زواج القاصرات .. ظاهرة تنتشر بكثافة في العراق سببها الفقر والجهل
في إحصائية لسجلات المحاكم في العراق أثبتت أن زواج القاصرات أو الزواج المبكر من أهم الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع معدلات الطلاق، إلى جانب الوضع الاقتصادي المتردي للمواطن العراقي، حيث تم توثيق آلاف حالات الطلاق لأزواج تتراوح أعمارهم ما بين 15 و18 عامًا.
طيبة ماجد ذات الـ14 ربيعًا إحدى ضحايا عن الزواج المبكر، تقول في حديثها وفقًا لموقع (الجزيرة نت): “”في جلسة عائلية.. كنا نتكلم ونضحك ونستمتع بأوقاتنا كعائلة، وفجأة تطرق أبي لموضوع الزواج من ابن عمي.. صمت الجميع وقتها، لا يعرفون ماذا يردون على الأب المصرّ على تزويج ابنته الوحيدة”.
وأكدت طيبة “لا أعرف شيئا عن الزواج سوى أن العروس ترتدي فستانا أبيض وتذهب إلى بيت زواجها”.
غياب الوعي
وعلى غرار طيبة، خاضت دعاء غازي (32 عاما) تجربة الزواج في عمر مبكر وهي لم تكمل 18 عاما من العمر، وتحدثت قائلة إنه “من عمر 12 إلى 19 سنة تعتبر الفتاة في عمر الأحلام، أو ما يمكن تسميته بالغياب عن الوعي، لأنها في هذه المرحلة تتبع أحلامها الوردية وتكون غير ناضجة عقليا وجسديا”.
وتعتبر دعاء أن “الزواج عبارة عن فستان أبيض تتخلله فرحة صديقاتها، وخصوصا المجتمع الذي يجعل من فكرة الزواج شيئا جميلا كأنه إنجاز عظيم للبنت والشاب، خصوصا بعد غياب العقاب القانوني الذي من المفترض أن يحاسب أولياء الأمور، وأيضا تشجيع بعض رجال الدين عليه”.
القانون العراقي
الخبير القانوني علي التميمي قال إن قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم (188) لسنة 1959 في الفقرة الأولى من المادة الثالثة، عرّف الزواج بأنه عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعا يراد منه إنشاء النسل والحياة المشتركة.
وتطرق التميمي أيضا إلى شروط الزواج في قانون الأحوال الشخصية في المادة السابعة، وهي تمام الأهلية والعقل، لكن هذهِ المادة أجازت الزواج لمن أكمل سن 15 عاما بشرط موافقة المحكمة وموافقة ولي الأمر أيضا، أما من كان دون 15 عاما فلا يمكن أن يُسجل في المحكمة.
معاناة المجتمع العراقي
وتعليقا على ذلك، اعتبرت الأكاديمية والناشطة المدنية الدكتورة نهلة نجاح زواج القاصرات من المشاكل الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع وخاصة في المناطق الريفية، وقد تزايد في الآونة الأخيرة في المدن ومنها بغداد.
ونبهت إلى أن “للموضوع انعكاسات وأثارا سلبية لا تعد ولا تحصى، من أبرزها حرمان الفتاة من عيش مرحلة الطفولة والمراهقة، وفرض مسؤوليات كبيرة عليها وهي لا تعرف شيئا عن الحقوق والواجبات الأسرية، وتجبر الفتيات على الحرمان من التعليم وتضطرهن للحمل والإنجاب خضوعا للبيئة الاجتماعية المحيطة بهن”.
وأشارت نجاح إلى أن “الفتاة قد لا تجبَر على الزواج ولكن بتركها التعليم وجلوسها حبيسة المنزل تتحمل هنا العائلة عدم توعيتها، ويتم توجيهها بشكل مباشر إلى أن البديل الطبيعي عن التعليم هو الزواج، وبالتالي تصبح الطفلة عشوائية ومضطربة، وقد تدخل في علاقات عاطفية فقط من أجل الزواج الذي يصبح حلما يطاردها وتسعى لتحقيقه”.
مطالبات بالإرشاد الأسري
واستغربت الأكاديمية العراقية من توجه بعض العائلات المتعلمة والميسورة ماديا إلى تزويج بناتها وأولادها القاصرين، مبررين ذلك بصعوبة الحياة وكبر المسؤوليات، متجاهلين حالات الطلاق التي قد تحدث لأولادهم مستقبلا ولا سيما أن المحاكم العراقية تشهد ارتفاع حالات الطلاق يوميا، وخاصة بين الفئات العمرية الصغيرة ممن يجهلون ما الأسرة وما البناء الاجتماعي لها.
وطالبت نجاح بوجود “برامج عن الإرشاد الأسري والزواجي على غرار الكثير من الدول الأخرى، ويمكن أن يقدَّم من مؤسسات حكومية أو منظمات مجتمع مدني، بهدف تخفيف حالات العنف الأسري والحد من الطلاق نتيجة لتوعية المقبلين على الزواج بحقوقهم وواجباتهم”.