثر بدء التظاهرات التي تطالب بإصلاحات عاجلة في المؤسسات المالية الكبرى بالدولة .

قرار مريح

وفي خضم هذا الجدل الكبير الذي يحدث في البلاد أسقط مدعي عام التمييز في لبنان غسان عويدات يوم “الجمعة” الماضية قراراً تم بموجبه منع التصرف في أصول وممتلكات 20 مصرفاً لبنانياً ورؤساء مجالس إداراتها، ما يمثل أكثر من 90 في المائة من إجمالي حجم المصارف في لبنان، وهو الأمر الذي أصدره المدّعي العام المالي علي إبراهيم .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.