كيف أظهرت أزمة اللاجئين الوجه الحقيقي لأوروبا؟

اللاجئين السوريين في الحدود التركية اليونانية مصدر الصورة : الأناضول
0

يشدد الأوروبيون دوماً على المبادئ وحتمية احترام حقوق الأخرين ، لكن في الحدود اليونانية تهاوت تلك النظريات ، فالذي يحدث عبر الحدود اليونانية للاجئين أظهر الوجه الحقيقي لأوروبا خصوصاً من ناحية الألتزام الأخلاقي.

إن الصوّر المروّعة والقصص المخيفة التي باتت ترد إلى مسامعنا من الحدود اليونانية، والطريقة القاسية التي تتعامل بها قوات الأمن اليونانية مع المهاجرين الفارين من إليها أتون الحرب في سوريا تُوجِع الضمير الإنساني، وتُنذِر بخطر كبير، وتبعث برسالة مغرقة في الحزن والأسف.

التشدق بحقوق الإنسان

تعرية المهاجرين، وضربهم بطرق مبرحة، وإطلاق وابل من الغاز المسيل للدموع عليهم، ومحاولة إغراقهم، والتسبب في قتلهم كلها مشاهد لم يكُن للفرد منا أن يتوقعها من أولئك الذين يتشدقون بحقوق الإنسان، ويمارسون الوصاية الأخلاقية باسم البشرية.

لم يكُن أحد ينتظر أن تستقبل أوروبا هؤلاء المهاجرين بالزهور والورد، ولكن لا أحد أيضاً كان يتوقع استقبالهم بالرصاص الحيّ، والغاز المسيل للدموع و”الشبح”.

إن هذا التعاطي الخشن والقاسي مع المهاجرين على الحدود اليونانية مع تركيا إنما يعبّر عن المأزق الأخلاقي الذي تعاني منه أوروبا في ما يتعلق بواحدة من أبرز قضايا حقوق الإنسان التي يواجهها العالَم هذه الأوقات. كما تعبّر عن فشل الاتحاد الأوروبي في اجتراح سياسة واضحة ومُحكَمة وفعالة في ما يتعلق بمسألة اللجوء رغم الكثير من الدعوات منذ أحدث عام 2015 الذي شهد أكبر موجة لجوء إلى أوروبا وحتى الآن إلى ضرورة إصلاح قانون الهجرة لتجنب الكثير من الويلات.

إيقاف اللجوء

لم تكتفِ اليونان بتعاطيها الخشن مع اللاجئين، وإغلاقها الحدود في وجههم، بل ووقفت طلبات اللجوء لمدة شهر قابل للتجديد، وقامت بترحيل جميع المهاجرين الذي يحاولون دخول البلاد بشكل “غير قانوني” رغم أن وكالة الأمم المتحدة للاجئين قالت إنه لا يوجد أي أساس قانوني لتعليق قرارات اللجوء.

 وقد بررت الحكومة اليونانية هذه السياسات الخشة بداعي الحرص على أمن أوروبا، والدفاع عن حدودها، والحفاظ على استقرار الاتحاد الأوروبي على أساس أن حدود اليونان هي حدود الاتحاد الأوروبي.

درع أوروبا

وللأسف لاقت هذه السياسات الدعم من الاتحاد الأوروبي، فقد أشاد رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لين بحسب تي أر تي ، الذي زار اليونان قبل يومين لإظهار تضامنه مع أثينا، بدور اليونان كـ”درع أوروبا”. وقد وعد اليونان بتقديم مبلغ 700 مليون يورو لدعم وتعزيز أمن الحدود. أما ديفيد مكاليستر، وهو رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي، فقد أكد أن “أحداث عام 2015 يجب أن لا تتكرر”، وهو بذلك يشير إلى تدفُّق ما يقرب من مليون و300 ألف طالب لجوء إلى الاتحاد الأوروبي وقتها.

إن خروج الاتحاد الأوروبي من معضلته الأخلاقية في التعاطي مع مسألة اللجوء يتطلب أوّلاً الكفّ عن اعتبار اللاجئين مشكلة تركيا وحدها، فهذه مشكلة المجتمع الدولي ككل، والكف عن انتهاج الحلول الترقيعية المتعلقة بتسليع مسألة اللجوء عبر المنح المالية أو المساعدات الإنسانية والبحث في حلٍّ لأصل المشكلة لوضع حدّ نهائي لها، وأخيراً، وحتى إتمام الشرط الثاني، التوقف السريع والمباشر عن تجريم اللاجئين ونزع صفة الإنسانية عنهم الذي تسمح بمعاملتهم بطريقة غير لائقة على الحدود وصلت إلى حدّ القتل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.