آراء غاضبة حول دعوة سعودية لإعادة كتابة القرآن الكريم
اختلفت الآراء حول الدعوة التي جاءت بمقال نشرته صحيفة سعودية يطالب بإعادة كتابة القرآن الكريم بصورة حديثة، حيث جاءت غالبية ردود الفعل غاضبة على المقال الذي جاء تحت عنوان ” دعوة إلى إعادة كتابة القرآن الكريم من جديد”.
وبحسب موقع (بي بي سي عربي) دعا كاتب المقال، جرجيس كوليزادة، إلى إمكانية إعادة النظر في كتابة القرآن الكريم، مشيرًا إلى أن الرسم العثماني المكتوب به المصحف حاليًا لا يصلح للأمة الإسلامية في عالمنا الراهن، وفقًا لتعبيره.
المرونة في العبادات الإسلامية
وفي بداية مقال الكاتب عبر الصحيفة السعودية، ضرب مثالًا بالواقع الحالي الذي فرضته جائحة فيروس كورونا على العالم أجمع مما ادى إلى إحداث تغييرات كبيرة في شتا مناحي الحياة المختلفة، لافتًا إلى ما وصفها بـ” المرونة في العبادات الإسلامية في ظل الجائحة”، وبأنها بادرة مشجعة جدا “لإعادة النظر في النصوص الإسلامية”.
وقام الكاتب بالدعوة إلى “رؤية معاصرة تخدم المسلمين والإنسانية كافة قائلا إنه “حان الوقت لإعادة النظر في الأصول الشرعية والفقهية التي تخص الإسلام”.
ووجه جرجيس طلبًا إلى حكومة الممكلة العربية السعودية، بأن تتصدى لتلك المهمة وتتبناها بالتماشي مع خطط وبرامج العمل الهادفة لتحديث المملكة في جميع النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياحية الدينية.
وقال في ختم المقال: “الزمن قد حان للتعامل على أساس المنطق والعقل مع النصوص الدينية والخروج من عالم الغيبيات، وغربلة النصوص الدينية من الأخطاء النصية والفكرية التي وقعت فيها بفعل أخطاء بشرية وممارسات آدمية، وبسبب عدم تطور الكتابة قبل ألف وألفين سنة”.
ردود فعل مستنكرة
وما إن تم نشر المقال، إلا وجاءت ردود فعل مستنكرة له عبر الشبكات الاجتماعية، وأنه عبارة عن “استخفاف وتطاول على كتاب الله”.
وجاء عدد من التغيريدات عبر موقع “تويتر” تؤكد بأن الكاتب صاحب معتقد غير مسلم، مما أدى إلى قرلءته المغلوطة والمصللة للواقع، وأن ذلك الأمر يعود إلى ضعف دور علماء الفقه ومؤسساته في المملكة العربية السعودية. وكان حري على الكاتب أن يضع تركيزه على كتاب الإنجيل تاركًا القرآن الكريم لأصحاب ديانته.
ومع استنكار البعض عبًر آخرون عن غضبهم من ما وصفوها بهجمة تشن ضد الإسلام من خلال الاستخفاف بالثوابت وبأصول الدين وبالدعوة إلى تحريف القرآن، وتساءل البعض عن ما هو قادم؟
دعوة ليست جديدة
الدعوة إلى تغيير رسم بعض كلمات القرآن ليست جديدة، بل تعود إلى العصور الأولى لانتشار الإسلام، بل امتدت إلى عصرنا هذا، فقد تناولها العديد من الكتاب والمؤرخين والمتخصصين في اللغة والدين بالبحث والتدقيق.
ومن علوم القرآن المختصة بذلك “علم الرسم”، الذي يبحث في معرفة خط المصاحف العثمانية وطريقة كتابتها والقواعد المتبعة فيها خلافا للرسم القياسي الإملائي.
وخلص المتخصصون في علوم القرآن إلى أن هناك ست قواعد في رسم المصحف استنبطها العلماء عن طريق الاستقراء والتتبع، وأنها غير لازمة أو مطردة في كل كلمة قرآنية كتبت، وبذلك “يثبت أن طريق كتابة المصحف هو النقل وحده”.
وهناك أيضا “علم الضبط”، الذي يبحث في طريقة نقط الكلمات والحروف القرآنية، من نقط إعراب ونقط إعجام، وما يتعلق بذلك من رموز وحركات.
كما أن رسم آيات المصحف مرتبط أيضا بعلم القراءات وقواعد التلاوة المتواترة، إضافة إلى كتابة بعض آيات النص القرآني وفقا للهجات عربية نادرة.
ردود المختصين
ويرى المتخصصون في علوم القرآن أن رسم المصحف ليس مرجعا لقواعد الإملاء ولا تسري قواعدها عليه، بل هو رسم خاص فقط بالقرآن الكريم.
وقد اختلف العلماء في حكم الرسم العثماني، أهو توقيفي من النبي محمد (لا يصح فيه التغيير ولا التبديل، بل هو تنزيل من التنزيل كألفاظ القرآن الكريم سواء بسواء) أم اجتهادي من الصحابة، على ثلاثة آراء ورجحوا أنه اصطلاح ارتضاه الصحابة ولا يجوز مخالفته.