المساعدات المصرية للسودان .. تعاطف إنساني أم محاولة للكسب السياسي؟

وصول وزيرة الصحة المصرية هالة زايد للخرطوم \ Daily News Egypt
0

المساعدات المصرية التي جاءت للسودان في الأشهر الماضية يمكن النظر إليها من عدة جوانب، فمنذ جائحة كورونا ومرورًا بالفيضانات التي ضربت السودان مؤخرًا وخلفت خسائر كبيرة في الأوراح والممتلكات، ما لبث الموقف الرسمي المصري إلا وبان بصفته الجار الشقيق المعاون عند الأزمات.

ومن المعروف أن العلاقات الثنائية بين البلدين شهدت فترات شد وجذب خلال فترة النظام السابق في السودان، وما إن حدث التغيير تغيرت معه الدبلوماسية المصرية في مسعًا منها لملامسة مشاعر السودانيين وبناء جسور تعاون جديدة مع الخرطوم، تطوي كل اللبس الحاصل في عدة ملفات إقليمية.

دبلوماسية المساعدات

يمكن النظر إلى المساعدات المصرية للسودان في هذه الفترة بالذات، كمحاولة لمخطبة المواطنين السودانيين وكسب انطباعات إيجابية تتكون لديهم سوف تحمل مردودات على مستوى النخبة الحاكمة.

إلا أن جانب الكسب الشعبي للقاهرة للمواطنين السودانيين تعتريه تعقيدات، فإذا كانت السلطة الانتقالية الحاكمة في السودان تملك رصيدًا جيدًا من العلاقات مع مصر فهي تبدو على المستوى الشعبي أقل من ذلك بكثير، وتخضخ لضغوط متباينة.

وظهرت على الصفحات الخاصة للكثير من المهتمين بشأن العلاقات مع السودان في القاهرة دعوات حثيثة إلى استثمار فرصة السيول والفيضانات في إعادة صياغة صورة المصري عمومًا في الذهنية السودانية، حيث تعرضت لتآكل السنوات الماضية، حمل انعكاسات سلبية على حزمة من التوجهات السياسية، أضرت نتائجها بالأمن القومي.

رفض التدخل المصري

يقول الكاتب المصري محمد أبوالفضل عبر زاويته بصحيفة (العرب للندنية) إن “فئة كبيرة من السودانيين لديها انطباعات ترفض أي تدخل مصري في شؤونهم، لأنه ينطوي في ذاكرتهم على مكونات أمنية غامضة، وهي الصيغة التي اعتادت القاهرة على مدار فترة حكم البشير على التعامل بها مع الخرطوم، التي انغمست في أزمات معها بسبب احتضانها لجماعات إرهابية”.

إلا أن أبو الفضل يرى أن كثيرًا من الصفحات القاتمة قد “طويت بعد الثورة على البشير، ولم تطو كل الرواسب السياسية التي خلفتها وأثرت على بناء روابط تنطلق من مساحة كبيرة من القواسم المشتركة”.

حجم المساعدات

لا توجد أرقام محددة حول حجم المساعدات المصرية للسودان في أزمتي كورونا والسيول حتى الآن، لكن في كل يوم يتم الإعلان عن طائرات تتجه من القاهرة إلى الخرطوم تحمل مساعدات مختلفة وكميات ليست قليلة من المؤن الضرورية.

ويشير أبو الفضل بأن دبلوماسية مصر تعنى استعدادها لعدم ترك السودان يعاني بمفرده في خضم ما يعانيه من مشاكل اقتصادية وانقسامات بين الأطياف السياسية.

ويوضح أنه من “الضروري أن تصل المعونات إلى المواطنين ويشعرون بالتكاتف المصري”، فتكفي الصور التي تتناقلها وسائل الإعلام لبيوت تنهار وأخرى تغمرها بمن فيها السيول للتعرف على عمق المأساة.

تغير في توجهات القاهرة

وفي حال نجحت القاهرة في تغيير صورتها الذهنية لدى السودانيين، فمن الممكن أن تشهد علاقاتها مع الخرطوم تطورا كبيرا، يقول أبو الفضل، أما إذا بقيت أثيرة للعقد السابقة فلن تجني ثمارا من وراء المساعدات التي قدمتها أو تعتزم تقديمها.

ويختم الكاتب بالقول : “تبدو نقطة البدء أو الإصلاح، هي أن يلمس السودانيون وجود تغير حقيقي في توجهات القاهرة، ما يستلزم جهدا لمواجهة الدعاية المضادة، فمهما اتسع نطاق المعونات سوف يبقى تأثيرها محدودا، طالما بقي نشاط من يعملون ضد المصالح المصرية، ووجدوا ثغرات عملية ينفذون منها”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.