سد النهضة : كيف ازمت الاتفاقيات الأستعمارية المفاوضات؟

سد النهضة مصدر الصورة : وكالات
0

قالت صحيفة أديس ستاندراد إن إثيوبيا ليست ملزمة باحترام حصة مصر من مياه النيل المخصصة وفق معاهدات قديمة لم توقع عليها أديس أبابا، مطالبة مصر بالبحث عن حلول بديلة لتعويض النقص سواء من المياه الجوفية أو بتطوير طاقة نووية وبنية تحتية بدلا من الإنفاق العسكري الطائل.

وفي مقال للأكاديمي الإثيوبي محمود تيكويا، قال إن أديس أبابا ليست مطالبة باحترام حصة مصر من المياه المخصصة لها بموجب اتفاقية تقاسم مياه النيل عام 1959، إذ إنها لم توقع على المعاهدات الأخرى ولم تكن طرفا في التوصل إليها، مما يجعلها فاقدة للصفة القانونية.

واعتبر الكاتب المرشح لنيل الدكتوراه في الدراسات القانونية من جامعة الباسفيك الأميركية، أن ما وصفه بتلك النزعة المصرية إلى جانب مطالبات دول المنبع بإطار قانوني جديد، أضرت جميعها بالجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق يسري على كل دول حوض النيل.

ووفقا للكاتب، فإن المشاحنات بين أديس أبابا والقاهرة ليست وليدة اليوم. فمنذ مطلع تسعينيات القرن الماضي ظلت الدولتان منخرطتين في مفاوضات بشأن نهر النيل، لكنها انتهت إلى طريق مسدود.

معاهدات استعمارية

وأنحى تيكويا بحسب الجزيرة نت باللائمة في ذلك على مصر، زاعما أنها ظلت تلوح في كل مرة تصل فيها المفاوضات إلى جمود باللجوء إلى الخيار العسكري. وتساءل: لماذا كل ذلك الجمود؟ ليجيب هو نفسه بالقول إن السبب في ذلك هو معاهدات مياه النيل.

وقدم الكاتب سردا تاريخيا للاتفاقيات والمعاهدات التي أُبرمت بخصوص تقاسم مياه النيل، بدءا بالمعاهدة الأنجلوإثيوبية عام 1902 بين بريطانيا العظمى -نيابة عن السودان المستعمَر آنذاك- وإثيوبيا، مرورا بالاتفاقية الثنائية عام 1929 بين مصر وبريطانيا التي كانت تمثل السودان ومستعمراتها في شرق أفريقيا (كينيا، وأوغندا، وتنجانيقا التي أصبحت فيما بعد تنزانيا)، وانتهاءً بمعاهدة عام 1959 بين مصر والسودان.

وقال إن معاهدة 1959 تحديدا، جاءت تعضيدا لاتفاقية 1929، ومنحت مصر 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل (أو 66% من إجمالي تدفقات المياه البالغة 84 مليار متر مكعب)، بينما حصل السودان على 18.5 مليار متر مكعب (22%). أما باقي كمية المياه -وهي 10 مليارات متر مكعب (12%) فكانت تُهدر بالنتح والتبخر.

ومنحت اتفاقية 1929 الثنائية مصر حق النقض (الفيتو) على أي مشاريع إنشائية على طول مجرى النيل وروافده، في حين لم تعترف معاهدة 1959بحقوق دول المنبع، ومن بينها إثيوبيا التي تساهم بنسبة 85% من مياه النيل التي تتدفق نحو مصر، كما يؤكد مقال أديس ستاندارد.

ولطالما اعتبر المسؤولون والمفاوضون والعلماء المصريون وأجهزة إعلامهم -بحسب محمود تيكويا- المعاهدات المبرمة في الأعوام 1902 و1929 و1959 سارية المفعول، بل ظلوا يصرون على ضرورة أن تحترم دول المنبع حصة مصر البالغة 55.5 مليار متر مكعب، وأن يكون للقاهرة حق الموافقة المسبقة على أي منشآت تقام على طول نهر النيل أو أي من روافده.

حق أصيل

وترفض دول المنبع بشدة معاهدات مياه النيل تلك بحجة أنها لم تكن طرفا في إبرامها، بل إن إثيوبيا تدعي أن تلك الاتفاقيات تفتقر لأي أساس قانوني يحرم أديس أبابا من استغلال مياه النيل بشكل عادل ومنصف.

ويزعم الكاتب أن النصوص المكتوبة باللغتين الأمهرية والإنجليزية للمعاهدة الأنجلوإثيوبية لا تمنع أديس أبابا من استخدام مياه النيل على نحو منصف حتى دون موافقة بريطانيا العظمى (السودان حاليا)، على أن الممنوع بنص المعاهدة هو الوقف أو المنع التام لتدفق مياه النيل.

وعرّج الكاتب للحديث عن اتفاقية الإطار التعاوني لدول حوض النيل، حيث كانت معاهدات تقاسم المياه القضية الرئيسية العالقة، وقد رأت دول المنبع أن الغاية من الإطار التعاوني هي الوصول إلى اتفاق جامع يحل محل الاتفاقيات السابقة وينسخها.

غير أن مصر أصرت على أن تعترف اتفاقية الإطار التعاوني صراحة بالمعاهدات السابقة، واعتبارها لا تزال ملزمة لكل الدول المشاطئة للنيل.

 وقد رفضت دول المنبع من جانبها المقترح المصري لما ينطوي عليه من مطالبة بالاعتراف الواضح بسريان معاهدات مياه النيل.

وتواصل الصحيفة سرد تطورات القضية، فتشير إلى أنه بحلول عام 2011، قررت إثيوبيا السعي لتغيير اللعبة فأعلنت خطتها لبناء “سد النهضة الإثيوبي العظيم”، أحد أكبر السدود في العالم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.