العداء يزداد بين الأتراك و الأكراد.. وأمريكا تتوسط للجانبان

لا شك أن حالة العداء التي يعيشها الجانبان التركي والأكراد السوريين في الأونة الأخيرة ألقت بظلالها على الشارع السياسي في البلدين، لا سيما في ظل الشد والجزب الذي يعيشه الطرفان .

اتفاق بين الأتراك والكرديين

وفي سبيل الحصول على سلام دائم بين الطرفين فتحت الإدارة الأميركية الباب مجدداً أمام احتمال إبرام اتفاق بين تركيا والأكراد السوريين، ينهي حالة العداء بين الطرفين اللذين يتراشقان الاتهامات من وقت لآخر .

واعتبرت أنقرة أن وحدات الحماية الكردية التي باتت القوة العسكرية الضاربة في شمال شرقي سورية تهدد الأمن القومي التركي بشكل كبير .

ومن جانب آخر يتهم الأكراد تركيا بالسعي إلى إخضاعهم لإرادتها أو تشريدهم من مناطقهم، نافين نيتهم تحويل منطقة “شرقي نهر الفرات” إلى إقليم مستقل كما يتردد في الأوساط التركية .

توسط أمريكا

وفي سياق الحصول على سلام دائم بين الطرفين، أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أول من أمس الثلاثاء، في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” الأميركية، استعداد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والأكراد في سورية لإبرام اتفاق سلام بينهم .

وأكد ترمب على أن كلا الجانبين أكدا موافقتهما على ذلك، ولطالما سعت الإدارة الأميركية خلال السنوات الماضية لرأب الصدع في العلاقة بين الأتراك و”قوات سورية الديمقراطية” (قسد) التي يهمين عليها قوميو أكراد سوريون من خلال وحدات الحماية الكردية، الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي، الفرع السوري من حزب العمال الكردستاني، والذي تنظر إليه أنقرة باعتباره العدو الأبرز في الوقت الراهن .

عين العداء

وبالرجوع إلى بداية تشكل الوحدات الكردية في عام 2012 بتسهيل من النظام السوري في شمال شرقي سورية، وتركيا تنظر إليها بعين العداء وتتهمها بمحاولة إنشاء إقليم ذي صبغة كردية تعتبره يمسّ بأمنها القومي .

أما الأكراد السوريون فهم بدورهم يتهمون تركيا بالسعي إلى سحقهم وتشريدهم عن مناطقهم، وهو ما منع الجانبين من ردم هوّة واسعة من الخلافات، رغم المحاولات التي بُذلت من أجل إيجاد حلول تجنّب الشمال السوري المزيد من العمليات العسكرية التي عادة ما تكون على حساب المدنيين .

مناوشات بين الجانبين

ففي مايو من العام 2015، تقدمت الوحدات الكردية على حساب تنظيم “داعش” في محافظتي الحسكة والرقة على الحدود السورية التركية، فسيطرت على مدن حدودية عدة، منها رأس العين وتل أبيض، وهو ما أجج العداء بين القوات الكردية وتركيا .

وفي مطلع العام 2018، شن الجيش التركي وفصائل معارضة هجوماً واسع النطاق على الوحدات الكردية في منطقة عفرين وريفها في ريف حلب الشمالي الغربي .

وذلك مع العلم أن عفرين كانت معقلاً بارزاً للوحدات الكردية، التي تلقت ضربة كبيرة من قبل الجيش التركي الذي سيطر في منتصف مارس 2018 على المدينة، دافعاً الوحدات الكردية إلى ريف حلب الشمالي، حيث لا تزال تسيطر على مدينة تل رفعت وبعض قراها، إضافة إلى مدينة منبج في ريف حلب الشمالي الشرقي .

وحاولت الدولة التركية القيام بعمل عسكري ضد “قسد” في المنطقة التي باتت تُعرف بـ”شرقي نهر الفرات”، ولكن التحالف الدولي كان حجر عثرة أمام الأتراك، الذين كانوا ينظرون بقلق كبير تجاه اتساع قوة هذه القوات التي تحولت إلى القوة الثانية في سورية بعد النظام .

توتر متصاعد

وبالرجوع للخلف قليلاً وتحديداً في أكتوبر الماضي، نجد أن الأتراك نفذوا تهديدهم بشن عملية عسكرية في منطقة شرقي الفرات، بعد تفاهمات مع الجانب الأميركي الذي سمح للجيش التركي وفصائل معارضة مرتبطة به بالسيطرة على منطقة محدودة بطول 100 كيلومتر وعمق 30 كيلومتراً، تمتد من مدينة رأس العين في ريف الحسكة الشمالي الغربي إلى مدينة تل أبيض في ريف الرقة الشمالي، وغالبية سكان المنطقة من العرب.

ومنذ ذاك التاريخ والتوتر والاشتباكات العسكرية بين الجانبين مستمرة على طول خطوط التماس في ريفي الرقة والحسكة، فالهجوم التركي دفع الأكراد إلى السماح لقوات النظام وقوات روسية بالدخول إلى شرقي نهر الفرات، في محاولة لإيقاف هذا الهجوم عند حد معيّن.

وفي الوقت الرهان تحاول الإدارة الأميركية تحقيق التوازن في علاقتها بين تركيا من جهة، وبين قوات “قسد” من جهة أخرى، لذلك تعمل على دفع الطرفين على توقيع “اتفاق سلام” .