الشرق الأوسط .. نقطة اشتعال الصراعات الجيوسياسية
أصبحت منطقة الشرق الأوسط نقطة اشتعال للصراعات الجيوسياسية من أجل الهيمنة الإقليمية والتحكم بالموارد الاقتصادية والتنافس على القوة الدينية ، اضافة إلى التدخلات في سياسة الآخرين.
مصالح متضاربة
التعقيدات في الصراعات والمصالح المتضاربة توسع النطاق في التركيز على ما هو خارج روسيا عندما يتعلق الأمر بالتدخل في الانتخابات، لتشمل تركيا والإمارات والسعودية، كما أنها تطمس الخطوط الفاصلة بين الصراعات المتعددة مثل الحروب في سوريا وليبيا والصراع من أجل السيطرة على مواقع الغاز المكتشفة في شرق المتوسط.
ويشير جيمس دورسي من موقع مودرن دبلوماسي إلى أن مياه شرق المتوسط أضحت أحدث مكان تتصارع فيه روسيا والغرب على النفوذ، بعد الكشف عن احتياطات من الغاز تصل إلى122 ترليون قدم مكعبة.
ولعل الأكثر أهمية هو مدى قدرة أوروبا في المستقبل على الحد من اعتمادها على الغاز الروسي، حيث تلبي موسكو حاليا نحو 40% من احتياجات الاتحاد الأوروبي من الغاز.
ويقول الكاتب إن القدرة على خفض واردات الغاز من روسيا بفضل غاز الشرق الأوسط، سيمكن أوروبا من اتخاذ موقف أكثر قوة في الصراع بين الليبرالية الغربية والحضارة الروسية التي من المحتمل أن تشكل النظام العالمي.
إن الاعتماد على الغاز الروسي دفع الدول الأوروبية إلى تخفيف دفاعاتها عن القيم الغربية مقابل سياسات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي تشمل الاستيلاء على الأراضي في القوقاز وأوكرانيا وتخويف دول آسيا الوسطى ودعم قوى اليمين المتطرف والمناهض للهجرة والنازيين الجدد، وتعزيز الجماعات الأكثر تعاطفا مع النظرة العالمية للزعيم الروسي.
مواجهة بين واشنطن وموسكو
رئيس مركز كارنيغي بموسكو ديميتري ترينين يقول إن:” النبأ السيئ هو أن المواجهة بين واشنطن وموسكو ستستمر، والنبأ السار أنه سيكون هناك سياج يبنى حولها “.
ويرى ترينين أن منطقة الشرق الأوسط هي التي ستكون منطقة التوتر، وليس مناطق القرم أو البلطيق أو القطب الشمالي أو جنوب شرق أوروبا.
ويوضح دورسي أنه إذا كان الصراع بالنسبة لدول مثل اليونان وقبرص ولبنان شأنا اقتصاديا يتمحور حول موارد شرق المتوسط، فإن أولوية دول أخرى مثل مصر وإسرائيل هي بسط النفوذ، وكذلك روسيا وتركيا.
فتركيا، أثارت المخاطر بدعمها العسكري لحكومة الوفاق الوطني الليبية ضد اللواء المتقاعد خليفة حفتر المدعوم من الإمارات والسعودية ومصر و روسيا .
كما أن الاتفاقية التي أبرمتها أنقرة مع طرابلس وأفضت إلى إنشاء منطقة اقتصادية في شرق المتوسط، ربطت الحرب في سوريا بالصراع في شرق المتوسط وليبيا، ولا سيما مع بناء علاقات بين حفتر ونظام الرئيس السوري بشار الأسد.
والمنطقة الاقتصادية التي أوجدتها الاتفاقية من شأنها أن تقطع الطريق على خط الأنابيب المزمع لنقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا.
ويشير الكاتب إلى أن المنطقة الاقتصادية، إذا ما فرضت بنجاح، إلى جانب الأداء العسكري لتركيا بسوريا، فإنها ستكون مؤشرا للدول الإقليمية الطامحة للهيمنة، مثل السعودية والإمارات، بأن الأموال قد لا تكون كافية لفرض الإرادة.