حضارة أوغاريت السورية .. اندثار ونهب آثارها عبر البحر إلى فرنسا
حضارة أوغاريت في سوريا التي أسسها الكنعانيون في العصر البرونزي الحديث (1200_1600) قبل الميلاد والتي تميزت بالتنوع الثقافي، حيث قدمت للعالم أقدم الأبجديات، لكنها الآن أصبحت أطلال مدينة.
وكانت مملكة أوغاريت من أهم المعابر البرية والطرق البحرية بين الحضارات في ذلك الوقت، مرورًا من نهر الفرات شرقًا وحتى جزيرة كريت غربًا ومصر جنوبًا.
وتعد حضارة أوغاريت واحدة من أقدم الحضارات في التاريخ، فماذا قدمت للعالم؟
من أين جاء اسم أوغاريت ؟
موقع ممكلة أوغاريت في منطقة تسمى رأس شمرة الواقعة شمال مدينة اللاذقية السورية، وترجع تسميتها بهذا الاسم إلى أوغارو، أي الحقل في اللغة السومرية، كما تعني الأرض الخضراء أو المزروعة (السهول)، وتبلغ آثار الموقق ما يقدر مساحته بـ 36 هكتار.
وبالمصادفة قام فلاح سوري باكتشاف موقع حضارة أوغاريت، حينما كان يقوم بحراثة أرضة في العام 1928، خلال فترة الاحتلال الفرنسي لسوريا، لتبدأ البعثات الفرنسية نشاطها في الموقع في العام التالي مباشرة.
ووفقًا لموقع (عربي بوست) فقد ذكرت الموسوعة التاريخية أن اكتشاف الموقع الأثري في البداية لم يكن يتجاوز ربع المساحة الكلية، ومن ثم قامت البعثات الفرنسية بتهريب كمية كبيرة من الآثار التي تم اكتشافها عبر البحر إلى فرنسا، وتتواجد حاليًا بمتحف اللوفر في العاصمة الفرنسية باريس.
أعرق الأبجديات العالمية
أسهمت حضارة أوغاريت بتقديم أقدم الأبجديات المكتوبة عبر التاريخ وتعرف حاليًا بـ(الأبجدية الاوغاريتية)، ويعود أصلها إلى القرن الرابع قبل الميلاد.
هذه الأبجدية تتشابه بدرجة كبيرة في ترتيبها مع الأبجدية العربية مع وجود فوارق بسيطة، والآن يتم تدريسها في 40 جامعة بالعالم.
الأبجدية الأوغاريتية بها 30 حرفًا، كما أنها تعتمد على الإشارات الكتابية من 600 إشارة، والوثائق التي وجدت مكتوبة بالأوغاريتية أغلبها وثائق أدبية أو اقتصادية، وتوجد النسخة الأصلية من رقم فخاري بطول 5.5 سم وعرض 2.3 سم بمتحف دمشق الوطني.
أوغاريت مؤسسة الموسيقى الغربية
حضارة أوغاريت هي المؤسس الحقيقي للموسيقى الغربية، حيث تم اكتشاف أقدم القطع الموسيقية المدونة في العالم في العام 1950 في مدينة أوغاريت، ويعود تاريخها إلى ألفين سنة قبل الميلاد.
وتمكن الكاتب ريتشارد دمبريل مؤلف كتاب “آثار علم الموسيقى في الشرق الأدنى القديم”، من فك رموز تلك المقطوعة الموسيقية، التي استخدمها فيثاغورث في تسجيل السلم الموسيقي للموسيقى الغربية وذلك بعد ألف عام من ظهورها في أوغاريت.
وتم الكشف عن مدونة موسيقية يعود تاريخها إلى ما قبل الميلاد بـ 1400 عام حوت على 36 أغنية عرفت باسم “الأغاني الحرانية”، تمت كتابتها بالخط المسماري على مجموعة من ألواح الطين، حيث يعتقد أن الموسيقى كانت تضرعًا للآلهة.
حضارة متقدمة
حضارة أوغاريت بلغت قمة تقدمها العمراني خلال الفترة من 1200_1400 قبل الميلاد، وكشفت الحفريات عن وجود آثار لمدينة جيدة التخطيط، كما أن الأمر الذي يؤكد ازدهار هذه المملكة هو اكتشاف ثلاثة قصور وعدد من المعابد، والبيوت السكنية لمواطنيها كانت من طابقين.
كما أن الوثائق التاريخية التي تم اكتشاها أثبتت أن هذه الحضارة كانت مركز للثقافة والتعليم والحضارة المرموقة، بوجود مكتبات عديدة إحداها لرئيس الكهنة، وعثر على مكتبة في منزل موظف ملكي فضلًا عن وجود مكتبات عديدة متفرقة.
ومن أبرز المقتنيات الثقافية لتلك الحضارة تواجد كتب دينية وثقافية، وعدد من الرسائل التجارية إلى مدن أخرى، وفيها معاجم للغات السومرية والأكادية والأوغاريتية، كما تم العثور على عدد من النصوص المتعلقة بالأدب والأديان، فضلًا عن تواجد مقطع للأيقونة السومرية ذائع السيط “جلجامش”.
كيف كانت نهايتها
ويؤكد الباحثون على وجود احتمالان متعلقان بانتهاء حضارة أوغاريت في العام 1180 قبل الميلاد، بعد كارثة واضحة المعالم حتى الآن، وتحديدًا في قصرها الملكي، الأولى بحدوث زلزال قوي ضرب المدينة، والثانية بتعرضها لغزو خارجي من مملكة أخرى عرفت باسم شعوب البحر.