ميليشيات طرابلس .. رقم صعب في المعادلة والحكومة عاجزة أمامهم
لا يزال الوضع في العاصمة الليبية طرابلس غير مبشر بالخير، بسبب المشكلات المتفاقمة بين الميليشيات المسلحة المحلية التي كانت ترعاها حكومة الوفاق الوطني في السابق، والتي بقيت حالياً دون دعم مالي.
ولم تستطع الحكومة الليبية الحالية، كبح جماح هذه الميليشيات التي تنامى نفوذها منذ تولي حكومة الوفاق الوطني السلطة في آذار/ مارس 2016، وفشلت محاولات، حصلت بضغط المجتمع الدولي، لدمجها ضمن المؤسسات الأمنية الليبية، في ظل خلافاتها الأيديولوجية وصراعاتها على النفوذ السياسي والهيمنة الاقتصادية.
وإن استمرار الاشتباكات بين الميليشيات التي تقاتل على مناطق النفوذ يلحق أضراراً جسيمة بالبنية التحتية، كما يؤدي إلى سقوط ضحايا تقدر بمئات المدنيين، مما يثبت مرة أخرى عجز حكومة الوحدة الوطنية الجديدة عن ضمان سلامة المواطنين ومنع الجرائم التي يرتكبها المرتزقة والمليشيات في شوارع المدينة.
يُعد افتتاح الطريق الساحلي السريع الذي يربط بين الشرق والغرب العنصر الرئيس لإعادة توحيد ليبيا.
وفي أوائل مارس / آذار، كانت هناك عمليات لإزالة الألغام، ولكن في مرحلة ما توقف العمل ووردت معلومات تفيد بأن الميليشيات في مصراتة رفضت فتح الطريق السريع. وطالبت بتعويضات، وبحسب تسريبات مختلفة، فإن المبلغ الذي طلبته الميليشيات يتراوح بين 100 و 150 مليون دينار.
وأفادت مصادر مطلعة، أن قادة مليشيات من مدينة مصراتة قاموا بعرقلة مبادرة استهدفت فتح الطريق الساحلي بين سرت وطرابلس الليبيتين.
كما و أشارت المصادر، إلى أن إفشال تلك الجهود جاءت من قادة المجموعات المسلحة، الذين يدينون بالولاء لوزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشاغا، وكانوا في تركيا خلال الأيام القليلة، والتقوا هناك بضباط في الجيش والمخابرات.
وهذا الطريق خطير للغاية على المدنيين حالياً، حيث تعمل عليه مجموعات كثيرة من المسلحين، يطلب البعض دفع رسوم، والبعض يأخذ المال والمجوهرات والمعدات والسيارات من المارة.
ومن الأمثلة الفظيعة الأخرى على انعدام الأمن في طرابلس سجن “أبو سليم” الواقع تحت سيطرة الإرهابي غنيوة الككلي. حيث يقبع أعضاء مجموعات أخرى تم أسرهم خلال المعارك في العاصمة والضواحي، والأشخاص الذين تم اختطافهم للحصول على فدية، والناشطين المعارضين للنظام الحالي والذين يكتبون تقارير على مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام يذهبون إلى هناك.
كما أن العديد من المشاكل التي يواجهها سكان العاصمة ترتبط ارتباطاً مباشراً بأنشطة الميليشيات المسلحة العاملة في المدينة. وهكذا، فإن النقص المستمر في الوقود مرتبط بتهريبه إلى تونس الذي تنظمه الميليشيات، ناهيك عن انقطاع التيار الكهربائي بسبب سرقة خطوط الكهرباء التي يقوم بها مرتزقة أسامة الجويلي.
بالإضافة إلى تهريب المخدرات الذي يعدّ مصدر دخل آخر للميليشيات المسلحة وعمليات الخطف وسرقة السيارات والسطو على المحلات التجارية.
وكل هذا ناتج عن حقيقة أن حكومة الوحدة الوطنية غير قادرة على كبح جماح الميليشيات وحل مشكلة الجماعات المسلحة التي تواصل ممارسات الترهيب والتخويف بحق سكان طرابلس.
إن تأثير هذه الميليشيات على الساحة السياسية الليبية كبير لدرجة أن حكومة الوحدة الوطنية مجبرة على الانصياع لهم. وإن الخلاف بين قادة الميليشيات يمنع تحقيق الشرط الأهم لتوحيد البلاد، ألا وهو فتح الطريق الساحلي الذي يربط بين غرب ليبيا وشرقها. فإذا لم تجد حكومة الوحدة الوطنية حلاً فعّالاً للمشكلة الحالية، فإن الوضع في العاصمة طرابلس سيزداد سوءً مع الأيام، وستذهب جميع الجهود الليبية التي بُذلت لتوحيد الصفوف سدىً.