هل يقود انتشار فيروس كورونا في مصر إلى تعثر مصرفي ؟
تستعد الحكومة المصرية لاحتمال حدوث تعثر مصرفي في الوقت الذي تتزايد فيه المخاوف من تسبب فيروس كورونا الجديد في ضرب موارد الدولة التي طالما اعتمدت، منذ نحو ست سنوات، على الاقتراض والأموال الساخنة للمستثمرين الأجانب في توفير مصادر تمويل للإنفاق على مشروعات ضخمة من دون جدوى اقتصادية.
حجر الزاوية
وترى اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب أن صندوق تسوية البنوك المتعثرة، الذي استحدثت مادة قانونية بشأنه، يمثل حجر الزاوية في النظام المصرفي الجديد.
ويضم الصندوق في عضويته جميع البنوك، على أن تأتي موارده من مساهمة كل بنك بنحو 0.5 في المائة من قيمة الودائع لديه، يتم تحصيلها على مدى 10 سنوات.
واستطاعت مصر، بصعوبة بالغة، تجاوز أزمة تعثر مصرفي خلال تسعينيات القرن الماضي، كما تمكنت من تفادي الأضرار الناجمة عن الأزمة المالية العالمية، بفضل الإجراءات التي اتبعها البنك المركزي لإصلاح القطاع المصرفي بعد أزمة نواب القروض، واستمرت الإجراءات التحوطية في الإقراض سواء للحكومة أو القطاع الخاص حتى نهاية 2013.
إقراض الحكومة
ووفقًا لموقع (العربي الجديد) فمنذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكم، منتصف عام 2014، فتحت البنوك خزائنها لإقراض الحكومة بشكل غير مسبوق، كما كثفت الدولة الاستدانة من الخارج لتصل إلى مستويات قياسية في سنوات معدودة، لتتجاوز القروض التي حصلت عليها الدولة خلال ست سنوات من حكم السيسي، ما حصل عليه ستة رؤساء تعاقبوا على حكم البلاد منذ خمسينيات القرن الماضي.
ووفقاً لبيانات البنك المركزي الأخيرة، وصل الدين الداخلي، بنهاية الربع الأول من العام المالي الحالي 2019ـ 2020 (نهاية سبتمبر)، إلى 4.18 تريليونات جنيه (270 مليار دولار)، بينما وصل الدين الخارجي إلى 109.36 مليارات دولار.
تداعيات أزمة كورونا
ودأبت الحكومة طيلة السنوات الماضية على استبدال الديون بديون جديدة، معتمدة على السيولة المالية المرتفعة لدى البنوك والمتحصلة من ودائع المصريين، لكن أزمة كورونا التي يتخوف من امتداد تداعياتها ربما تضع البنوك في مأزق كبير، وفق محللين مصرفيين، خاصة أن موراد الحكومة من قطاعات رئيسية، مثل الضرائب والسياحة وقناة السويس، باتت مهددة.
كما أن القطاع الخاص أضحى محاصراً في ظل الشلل الذي تسبب فيه الوباء واسع الانتشار محلياً ودولياً، ما ينذر بتعثر الكثير من الشركات عن سداد أقساط ديونها للبنوك، بينما لن تجدي فترة التسهيلات، التي منحها البنك المركزي والمحددة بستة أشهر، نفعا، وفق المصرفيين.
سحب الأموال
ولم يخف محافظ البنك المركزي طارق عامر، في تصريحات لفضائية “صدى البلد” المحلية المقربة من السلطة، مخاوفه من عمليات سحب كبيرة للأموال من البنوك مع اندلاع أزمة كورونا.
وكشف عامر في الحوار، الذي جرى نهاية مارس الماضي، أن المصريين سحبوا 30 مليار جنيه (1.9 مليار دولار) من البنوك على مدى ثلاثة أسابيع، معلنا عن قيود لسحب الأموال ضمن تدابير قال إنها تهدف إلى “حماية بنوك الدولة”.
وبالتزامن مع عمليات نزوح الأموال من البنوك، لجأ بنكا “مصر” و”الأهلي المصري” الحكوميان، وهما أكبر بنكين في البلد، إلى رفع أسعار الفائدة بنسبة كبيرة على شهادات الادخار وصلت إلى 15 في المائة، رغم خفض البنك المركزي للفائدة بنحو كبير.
أزمة سيولة
واعتبر محللون، أن إجراءات البنكين الحكوميين تأتي في إطار محاولات جذب أموال المواطنين، وخشية التعرض لأزمة سيولة مع عمليات سحب الأموال من قبل بعض المودعين، الذين يسيطر عليهم الهلع من اتساع نطاق أضرار كورونا.
وبالفعل، أعلن المصرفان قبل يومين أن حصيلة ما جمعاه من شهادة الاستثمار الجديدة تجاوز 70 مليار جنيه، منذ طرحها في 22 مارس الماضي.
لكن محللين يقولون إن هذه الأموال لن تصمد طويلا في حال تعثر القطاع الخاص عن سداد ديونه، بينما هناك رعب بالأساس من إمكانية تعرض الحكومة لأزمة مالية إذا ما طال أمد الأضرار التي يخلفها فيروس كورونا.