تداعيات استقالة غسان سلامة على مسار العملية السياسية في ليبيا
أعلن المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، بشكل مفاجئ مساء الاثنين استقالته من منصبه لدواعٍ صحية، تاركاً الأزمة الليبية “معلّقة”، ومخلّفاً وراءه تساؤلات عديدة حول الدوافع الحقيقية لانسحابه من الملف الليبي وتداعيات ذلك على مسار العملية السياسية في ليبيا، ودلالات توقيت الاستقالة، الذي يتزامن مع بدء المسارات السياسية والعسكرية والاقتصادية بين طرفي الصراع بالبلاد في جينف، وتدهور الوضع على الأرض.
وأشارت المصادر إلى، أن احتمالية تعيين شخصية جديدة من خارج فريق البعثة قد يكون الأقرب نظرا لعدم تمكن الفريق الحالي، وعلى رأسه غسان سلامة في تحقيق أي نتائج.
يعمل غسان سلامة مبعوثا خاصا للأمم المتحدة في ليبيا منذ يونيو/حزيران عام 2017..
كما كان سلامة ضمن وفد الأمم المتحدة المبعوث إلى العراق بعد الاحتلال الأمريكي 2003، وكاد أن يلقى مصرعه في حادثة تفجير مبنى الأمم المتحدة في العاصمة العراقية بغداد.
بالإضافة إلى ذلك، تولى غسان سلامة منصب وزير الثقافة في حكومة رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري من عام 2000 إلى 2003.
وتم تعيين غسان سلامة مبعوثاً خاصاً للأمم المتحدة إلى ليبيا في الـ16 من يونيو 2017 خلفاً للألماني، مارتن كوبلر، لكن جهوده في إرساء السلام لم تنجح في هذا البلد الذي لا يزال يعاني فوضى أمنية وانقساماً سياسياً وصراعاً على السلطة، حيث واجه أداءه وطريقة إدارته للأزمة انتقادات عديدة داخل ليبيا.
اختلفت القراءات والتحليلات لدوافعها، حيث رأى رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، أحمد حمزة الذي وصف استقالة سلامة بالخسارة لليبيا، أن المبعوث الأممي سئم مناورات أطراف الأزمة السياسية، التي تسعى جاهدة لإجهاض وإفشال جميع المسارات السياسية التي تمخضت عن مؤتمر برلين ونسف جميع أشكال الحل السياسي أو الحلول التوفيقية من خلال شروطها التعجيزية المسبقة، للدخول في المفاوضات السياسية والاقتصادية والعسكرية الأخيرة.
وأضاف في تصريح للعربية.نت نقلها سبوتنيك “يبدو أنه وصل معهم إلى طريق مسدود، جميع الأطراف السياسية الليبية، بالرغم من انقسامها وتشرذمها واقتتالها، اتفقت على توجيه أسهم العداء إلى سلامة وإفشال مساعيه، وهذا فشل لليبيين بالدرجة الأولى الذين يسعون لإطالة أمد الأزمة من خلال التعنت والرفض لجميع أشكال الحلول، ولا تتحمل مسؤوليته لا البعثة الأممية ولا الأمم المتحدة ولا المبعوثون الامميون السابقون.
رأى المحلل السياسي الليبي، فرج فركاش، أنّ تنحي سلامة لا يعني فشله شخصيا، بل فشل كل الليبيين، خاصة الأطراف الرافضة للتنازل التي كانت ولا تزال مصرة على إقصاء الخصوم سواء سياسياً أو عسكرياً.
واعتبر في تصريح للعربية.نت، أن تعيين بديل آخر لسلامة سيكون مهمة صعبة للأمين العام لملء الفراغ الذي سيتركه، كونه ملماً بالملف الليبي وناطقاً بالعربية وعلى تواصل مع عدة دول فاعلة في الملف الليبي، داعياً البعثة الأممية إلى تدارك هذا الأمر في أقرب وقت ممكن بنشر بيان تؤكد فيه أن خطة سلامة للسلام مستمرة بوجود نائبته الأميركية ستيفاني ويلياميز، قبل أن تتحول لغة التواصل بين الأطراف الداخلية إلى لغة أكثر تسليحا وأكثر دموية، وتترجم استقالته على أنها انتهاء للهدنة.