اندثار الآثار السودانية في رحلة البحث عن استخراج الذهب

التنقيب عن الذهب يدمر العديد من المواقع الأثرية في السودان \ The National
0

لحقت الآثار السودانية الكثير من الأضرار جراء سعي السودانيين الحثيث للعثور على الذهب، للدرجة التي اختفت فيها معالم آثرية بالكامل وتفقد البلاد إرث الماضي الذي لا يمكن تعويضه بكنوز الدنيا.

اختفاء جبل المراغة

ويوضح علماء آثار سودانيين أنهم في الشهر الماضي توجهوا صوب جبل المراغه الأثري في الصحراء، لكن الصدمة كانت حاضرة عندما وجدوا الموقع قد اختفى.

ونقل موقع (عربي بوست) عن وكالة الأنباء الفرنسية قولها، إن الباحثيين عن الذهب قاموا بتدمير الموقع الذي يرجع تاريخه إلى ألفي عام بسبب استخدامهم آليات الحفر العملاقة في الموقع الذي يبعد عن العاصمة الخرطوم مسافة تقدر بـ 270 كلم شمالًا.

عمل جنوني

وبنبره فيها الكثير من الحسرة والأسى، تقول اختصاصية علم  الآثار السودانية حباب إدريس أحمد: “هدفهم الوحيد من الحفر هنا الحصول على الذهب. لقد قاموا بعمل جنوني ولكسب الوقت استخدموا جرافات ثقيلة”، وقد عملت الاختصاصية في الموقع في عام 1999 مع بعثة من متحف جامعة بوسطن الأميركية.

وشاهد فريق البحث في صحراء “بيوضة” آليات حفر رفقة عدد من الرجال وهو يقومون بحفر حفرة يبلغ عمقها 17 متر وبعرض 20 متر.

وتوضح الاختصاصية في الآثار السودانية أن الموقع الأثري الذي اندثر تمامًا يرجع إلى عهد مملكة مروي، التي استمرت قرابة 700 عام، من سنة 350 قبل الميلاد إلى سنة 350 ميلادية، وكان عبارة عن مستوطنة صغيرة أو نقطة مراقبة لتأمين حدود المملكة.

موقع أثري تم تدميره من قبل الباحثين عن الذهب

جنون الثراء

بدوره يقول حاتم النور، مدير الهيئة العامة للآثار والمتاحف، إن الحفر تم نتيجة عمل جنوني بحثًا عن الثراء والكنوز المطمورة تحت أرض مكونة من الحجر الرملي النوبي.

وأشار النور إلى أن الباحثين عن الذهب يستخدمون جهاز كشف المعادن فيتوهمون أن هنالك ذهب بسبب الصوت الصادر من الجهاز وهو في الأساس يصدر بسبب وجود الحديد في التربة الرملية، فيعتقدون أن هنالك ذهب، مما يدفعهم لمواصلة الحفر.

 ومما زاد الأمر ألمًا بالنسبة لعلماء الآثار، هو قيام الباحثين عن الذهب بأخذ صخور إسطوانية أثرية شيدت بها أعمدة المكان، وقاموا بوضعها فوق بعضها البعض لتصبح غرفة لتجهيز وتناول الطعام.

الصدمة الأكبر بالنسبة لمدير الهيئة العامة للآثار والمتاحف، هي إطلاق سراح لصوص الذهب بعد ساعات قليلة من اقتيادهم إلى قسم الشرطة.

المجرم الحقيقي هو رب العمل

وفي هذا الصدد يتحدث محمود الطيب أستاذ علم الآثار بجامعة وارسو والخبير السابق في هيئة الآثار السودانية : “كان يجب حبسهم في السجن ومصادرة آلياتهم. هذا هو القانون”. ولكن أفرج عنهم دون توجيه تهمة لهم بل حتى تمكنوا من استعادة أدوات الحفر، مضيفاً أن “المجرم الحقيقي هو رب العمل. ولكن يبدو أن له علاقات مع جهات عليا”.

ويؤكد عدد من الاختصاصيين في علم الآثار أن هذه الجريمة لا تعد الأولى، بل هي جزء من سلسلة عمل منظم يهدف لسرقة المواقع الأثرية في السودان.

اختفاء وتدمير مائة موقع

ويكشف حاتم النور، أن من بين حوالي ألف موقع أثري في السودان تم تدمير مائة موقع وتعرضت للخراب جراء البحث عن المعدن النفيس.

وأضاف بأن “هناك رجل شرطة واحداً لتأمين ما بين 30 إلى 40 موقعاً وهؤلاء الشرطيون ليست لديهم الخبرة ولا أدوات الاتصال أو المواصلات المناسبة”.

ويقول احتصاصيين إن الناس باتت تبحث عن المواقع البعيدة والمدافن أو المعابد سعيًا منهم للحصول على كنوز تعينهم في الأوضاع المعيشية التي باتت شاقة في بلد يعاني من اشكاليات اقتصادية ونزاعات قبلية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.