الصراع القبلي في شرق السودان .. دول عربية تشعل نار الفتنة
إذًا هي المرة الخامسة منذ بداية العام الجاري التي يندلع فيها الصراع القبلي في شرق السودان بين قبيلتي البني عامر والنوبة، في وقت حذر فيه مسؤولين سودانيين من وجود أجندة خارجية لعدة دول عربية تهدف لإبقاء الصراع مستمرًا وفقًا لمصالحها في المنطقة المطلة على البحر الأحمر.
وسعت الخرطوم لمحاولة احتواء التوتر الذي حدث في الأيام القليلة الماضية بإرسالها قوات أمنية إلى مدينة بورتسودان الواقعة على ساحل البحر الأحمر، بهدف إيقاف المواجهات الدامية.
وطبقا لوزارة الداخلية ، فإن تجدد الصراع القبلي في شرق السودان أسفر حتى الآن عن مقتل 32 شخصا، وإصابة 116 آخرين، وفقًا لموقع (الجزيرة نت).
أيادٍ خارجية
وإزاء الأوضاع الأمنية المتفجرة والصراع القبلي في شرق السودان ذي الأبعاد السياسية الجلية، تتقوى نظرية المؤامرة بوجود أيادٍ خارجية تعبث بإقليم الشرق الإستراتيجي للسودان، وفقا لفائز السليك المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء.
وبسؤال السليك عما إذا كانت هناك مخططات لفصل شرق السودان، يقول “إن كل السيناريوهات في اعتبارنا. الشرق إقليم مهم لأنه مطل على البحر الأحمر”.
ويضيف أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك عندما تحدث عن الأحزمة الخمسة الإستراتيجية في السودان، تحدث عن حزام البحر الأحمر وكيف يمكن أن تشهد المنطقة أنشطة اقتصادية واستثمارية، واقترح عقد مؤتمر للشرق.
لكن عضو تجمع عمال الميناء الجنوبي في بورتسودان عبود الشربيني، يتهم بشكل مباشر بأن ما يحدث في الشرق تقف وراءه أجندة إماراتية لها أطماع في موانئ السودان على البحر الأحمر.
أطماع الموانئ
ويمضي الشربيني قائلا إن كثيرين يظنون أن مساعي الاستيلاء على موانئ بورتسودان انتهت بإلغاء عقد الشركة الفلبينية، لكن هذه المساعي بدأت للتو بتجدد أحداث بورتسودان واحتجاجات كسلا والقضارف على تعيين ولاة من قبيلة البني عامر.
وطبقا للشربيني، فإن مقاومة العاملين لمساعي الإمارات للاستيلاء على الموانئ السودانية لن تتوقف، ويحذر من مخطط عبر ما أسماه “شراكات وطنية ذكية” للسيطرة على الموانئ.
ويشير إلى فشل اللجنة الاقتصادية برئاسة محمد حمدان حميدتي نائب رئيس مجلس السيادة، ونائبه حمدوك، في تطوير الموانئ عبر منظومة الصناعات الدفاعية التابعة للجيش، لأن الأخيرة تمتلك خبرة صناعة الدبابات لا آليات المناولة في الموانئ، بحسب قوله.
أطماع دول عربية
ويحذر الفريق عثمان فقراي -وهو خبير في شؤون الشرق، وضابط شرطة متقاعد- من أجندات 4 دول في المنطقة، اتهمها بالعبث باستقرار شرق السودان بدوافع مختلفة.
ويقول إن السعودية لديها مشاريعها في البحر الأحمر، ومصر لا تريد تجربة ديمقراطية في جوارها، والإمارات تموّل وتخطط لمسار الشرق في مفاوضات جوبا بدعم قبيلة البني عامر على حساب قوميات البجا الأخرى، بينما تحاول إريتريا الصيد في هذه المياه العكرة للخروج بمكاسب.
ويؤكد فقراي -استنادا على خبراته الأمنية- أن ثمة اختراقات وأيادي مخابراتية متعددة تشعل الأوضاع في شرق السودان، مما يستدعي من الحكومة المركزية إغلاق الحدود مع إريتريا وقطع العلاقات معها وبسط الهيمنة والسيادة على الإقليم بحسم.
وينصح الرجل الحكومة المركزية بسرعة احتواء الموقف في الإقليم، لأنه يمضي سريعا نحو سيناريو دارفور، وهو ما سيكون موجعا للمركز أكثر مما حدث في الأخير، لأن الشرق إستراتيجي وأقرب للمركز.
ضحية للتهميش
وينصح عبد الله ديدان الباحث في مجال السلام والمدير السابق لمكتب حمدوك، بعدم الاعتماد على الحلول الأمنية على أهميتها في الوقت الراهن.
ويوضح أن إنسان الشرق هو ضحية لتهميش استمر أكثر من 6 عقود منذ استقلال السودان، لذا فليس من المهم الآن اتهام الحكومة بالتقصير أو عدمه، بل المهم هو تكاتف القوى السياسية والمدنية حتى لا نغرق في نزاعات عرقية.
ويتابع ديدان قائلا “يجب إشراك الجميع. نحتاج جرأة وصراحة وأن نجلس على الأرض مع كل الأطراف لنعرف لماذا يقتلون بعضهم بعضا؟ هناك دوافع مختلفة لكل من يحمل السلاح”.