أهالي دير الزور يعولون على الدور الروسي لإعادة الأمن إلى مدينتهم
لوحظ في الآونة الأخيرة معاناة واستياء أهالي دير الزور شمال شرقي سوريا ورفضهم للوضع الحالي، فما أن تهداً مدينتهم نسبياً حتى تعود للفوضى والقصف وأعمال الخطف والاغتيالات.
ويرغب السكان بدخول الروس إلى المدينة لضبط الوضع على غرار غيرها من المدن التي دخلتها القوات الروسية سابقاً مثل حلب، وإنهاء الحالة القائمة فبات الأهالي مرهقون من المعاملة السيئة لعناصر قسد مع العرب السوريين من ناحية، ومن ناحية أخرى يرفض شبان المدينة الانضمام للقتال في صفوف الفصائل الإيرانية.
إلى ذلك، ذكرت مواقع محلية، هروب العديد من العناصر في صفوف الحرس الثوري الإيراني، وأبداوا رفضهم للالتحاق بالخدمة معهم عقب الغارات الإسرائيلية الأخيرة، كما أنزلوا الأعلام الإيرانية ورفعوا العلمين السوري والروسي.
وعلى إثر ذلك، قامت الفصائل الإيرانية بتعزيز حواجزها بالعناصر والعتاد على أطراف دير الزور وفي البوكمال بالقرب من الحدود العراقية السورية وتكثيف الدوريات بهدف إلقاء القبض على الفارين.
وفي الجانب الآخر، يتعرض شبان الجزيرة والشمال السوري لأعمال اختطاف يومية، بهدف التجنيد الإجباري أو ضمن حملات الاعتقال للمعارضين في المناطق المسيطر عليها، من قبل “قسد” المدعومة بشكل مباشر من الجيش الأمريكي.
ويعتقد السكان أنه بدون القوات الروسية لن تتمكن القوات الحكومية من توفير الأمن لسكان المنطقة في حده الأدنى، في ظل الشائعات حول استعداد تنظيم “داعش” الذي ينشط على الضفة المقابلة لنهر الفرات للهجوم على المدينة ومحيطها.
ويرى مراقبون، أن مغادرة الروس لدير الزور سابقاً، أثّرت بشكل مباشر على أمن المدينة، فعندما كانت المحافظة تحت سيطرة الجيش الروسي، كانت تعيش جو من الهدوء والأمن نسبياً إلا أنه عندما غادر الروس المحافظة باتت تشهد فوضى واضطرابات ترعب السكان المحليين من ممارسات قسد المدعومة من أمريكا، والتفجيرات التي تنفذها خلايا داعش على أطراف المدينة وفي البادية.
هذا بالإضافة للقصف الإسرائيلي المتكرر لمواقع إيرانية، حيث إن التواجد الإيراني الكبير في دير الزور ومحاولة إسرائيل ضرب الايرانيين على الأراضي السورية واستهداف مقراتهم في مدينتي البوكمال والميادين في ريف دير الزور زاد من مخاوف السكان، وآخرها الانفجار الضخم الذي هز منطقة الميادين الخاضعة لسيطرة الفصائل المدعومة إيرانيا بعد ضربها من قبل الطيران الاسرائيلي.
يأتي ذلك، بالتزامن مع تقارير تحدثت مؤخراً، عن مؤشرات على وجود اتفاق روسي- إيراني “غير معلن” شرقي سوريا، وقد دخل حيز التنفيذ، الشهر الماضي، بوصول القوات الروسية لأول مرة إلى الحدود العراقية، عند معبر البوكمال، وهي منطقة ذات نفوذ إيراني خالص، وفقاً للتقارير.
وأشارت التقارير، إلى أن الوجود العسكري الروسي في مناطق غرب الفرات يمنح موسكو مزايا استراتيجية مهمة، تتمثل بشكل أساسي بإضعاف النفوذ الأمريكي في سوريا من خلال اقترابها من قاعدة التنف، وتواصلها مع عشائر مناطق الفرات “المتذمرة” من الدعم الأمريكي لـ “الإدارة الذاتية” للأكراد وتهميش العرب.
وبالمقابل، ترغب إيران في تخفيف حدة الضربات الاسرائيلية على مواقع في البوكمال وعموم مناطق غرب الفرات، كما تسعى لإعادة سلطة الدولة السورية على المناطق الحدودية، وهي ورقة يمكن استخدامها في المفاوضات مع الإدارة الأمريكية الجديدة، بحسب التقارير.
من جانبهم، شرع الروس في بداية يناير الجاري، بعقد اجتماعات مع زعماء العشائر وأهالي دير الزور، إذ أجروا حواراً معهم تطرقوا من خلاله للوضع العام في مدينتهم وأسباب عودتهم إليها بشكل كبير، إذ قال ضابط روسي للعشائر، إن قوات الجيش الروسي جاءت إلى دير الزور “ لإنهاء الفوضى وضبط الوضع في مدينتهم ”.
وطلب الضباط الروس من وجهاء وشيوخ العشائر أن يعودوا إلى القوات الروسية لنقل مشكلات مدينتهم، وأن روسيا ستسعى في الفترة القادمة لتعزيز نفوذها بشكل أكبر، لمتابعة آخر التطورات في المنطقة، لافتاً إلى أن بلاده تسعى للحد من الضربات الجوية على المنطقة.
ومن المتوقع أنه مع وجود الروس في دير الزور، ستعمل عشائر المحافظة على التنسيق معهم، لاسيّما وأن العشائر كانت مجبرة على التعامل مع الإيرانيين لعدم وجود البديل، كما أن الطبيعة الديموغرافية لأهالي دير الزور والتي يشكل أغلبها من الطائفة السنية تفضل الروس على الإيرانيين.
يشار إلى أن القوات الروسية نشرت مؤخراً عشرات المقاتلين من الفيلق الخامس التابع للجيش السوري، إضافة إلى عدد من الآليات العسكرية الروسية، ضمن النقاط الحدودية على الخط الحدودي قبالة قرية الهري ولمسافة 10 كم غرب القرية الواقعة بريف البوكمال الجنوبي.
وفي محاولة لإعادة تأمين الطريق بين دير الزور وحمص، أشار تقرير قبل يومين للمرصد السوري لحقوق الانسان أن قوات مشتركة من الفيلق الخامس والدفاع الوطني السوري أطلقت حملة تمشيط في المنطقة من غربي دير الزور وحتى السخنة.
الحملة بدأت صباح السبت الماضي، ضمن البادية السورية لتأمين الطريق، بعد أن ارتفعت في الأونة الأخيرة نشاطات إرهابية لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
ويرافق التمشيط في المنطقة مشاركة جوية من المروحيات الروسية، حيث تواصل الطائرات الروسية تحليقها في البادية السورية مع ضربات جوية مستمرة للمناطق التي تنتشر فيها داعش، وقد قامت الطائرات الروسية بأكثر من أربعين غارة جوية.