عنصرية متفاقمة تجاه المسلمين السود في الولايات المتحدة
يعاني المسلمين السود في الولايات المتحدة الأمريكية من حوادث عنصرية متطرفة، فإن لم ينجو من العنصرية بسبب لون بشرتهم فإن معتقداتهم ستكلفهم مزيدًا من ذلك الفعل البغيظ.
حيث أزكمت الأنوف حوادث العنصرية التي هزت الولايات المتحدة في الأشهر الماضية وكان لها صدى واسع جراء الاحتجاجات الغاضبة التي اندلعت في عدد من الولايات.
وتتسائل الشابة كينياتا باكير، إن كنت شابة، محجبة، وسوداء في الولايات المتحدة، كيف تتصرفين إن صادفك شرطي؟ سؤال يلح عليها وهي الناشطة البارزة ضمن حركة “حياة السود مهمة“، منذ عقود.
بندقيات موجهة إلى رؤوسنا
وتتحدث كينياتا من منزلها في لوس أنجلوس، قائلة: “كنا في السيارة، صديقي، وأنا، واخوتي الصغار، وكانوا في العاشرة، والثانية عشرة، والرابعة عشرة من العمر. طلبنا طعاماً، وجلسنا ننتظر في السيارة. فجأة، وجدنا بندقيات موجهة إلى رؤوسنا، ورجال شرطة، يطلبون منا أن نرفع أيدينا، وننزل من السيارة”.
اشتبهت الشرطة بالسيارة، لأن لوحتها تتطابق مع لوحة أحد المطلوبين. تتابع كينياتا: “لم أفهم ماذا حدث، طلب منا الشرطي أن نركع، وأنا أفكر بالسلاح المصوب صوب اخوتي. سألته هل تمزح معي؟ أيعقل أن أصطحب معي أطفالاً لو كنت أنوي ارتكاب شيء ما؟ لكنه لم يستجب لي. لاحقاً، اكتشفوا خطأهم، وتركونا نذهب. لكن بالطبع، لم يعتذروا عما فعلوه.
وتضيف الشابة: “حتى الآن، ما زلت أعاني من صدمة بسبب تلك الليلة. أما صديقي، فالتحق بالشرطة بعد ستة أشهر من الحادثة، وبالطبع رفضت عندها الزواج به”.
العنف الممنهج غير الإنساني
بعد إطلاق النار على جاكوب بليك أواخر أغسطس الماضي، خرج والده للحديث إلى الإعلام، وكان لافتاً أنه اختار تلاوة سورة الفاتحة، متمنياً لولده الشفاء.
وعلّق الإمام الأمريكي عمر سليمان على ذلك بالقول: “ليس مهماً إن كان الابن أو الأب مسلمين، فما حصل لعائلاتهما دليل إضافي على العنف الممنهج غير الإنساني”، بحسب (بي بي سي عربي).
ويشرح المفكر الإسلامي الأمريكي إبراهيم موسى الخلفية التاريخية للعلاقة بين نضال السود ضد العنصرية والإسلام بقوله: “تأسست أمة الإسلام في العام 1930 ونالت شهرة في الخمسينيات، ليس فقط بسبب شعبية مؤسسها ايلايجاه محمد كمقاوم لقمع البيض، لكن أيضاً لأن شخصيات مثل مالكوم أكس ومحمد علي كلاي أعطيا المجموعة وجهاً. كلاهما افترقا عن الجماعة واعتنقا الإسلام لاحقاً. وفي الوقت الراهن، فإنّ الكثيرين من الأميركيين السود الذين يعتنقون الإسلام، يفعلون ذلك لأسباب ايمانية، ولكن في الوقت ذاته، كشكل من مقاومة العنصرية المسيحية البيضاء، إذ يمكننا القول إن الإسلام يعد بالنسبة إليهم مقاومة”.
عدد المسلمين السود
يقدّر معهد “بيو” للأبحاث، عدد المسلمين السود ، بنحو 20 بالمئة من مجمل المسلمين في الولايات المتحدة، وهم بذلك يشكلون 2 بالمئة فقط من مجمل السود.
ولكن، بحسب إحصاءات المعهد، فإن السود يشكلون نسبة 49 بالمئة ممن يعتنقون الإسلام حديثاً. وإن نظرنا إلى مجمل من يغيرون دينهم في الولايات المتحدة، سنجد أن نسبة الذين يعتنقون الإسلام تبلغ 23 في المئة، مقارنة مع 6 في المئة ممن يعتنقون المسيحية.
نقد الفوقية البيضاء
اعتنقت مارغاري عزيزة هيل الإسلام حين كانت في الثامنة عشرة من عمرها، العام 1993. هي اليوم أستاذة جامعية وكاتبة والمديرة التنفيذية لـ”التعاونية المسلمة ضد العنصرية.
تقول هيل: “تأثر العديد من المسلمين السود ، سواء ولدوا في عائلات مسلمة أو اعتنقوا الإسلام لاحقاً، بنقد الفوقية البيضاء على لسان مالكوم أكس، وبمنظرين آخرين، نشطوا خلال التسعينيات، في حركات التضامن العابرة للجنسيات. وفي تلك المرحلة، كنت طالبة، وكان ذلك مفتاحاً مهماً بالنسبة لي، لبناء فكرة القوة ودعم الجماعة”.
حفظ كرامة السود
وتمضي مارغاري عزيزة هيل : “كانت الدعوة الإسلامية في المجتمعات السوداء تهدف لحفظ كرامة السود، من خلال إطعام الأطفال، إيجاد فرص عمل، إلى جانب برامج دعم المساجين السابقين للانخراط في المجتمع”.
بالنسبة لمارغاري هيل، لم يكن الجانب السياسي العامل الوحيد لاعتناقها الإسلام. بالنسبة لها “كانت رسالة محمد ملهمة في التزام القضايا الاجتماعية، ومساعدة الأيتام والأرامل والأكثر فقراً، لأن العدل والإحسان أساس رسالة الإسلام والسيرة النبوية”.
عنصرية مزدوجة
ويقول المفكر الإسلامي الأمريكي إبراهيم موسى، إن المسلمين السود يعانون من عنصرية مزدوجة. “فمن جهة، يتعرضون للتمييز لكونهم سوداً، وهذه هي الخطيئة الأصلية في عرف العنصرية الأمريكية، ولها جذورها التاريخية حقبة العبودية. ومن جهة أخرى، يتعرضون للتمييز كمسلمين، وهي وصمة هوياتية يربطها الأميركيون بالشرق الأوسط الذي يرونه كخصم”.