كيف استعانت مصر بالظواهر الطبيعية لإخراج السفينة الجانحة؟

0

بعدما نجحت مصر في استغلال ظاهرة طبيعية في القناة لتنفيذ عملية تعويم السفينة الجانحة ،تنفس العالم الصعداء بعد أن تحركت السفينة “إيفرغيفن” العالقة في قناة السويس من موقعها السابق في قلب المجرى الملاحي للقناة،. 

وكانت قد تضاربت الأنباء عن نجاح عملية تعويم السفينة الجائحة، حيث نفت هيئة قناة السويس خبراً لوكالة رويترز، نقلت فيه الأخيرة عن شاهد عيان قوله، إن السفينة عادت لوضعها السابق الذي يعرقل الملاحة جراء الرياح الشديدة.

وبالفعل أظهرت صور الأقمار الصناعية ومشاهد بثها التليفزيون المصري أن السفينة استقرت وسط القناة تقريباً، بمحاذاة ضفتيها بشكل طولي إلى حد كبير، مما أظهر أنها خرجت من الوضع الذي يعرقل الملاحة، وأنه تم تخليص غاطسها من قاع القناة الذي كانت غرست به، وهو يعني نجاح عملية تعويم السفينة الجانحة. 

وبعد ذلك بدأت عملية جر السفينة من قبل زوارق القطر إلى منطقة البحيرات المرة حيث ستخضع للفحص لنحو ثلاثة أيام، حسبما قال الفريق مهاب مميش مستشار الرئيس المصري لمشروعات محور قناة السويس والموانئ البحرية لقناة “سكاي نيوز عربية”.

وجاء تعويم السفينة الجانحة، بعد نحو أسبوع من الأزمة التي أثارت القلق في العالم جراء تعطل الملاحة في قناة السويس التي ينتقل عبرها نحو 13% من حجم التجارة العالمية.

ووقعت الحادثة عندما جنحت السفينة العملاقة في يوم عاصف كان معدل الرؤية فيه سيئاً، مما أدى إلى أن غاطسها ارتطم بقاع القناة، لتعلق السفينة التي يبلغ طولها 400 متر بشكل عرضي تقريباً مغلقةً ممر القناة في هذه المنطقة الذي يبلغ عرض المجرى فيها 250 متراً.  

حفر أعمق مسافة ممكنة

وركزت جهود الإنقاذ الضخمة الرامية إلى تعويم السفينة الجانحة على تجريف الرمال من أسفل مقدمة السفينة ومؤخرتها ، قبل سحب السفينة باستخدام زوارق القطر.

وقالت هيئة الإنقاذ في بيان إن فرق الإنقاذ حفرت بشكل أعمق وأقرب من السفينة أمس الأحد ووصل الجرف إلى 18 متراً في مقدمة السفينة. وقال أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس إنه تمت إزالة أكثر من 27 ألف متر مكعب من الرمال حتى أمس الأحد.

وتكثفت عملية الإنقاذ جراء الاستعجال والاهتمام الدولي مع مرور كل يوم. حيث تكدست السفن من جميع أنحاء العالم في الطريق للقناة، وداخلها وهي تحمل الوقود الحيوي وغيره من البضائع، مما أثار القلق بشأن التأثير على سلاسل التوريد العالمية.

وقال كبير المرشدين وسام حافظ لقناة “سكاي نيوز عربية” إن فكرة التكريك أسفل غاطس المركب (الحفر) هي فكرة رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع، وساهمت في تعويم السفينة الجانحة.

المد والجزر يقلب معادلة تعويم السفينة الجانحة

وأخفقت الجهود السابقة لتعويم السفينة العملاقة، ولكن تم تنفيذ هذه المحاولة الأخيرة أثناء ارتفاع المد حيث تكون المياه في القناة في أعلى مستوياتها.

إذ كان أحد أسباب نجاح عملية تعويم السفينة الجانحة هو الحسابات الناجحة لظاهرة المد والجذر والتيارات البحرية واستغلالها لشد السفينة، حسبما قال مميش، الذي أوضح أن الجانب المصري أجرى حسابات أظهرت أن المد البحري سيكون عالياً يوم أمس ليصل إلى نحو 80 سم.

وأردف “أمس الأحد كان أعلى مد، وقلنا يجب أن نستغله، وتجاوبت السفينة مع عملية الشد من قبل زوارق القطر”.

ومن المعروف أن الجزء الجنوبي لقناة السويس يشهد مستوى مرتفعاً من المد مقارنة بالجزء الشمالي، لأن الجزء الجنوبي أقرب للبحر الأحمر وخليج السويس الذي يشهد عملية مد وجذر أكبر من البحر المتوسط المرتبط بالجزء الشمالي للقناة.

اللافت أن عملية عبور قناة السويس في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 تضمنت إجراء حسابات معقدة لمراعاة الفروق في المد والجزر بين شمال وجنوب القناة، كما أن الفرق الكبير بين المد والجزر بين جنوب القناة وشمالها ساهم في الكشف عن أنابيب النابالم التي أعدتها إسرائيل لإشعال القناة في حال عبور الجيش المصري، الأمر الذي مكن البحرية المصرية من تعطيلها.

وبعد استغلال المد، تمكنت القاطرات من سحب السفينة من الخلف، حسبما نقلت وكالة أسوشيتد برس، عن وكالة Leth، وهي شركة تقدم خدمات القناة، والتي أكدت اليوم الإثنين أن السفينة قد أعيد تعويمها بالكامل وأنها تتحرك في القناة.

هل عادت حركة الملاحة في القناة؟

ما زال هناك التباس حول عودة حركة الملاحة في القناة، ولكن لا يتوقع أن تعود بشكل كامل فجأة.

وقال الفريق مهاب مميش: “لقد بدأت بعض السفن تتحرك”.

وأضاف “سنزيد معدل الإبحار لحل مشكلة التكدس وبدلاً من قافلة واحدة سيكون هناك قافلتان أو ثلاث.

وأوضح أن التحقيق بشأن الحادثة سوف تشارك به جهات دولية إضافة إلى مصر.

وأقر مميش بالحاجة إلى بعض التطويرات في القناة، خاصة فيما يتعلق بالحاجة لزوارق قطر أكبر وأكثر قوة من الموجودة حالياً لدى هيئة قناة السويس، لأن أحجام السفن قد كبرت حالياً.

وأوضح أن عملية التعويم شارك بها نحو 3000 إلى 3500 شخص أغلبهم من المصريين إضافة إلى عدد قليل من الخبراء الأجانب، المتمرسين.

وقال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في تعليقه على الخبر “المصريون نجحوا اليوم في إنهاء أزمة السفينة العالقة في قناة السويس”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.