اليهود في المغرب.. تاريخ طويل سجلته أحياء الملاح
تشير بعض الدراسات التي تغوص في تاريخ وجود اليهود في المغرب، وهو تاريخ قديم جدا، أن أصل التسمية يعود لأول حي يهودي تم بناؤه في مدينة فاس، العاصمة التاريخية للمغرب لقرون، في منطقة كان يجمع فيها الملح ويخزن تمهيدا لتصديره عبر القوافل التجارية.
وقد أطلق على الحي اسم الملاح في عهد الحكم المريني في القرن الخامس عشر، قبل أن يعمم على كل التجمعات اليهودية التي ستقام بالمغرب لاحقا.
واحتضنت أحياء الملَّاح، التي تنتشر بعدد من المدن المغربية , اليهود الذين عاشوا بالمغرب منذ قرون طويلة، حيث شيدوا بها منازلهم ومحلاتهم التجارية ومدارسهم ومعابدهم.
ولم تكن هذه التجمعات اليهودية مغلقة، بل انفتحت على المسلمين، فكانت “فضاء بارزا للتعايش السلمي بين الديانتين”.
ومن حيث شكلها الهندسي، كانت أحياء الملاح محاطة بالأسوار ولها عدة منافذ، كما تميزت بمنازلها المتداخلة وكثرة المحلات والأسواق. أما جغرافيا؛ فكانت تلك الأحياء تقام، غالبا، بالقرب من قصور ومراكز السلطة، حيث كان الحكام يعتمدون على مهارة اليهود في صناعة الحلي والمجوهرات والتجارة والمضاربة بالأموال.
ويؤكد الباحث في الموسيقى والتراث اليهودي، محند الحداوي، أن وجود أحياء الملاح بالقرب من قصور السلطة كان “يوفر لهم الحماية من أي مخاطر قد يتعرضون لها”.
ويضيف في تصريح له أن “اليهود كان يمارسون شعائرهم بكل حرية داخل الملاح، لتمتعهم بوضعية أهل الذمة التي مكنتهم من الاستقلال النسبي في تسيير تجمعاتهم”.
نقطةالتعايش بين اليهود في المغرب والمسلمين
ورغم أن أحياء الملاح، شكلت نموذجا للخصوصية اليهودية بالنسبة الى اليهود في المغرب ، خاصة فيما يتعلق بالجانب الديني، فإنها اعتبرت بمثابة مؤسسة سكانية واقتصادية مشتركة بين اليهود والمسلمين، حيث ضمت تلك الأحياء منازل المسلمين، وقد كانت المعاملات التجارية والإنسانية مشتركة بين معتنقي الدينين الإسلامي واليهودي.
ويشير حداوي إلى أن حالة التعايش انعكست بشكل واضح في بعض المدن التي لم تشيد فيها الأحياء اليهودية، كمدينة وجدة شرقي المملكة، “التي عاش فيها اليهود في أحياء المسلمين”. واضاف أن هذا التعايش لم يقتصر فقط على المدن الكبرى وإنما على المناطق النائية، خاصة في جبال الأطلس.
المصدر :سكاي نيوز عربية