“سوق الموت” شركات المرتزقة التي تقاتل مقابل المال

0

فتحت الأزمات الأمنية التي تعيشها العديد من البلدان العربية الباب لشركات عسكرية خاصة عابرة للحدود  لدخول “سوق الموت” مقابل مليارات الدولارات تُدفع لها ولمرتزقتها الذين تجندهم من بقاع مختلفة من العالم لتأجير خبراتهم القتالية في معارك دامية.

فمن العراق إلى ليبيا مروراً بسوريا واليمن تنشط عدة شركات عسكرية خاصة، لحساب دول وجيوش تسعى لتخفيض النفقات والخسائر البشرية وتجنب الإحراج الدبلوماسي والمساءلة القانونية، خاصة عند وقوع جرائم حرب تسعى هذه الدول للتملص منها عبر تحميل الشركات الخاصة مسؤولية القتال المنفلت.

وتنشط في العالم العربي عدة شركات عسكرية خاصة لها فروع وامتدادات في العديد من الدول وبأسماء مختلفة، بالإضافة إلى شركات أمنية محلية ودولية يقدر عددها بالمئات، ويختلف نشاطها عن الشركات العسكرية في طبيعة المهام.

وتقدر وزارة الخارجية الفرنسية قيمة عائدات شركات الأمن الخاصة بحوالي 400 مليار دولار.

شركة “بلاك ووتر” الأمريكية

تورطت الشركة الأمريكية سيئة السمعة، في جرائم قتل بحق مدنيين عراقيين، وأدين 4 من أفرادها بالسجن بين المؤبد و30 سنة، لقتلهم 14 مدنياً عراقياً، بينهم طفلان، في بغداد عام 2007، في مجزرة أثارت غضباً دولياً من استخدام المرتزقة في الحروب.

لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أصدر في 22 ديسمبر/كانون الأول الجاري، عفواً عن عناصر “بلاك ووتر” الأربعة، ما أثار استياء عراقياً.

وبرز اسم “بلاك ووتر” مع احتلال الولايات المتحدة للعراق عام 2003، وحصول الشركة على عقود أمنية في البلاد.

وتأسست الشركة في العام 1997 وفقاً للقوانين الأمريكية على يد إريك برنس، الضابط السابق في مشاة البحرية “المارينز”.

وتعتمد على مرتزقة من المتقاعدين والقوات الخاصة من مختلف أنحاء العالم مقابل تعويضات مالية مجزية، وتقدم خدماتها العسكرية والأمنية للحكومات والأفراد بعد موافقة الإدارة الأمريكية.

وبسبب الفضائح التي لاحقتها إبان احتلال العراق، غيرت “بلاك ووتر” اسمها إلى “Xe Service”  في 2009، ثم “أكاديمي” في 2011، بعد أن استحوذت عليها شركات منافسة وأصبحت تحت لواء مجموعة “كونستليس” القابضة، التي تنشط في 20 بلداً وتوظف أكثر من 16 ألف شخص، بحسب بيانات الشركة.

ويتركز نشاط “بلاك ووتر” باسمها الجديد حالياً في اليمن، حيث كشفت تقارير إعلامية بينها صحيفة “نيويورك تايمز”، أن توقيع مؤسسها برنس، على عقود مع الإمارات والسعودية للقتال في اليمن إلى جانب التحالف العربي.

وبلغ عدد من جندتهم الشركة في 2015، نحو 1500 مرتزق من كولومبيا وجنوب إفريقيا والمكسيك وبنما والسلفادور وتشيلي. 

هذا ويواصل إيريك برنس، مؤسس شركة “بلاك ووتر” الأمنية الخاصة الأمريكية، ومَصدر طاقة لا ينضب في مجال التعاقدات الأمنية والعسكرية الخاصة، العمل بلا توقف. ومرة أخرى، تتهمه الأمم المتحدة بتخطيط وشن “عملية مرتزقة فاشلة”.   

وذكرت صحيفة The New York Times أنَّ مجلس الأمن الدولي تسلَّم تقريراً سرياً للأمم المتحدة يوضح بالتفصيل كيف “انتهك إيريك برنس حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا، من خلال إرسال أسلحة إلى قائد ميليشيا كان يحاول الإطاحة بالحكومة المدعومة دولياً”. ومن منظور وطني، قد يمثل ذلك أيضاً انتهاكاً لقوانين الحياد الأمريكية.

ووفقاً للتقرير الأممي، قال مراقبو الأمم المتحدة إنهم “تبيَّنوا أنَّ إيريك برنس قدَّم اقتراحاً بالعملية لحفتر بالقاهرة في 14 أبريل/نيسان 2019، أو بتاريخ قريب منه”.

