شقيقتان كفيفتان من غزة .. التغلب على الإعاقة وهزيمة “العتمة”
هنية وشمس أبو شحمة شقيقتان كفيفتان من خانيونس جنوب قطاع غزة، لم تقف الإعاقة أمامهما لحفظ القرآن الكريم كاملًا، وحصولهما على شهادة الإجازة بدرجة “السند المتصل”.
وإجازة “السند المتصل” هي النقل الصوتي للقرآن الكريم من جيل لآخر، يشهد فيها الشخص المانح للإجازة بأن قراءة مُتلقي الشهادة أصبحت صحيحة ومطابقة للقراءات القرآنية التي أجازه بها، كما تسمح له بأن يقرأ ويُقرئ غيره القرآن.
فكانت شقيقتان كفيفتان من غزة أمام تلك الصعوبة خلال رحلة حفظ القرآن وأبرزها عدم توفر القرآن بلغة “برايل” الخاصة بفاقدي البصر وهي الكتابة بحروف بارزة لقراءتها عن طريق اللمس.
وإلى جانب حفظ القرآن، فقد حصلت الشقيقتان هنية (23 عاما)، وشمس (18 عاما)، على معدلات مرتفعة في شهادة الثانوية العامة، كان آخرها هذا العام حيث حصلت شمس، على معدل 88.5%.
وإضافة إلى هنية وشمس، فإن شقيقهما الأصغر يعاني أيضا من الإعاقة البصرية، إلى جانب إصابته بمرض التوحد. ولازمت الإعاقة البصرية الأشقاء الثلاثة منذ الولادة.
الاعتماد على السمع
واعتمدت الشقيقتان في بداية حفظهما للقرآن على حاسة السمع، إذ لم يتوفر لديهما في البداية مصحف بلغة “برايل”، كما قالتا لوكالة (الأناضول).
وبدأت الفتاتان مرحلة تلاوة وحفظ القرآن منذ كانتا في مرحلة رياض الأطفال (عمر 4-5 سنوات)، لكنهما حصلتا على المصحف الأول بلغة “برايل” قبل أقل من 12 عاما.
وحظيت هنية وشمس باهتمام ومساعدة عائلتهما في عملية الحفظ، حيث كان والدهما يقرأ لهما القرآن، كما يداوم على إعادة تسميعه لهما.
إلى جانب ذلك، فإن الشقيقتين انخرطتا في دورات تدريبية لحفظ وتلاوة القرآن، ساعدتهما في عملية الحفظ. وأضافتا “دائما نسعى لتثبيت حفظ القرآن، إما ذاتيا، أو بالالتحاق بدورات متخصصة بهذا المجال”.
أحلام شمس
وخلال العام الدراسي الماضي، سعت الشقيقة الصُغرى شمس بكل جد للحصول على معدل مرتفع في الثانوية العامة، ليمكنها من دراسة التخصص الذي تحب.
ومنذ المرحلة الثانوية، اختلفت طبيعة الدراسة على شمس، حيث انتقلت من مدرسة خاصة بالمكفوفين، إلى مدرسة عامة للأصحاء (دون إعاقة)، لا تخصص دروسا أو وقتا للمكفوفين.
وشكل هذا التغير تحديا قاسيا للفتاة الفلسطينية، مما دفعها لبذل جهود مضاعفة من أجل متابعة دروسها، وتلخيصها.
واعتمدت شمس في تلخيص دروسها على آلة “بيركنز” (آلة يستخدمها ذوي الإعاقة البصرية في الكتابة بطريقة برايل)، التي كانت تتقاسمها مع شقيقتها “هنية”، في أوقات الدراسة، وذلك لعدم توفر آلة ثانية تساعدهما في تغطية كامل فترتهما الدراسية.
وحصلت عائلة أبو شحمة على تلك الآلة من وزارة التنمية الاجتماعية، بحيث تتعهد العائلة بإرجاعها فور انتهاء كل فصل دراسي. وتعجز العائلة عن توفير آلة خاصة بسبب ارتفاع تكلفتها والتي تقدر بنحو 2000 دولار أميركي.
أحلام هنية
الشقيقة الكُبرى هنية، تخرجت من كلية أصول الدين بمعدل 88.8%، لتلتحق مباشرة بدبلوم للتأهيل التربوي وتتخرج منه بمعدل 83.7%.
وشكلت الظروف الاقتصادية، خلال رحلتها الدراسية، المعيق الأكبر حيث تحتجز الجامعة شهادة الدبلوم الخاصة بها، بسبب عجزها عن سداد بقية تكاليف الدراسة.
وتعتمد عائلة أبو شحمة في توفير احتياجاتها المعيشية، على راتب تصرفه، الحكومة الفلسطينية، بقيمة 1400 شيكل شهريا (الدولار يعادل 3.4 شيكل)، وهو مخصص لأهالي الشهداء، والذي تتقاضاه العائلة منذ استشهاد نجلها خلال انتفاضة الأقصى عام 2000.
وتتطوع هنية في المساجد لتقديم دروس الوعظ والإرشاد للطالبات. وتطمح الشابة الفلسطينية، لدارسة الماجستير في تخصص تفسير القرآن وعلومه، معربة عن آمالها في توفير منحة لها، لاستكمال دراستها.