تونس : أزمات حادة وعميقة في المستقبل القريب

الشارع السياسي التونسي مصدر الصورة : العربي
0

تخشى الأوساط السياسية في تونس من عودة البلاد مجدداً إلى مربع العنف بعد أن عاد خطاب التكفير والتخوين للبرلمان التونسي المنقسم على نفسه .

مرحلة الاستقطاب

مثلت هذا الأسبوع حادثة تبرير نائب تونسي عن ائتلاف الكرامة الإسلامي للتكفير كـ”حكم شرعي” داخل البرلمان التونسي الحدث الأبرز الذي شد التونسيين وأعاد إلى أذهانهم ذكريات أليمة عاشوها بسبب تصريحات مشابهة، وأخذ البعض الحديث الصادر عن “ممثل الشعب” على محمل الجد بعد أن شن إرهابيون هجوما على دورية أمنية بالقرب من السفارة الأميركية في تونس، الجمعة، ما أسفر عن مقتل أمني.

وتدفع أحزاب الإسلام السياسي باتجاه تأزيم المشهد والعودة به إلى مرحلة الاستقطاب (إسلاميون، علمانيون) التي عرفتها تونس سنة 2011 ودفعت البلاد ثمنا باهظا (اغتيالات سياسية، عمليات إرهابية) لتجاوزها.

ويزداد التوجس من عودة خطابات التحريض والتكفير في تونس بسبب الأجواء السياسية المشحونة، والتي كانت متوقعة منذ صدور نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة التي أفرزت برلمانا مشتتا.

وتوجه الثلاثاء الماضي النائب محمد العفاس -وهو نائب عن محافظة صفاقس بحسب العربي (جنوب تونس)- بالحديث لزعيمة الحزب الدستوري الحر عبير موسى قائلا إنه “ لا يجب أن يخجل التونسيون من التكفير فهو حكم شرعي وورد في القرآن أيضاً “.

حركة النهضة الإسلامية

ويوصف ائتلاف الكرامة بأنه واجهة من واجهات حركة النهضة الإسلامية التي ندد زعيمها ورئيس البرلمان راشد الغنوشي بحادثة التكفير والحادثة الإرهابية التي جدت بمحيط السفارة الأميركية.

وبالتوازي مع خطاب النائب عن ائتلاف الكرامة الذي بث فوضى عارمة في أروقة البرلمان التونسي وزاد من منسوب الاحتقان داخل مجلس النواب المنقسم بطبعه، أصدر مركز كارنيغي للأبحاث دراسة تطرق فيها إلى إمكانية صعود الشعبوية في تونس وأبرز فيها الأخطار التي تُحدق بالديمقراطية الناشئة في حال حصل ذلك.

ولا يمكن لعودة التكفير وتوعد الآخر غير المسلم إلا أن “تُشرعن” لعودة تحشيد أنصار الشريعة وهي جماعة “احتكرت” في فترة الترويكا (فترة حكم امتدت من 2011 إلى 2014) الدفاع عن الدين.

نسخة طبق الأصل

ولم تتوان دراسة أصدرتها المجموعة الدولية الأسبوع الماضي عن التطرق إلى إمكانية أن تنتج الانتخابات التي نظمتها تونس مؤخرا نسخة أخرى مطابقة لروابط حماية الثورة، وذلك من خلال ائتلاف الكرامة الذي أصبح له باع وذراع في المشهد السياسي بعد أن حصد 21 مقعدا في الانتخابات الأخيرة.

وخلصت الدراسة، التي صدرت الأسبوع الماضي، إلى أن  تونس مقبلة على أزمات حادة وعميقة خاصة أن المشهد السياسي “المشتت” يدفع نحو هذا الاتجاه.

وتغيرت المعطيات بعد وفاة قائد السبسي مع صعود الحزب الدستوري الحر الذي يتبنى بدوره خطابا معاديا لكل من تعمد التحالف مع “الإسلاميين”، وهو خطاب يغري في الواقع الغاضبين من توافق أحزاب العائلة الوسطية مع حركة النهضة في السنوات الماضية.

وبالإضافة إلى ضرورة تجفيف منابع التطرف ينبغي على تونس ألا تعلق خيباتها على الوضعين الإقليمي والعالمي المتوترَين نسبيا حيث تشهد جارتها ليبيا نزاعا مستمرا، بل عليها أن تعمل على تحيين بياناتها بشأن الإرهابيين العائدين من بؤر التوتر والاستعداد لكيفية التعامل معهم لأنهم يمثلون “الوجه العنيف للشعبوية”.

ولا يجب أن تقتصر مكافحة الشعبوية الصاعدة في تونس على العاملَين اللذين تم ذكرهما بل ينبغي إيلاء المناطق المهمشة، التي قد تمثل في سباقات انتخابية قادمة خزانا انتخابيا هاما للشعبويين، أهمية “قصوى”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.