شركة “فاغنر” الروسية

بعد أفول نجم “بلاك ووتر” الأمريكية  أصبحت “فاغنر” الروسية إحدى أشهر الشركات العسكرية التي تنشط في المنطقة العربية.

حيث تشرف على شركتين أمنيتين تتمثلان في: “صائدو داعش”، و”سند” للحراسة والخدمات الأمنية.

 وتتولى “فاغنر” تدريب عناصر الشركتين، لحماية الاستثمارات الروسية على غرار مناجم الفوسفات وحقول النفط والغاز في البادية السورية ومحافظة دير الزور.

وتستعين “فاغنر” بمرتزقة “صائدو داعش” و”سند” في القتال سواء داخل سوريا أو حتى نقل المئات منها إلى ليبيا للقتال إلى جانب ميليشيات الجنرال الانقلابي خليفة حفتر.

شركة “بلاك شيلد” الإماراتية

قبل تَفَجُّر فضيحة خداعها لشباب سودانيين تم نقلهم إلى الإمارات للعمل في الحراسة الخاصة، لم تكن هذه الشركة الأمنية معروفة، لكن الشركة دربتهم عسكرياً بغرض نقلهم للقتال في ليبيا كمرتزقة إلى جانب ميليشيات الجنرال خليفة حفتر، وأيضاً إلى اليمن.

ورغم نفي “بلاك شيلد” هذه الاتهامات التي كشفتها صحيفة “الغارديان” البريطانية في 25 ديسمبر/كانون الأول 2019، إلا أن الملف سرعان ما تحول إلى قضية رأي عام بعد احتجاج مئات السودانيين أمام السفارة الإماراتية بالخرطوم في يوليو/تموز الماضي.

كما أعلن المستشار القانوني للضحايا السودانيين عمر العبيد، مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري، بدء استعدادات لرفع دعاوى قضائية إقليمية ودولية بحق 10 شخصيات إماراتية وسودانية وليبية، بتهمة الاتجار بالبشر.

ويكشف تقرير نشرته منظمة “هيومن رايتس ووتش” على موقعها الإلكتروني واستند إلى لقاءات مباشرة مع الضحايا، أن الشركة الإماراتية تعاقدت مع أكثر من 270 شاباً سودانياً للعمل في الإمارات حراس أمن، لكنها خدعتهم بعد سلسلة طويلة من الإجراءات حتى زجت بهم في “أتون الحرب في ليبيا دون علمهم”.

ويوضح التقرير أن الشباب السوداني وجدوا أنفسهم جنباً إلى جنب مع المقاتلين الليبيين التابعين لحفتر، بعد إقناعهم بأن مهمتهم حراسة المنشآت النفطية المحيطة بتلك المنطقة (الهلال النفطي)، “لكن مع الوقت انخرطوا في أعمال القتال”.

شركة “جي فور إس” العملاقة

تأسست “جي فور إس” في 1901 بالدنمارك ويوجد مقرها الرئيسي في بريطانيا، وتملك أكبر جيش خاص في العالم يفوق 533 ألف موظف من جنسيات مختلفة.

وتتوزع فروع نشاطاتها في 85 دولة، ولها 14 فرعاً في الدول العربية منها 9 فروع في دول الخليج العربي، خاصة الإمارات.

وتولت بعض المهام في سجن غوانتانامو، وتبلغ مداخيلها السنوية 8.8 مليار دولار بحسب إذاعة “مونتي كارلو” الفرنسية، لكن فضائحها الكثيرة وأزمة كورونا أدخلاها في أزمات مالية وتحاول عدة شركات دولية منافسة شراءها.

وأما في إسرائيل فتوظف 8 آلاف شخص، حيث تتكفل بحراسة سجن “عوفر” وإدارة نقاط التفتيش في الضفة الغربية، ونظراً للضغوط التي مارستها عليها حملة مقاطعة إسرائيل “بي دي إس”، قررت “جي فور إس” الانسحاب منها.

 ويكشف  الباحث الأمني الإسرائيلي يوسي ميلمان أن 10 شركات أمنية إسرائيلية خاصة، ومنها شركة AGT ومقرها سويسرا، تعمل في دول عربية هي: العراق، والكويت، والبحرين، وقطر، والإمارات، وعُمان، ولبنان، والأردن، والسعودية، واليمن.

ومع تطبيع بعض الدول علاقات مع إسرائيل من المتوقع أن تتسلل الشركات الأمنية بكثافة إلى دول الخليج وعلى رأسها الإمارات لتقديم خدماتها في الحراسة والأمن السيبراني.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.