معهد واشنطن: إيران تواصل تغلغلها في العشائر العربية في سوريا
منذ انخراطها في الصراع السوري، ووقوفها إلى جانب حكومة النظام ضد المعارضة، عملت إيران على كسب ود العشائر العربية وجعلهم ورقة في يدها.
وتعمل إيران منذ بدء تدخلها في سوريا منذ نحو عشر سنوات، على زرع وجهاء وشيوخ عشائر محليين يرتطبون بشكل رسمي ومباشر بها لتنفيذ مخططاتها عبر الزج بأنباء هذه القبائل في الفصائل العسكرية التي تديرها طهران من خلال ضباطها المتواجدين في سوريا وتحديداً في الشمال والشمال الشرقي في دير الزور والرقة والحسكة.
إلى ذلك، كشف معهد “واشنطن” الأمريكي، عن دراسة جديدة تناولت التغلغل الإيراني في العشائر العربية المتواجدة في سوريا على مختلف الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية.
وأشارت الدراسة إلى أن التوتر الحاصل بين “قسد” صاحبة النفوذ في شمال شرقي سوريا والمدعومة من التحالف الدولي، والعشائر العربية في المنطقة، على زيادة النشاط الإيراني ومحاولة كسب العشائر إلى صفها، مما يمنحها موطئ قدم في المنطقة ربما يكون قد أصبح مستداماً إلى حد كبير، الأمر الذي يجعل التخلص من النفوذ الإيراني شمال شرقي سوريا، يتطلب عملًا على جميع الأصعدة الاجتماعية والعسكرية والمالية، بحسب الدراسة.
ولتواجد إيران شمال شرقي سوريا أهمية استراتيجية لها، حيث إن محافظة الرقة هي صلة الوصل بين المحافظات الثلاثة حلب ودير الزور والحسكة، كما أن دير الزور والحسكة لهما أهمية من الناحية الاقتصادية، حيث تتواجد معظم آبار النفط في هذه المناطق.
ويُعدّ “لواء الباقر” الذي يتكون معظمه من أبناء قبيلة “البقارة”، أقوى الميليشيات العشائرية المدعومة إيرانياً، الذي ينشط في دير الزور وحلب.
أما الحسكة، فتدعم إيران هناك ميليشيا “المغاوير” العشائرية العاملة ضمن “الدفاع الوطني” الرديف للجيش السوري، والذي أنشأ هذه الميليشيا هو محمد الفارس أحد مشايخ قبيلة طيء العربية، في حين تتواجد ميليشيا “قوات مقاتلي العشائر”، في الرقة تحت قيادة أحد مشايخ عشيرة البوحمد، تركي البوحمد، وتتكون من نحو 800 مقاتل.
ولا تنفذ هذه الميليشيات أي عمل مسلح ضد قوات سوريا الديمقراطية، إلا أنه ووفقاً للدراسة، فإن طهران تجهزها كي تسيطر على المنطقة على حساب “قسد”، في حال انسحبت القوات الأمريكية من هناا.
كما تشير الدراسة، إلى أن المساعي الإيرانية في شمال شرقي سوريا تعود إلى ما قبل 2011، إذ عملت على ترميم عدة أضرحة شيعية قديمة في سوريا من أجل استخدامها لنشر التشيع بين العشائر لاسيّما في دير الزور.
وفي الرقة أيضاً، بنت مقاماً شيعياً على ضريحي الصحابيين عمار بن ياسر وأويس القرني في الرقة، واستغلت المقامين في نشاطاتها الدينية.
وقامت إيران بإنشاء روابط مع شخصيات عشائرية عبر الدبلوماسية، إذ دعت زعماء العشائر العربية في سوريا إلى زيارة طهران وأجرت معهم محادثات في عدة مناسبات، ولم تقف الأمور عند هذا الحد، بل قاممت إيران بدعوة مشايخ العشائر المنشقين عن الحكومة السورية منذ 2011، إلى العودة إلى مناطق سيطرة الجيش السوري، وأعطتهم الضمانات بأن الجيش سيعفو عنهم، ومنهم نواف البشير من البقارة، الذي عمل بعد عودته إلى صفوف قوات الجيش السوري على تجنيد أبناء عشيرته في “لواء الباقر”.
كما تغلغلت إيران في العشائر العربية من خلال تقديم المساعدات لهم، حيث توجد أكثر من 12 “جمعية خيرية” في المنطقة، منها جمعية “جهاد البناء” التي تعمل على إعادة تأهيل المدارس والمستشفيات، إلا أن طهران لم تتوسع في نشاط تقديم المساعدات في محافظتي الرقة والحسكة بسبب تواجد قوات سوريا الديمقراطية “قسد” هناك.
حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية على معظم أراضي الحسكة باستثناء المربع الأمني وسط المدينة الخاضع لسيطرة حكومة النظام، بينما تعد الرقة عاصمة لـ “الإدارة الذاتية” في شمال وشرقي سوريا، ويوجد فيها المقر الرئيس لـ”المجلس التنفيذي” و”المجلس التشريعي” و”مجلس سوريا الديمقراطية”، ومؤسسات أخرى تعد الركيزة الأساسية في الهيكلية التنظيمية والمدنية لـ”قسد”.
فيما يسيطر الجيش السوري، على عدة مناطق في ريف الرقة، منها بلدة الرصافة ومدن معدان والسبخة، إضافة إلى بلدة عين عيسى ضمن تفاهمات مع “قسد”، في حين تتقاسم الأخيرة مع النظام السيطرة على محافظة دير الزور، إذ تتواجد “قسد” شرقي نهر الفرات، بينما تعتبر البوكمال أبرز معاقل التواجد الإيراني في المحافظة.
يذكر أن الجيش السوري و”قسد” وكافة القوى الأجنبية المتصارعة في سوريا، مثل إيران والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وتركيا، تحاول استمالة العشائر العربية إلى صفها، لتوسيع النفوذ والتغلغل أكثر في المنطقة.