وساطة حمدوك في سد النهضة.. حلول تلوح في الآفق
لا زالت أزمة سد النهضة قائمة بين جمهورية مصر وإثيوبيا، حيث يرى الجانبان بأن كل واحد منهم يحرص على مصلحته مقابل ضرر الطرف الآخر، وهو الأمر الذي جعل من تدخل السودان كوسيط لايجاد حل عن طريق رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك .
تباين في الرؤى
حيث تعهد حمدوك بتدشين مبادرة سودانية للتوسط بين القاهرة وأديس أبابا، بغرض استئناف المفاوضات حول سد النهضة الأثيوبي لاستكمال الأجندة المتبقية فيه في أقرب وقت ممكن، وسط تباين الرؤى حول نجاح هذه المبادرة.
وجاء التعهد خلال اتصال هاتفي أجراه حمدوك الاثنين، بوزير الخزانة الأميركية ستيفن منوشين، الذي ترعى وزارته المفاوضات حول سد النهضة بين كل من السودان ومصر وإثيوبيا .
وكانت أديس أبابا قد قاطعت آخر جولة للتفاوض في واشنطن، والتي كانت مخصصة للتوقيع على مشروع اتفاق صاغته الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولي، كما امتنع السودان عن التوقيع في غياب إثيوبيا، فيما فضلت مصر التوقيع بالأحرف الأولى عليه .
إشادة بعملية التفاوض
وذكر بيان من المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء السوداني، أن حمدوك أشاد بـ”النجاح الكبير الذي حققته عملية التفاوض في العاصمة واشنطن“، ووصف ما تم فيها بـ الإنجاز الكبير والمميز الذي يمهد لاستئناف التفاوض مرة أخرى .
وأشار البيان إلى أن رئيس مجلس الوزراء سيقوم بزيارة كل من القاهرة وأديس أبابا لحثهما على استئناف التفاوض في مقبل الأيام.
منطقة وسطى
ومنذ بروز أزمة سد النهضة إلى السطح، تحاول الدبلوماسية السودانية الوقوف في منطقة وسطى، في ظل التجاذبات المصرية الإثيوبية المتواصلة، والعمل على التوفيق بين البلدين .
وهذا الأمر هو الذي سنه نظام المعزول عمر البشير، الذي جمع في العام 2015 الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وهايلي ديسالين رئيس الوزراء الأثيوبي السابق، وأقنعهما بالتوقيع على اتفاق المبادئ، وهو الأساس الذي مضت عليه بعد ذلك جولات التفاوض اللاحقة .
وبعد ذهاب نظام البشير، لم تحدث أي تغيرات جوهرية متوقعة في موقف السودان من سد النهضة، الذي يقوم على المحافظة على مصالح السودان، لا سيما حصته من مياه النيل التي تزيد عن 18 مليار متر مكعب، حسب اتفاقية 1959 .
والسودان كان متحمساً للتوقيع على المسودة الأميركية مع وضع ملاحظات ليست جوهرية .
تهدئة سياسية
ويؤكد وزير الإعلام السوداني فيصل محمد صالح، أن تدخل رئيس الوزراء السوداني في التوسط بين القاهرة وأديس أبابا، “لا يعني بأي حال من الأحوال إعادة فتح ملفات التفاوض حول السد من جديد، والتي تم حسمها بنسبة 90 في المئة عبر مفاوضات واشنطن ووافقت عليها الأطراف، وبقيت فقط قضايا شكلية من السهل حلها” .
وأشار صالح، أن جوهر وساطة الدكتور عبد الله حمدوك تقوم على التهدئة السياسية والإعلامية بعد التصعيد الذي أعقبه آخر جولة تفاوض، وذلك انتظاراً للحظة التي تتمكن فيها الأطراف الثلاثة من العودة إلى الطاولة واستكمال ما بدأ في واشنطن .
ويبدي إدريس سليمان الأمين السياسي لحزب “المؤتمر الشعبي” المعارض في السودان، أسفه لطرح رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لمبادرة توسط بين أثيوبيا ومصر من دون تحديد المصلحة السودانية من هذه الخطوة .
وأشار الأمين إلى أن حكومة حمدوك دخلت المفاوضات من دون أن تعرف أين تكمن المصلحة السودانية المرتبطة بالحقوق المائية المكتسبة تاريخياً والأبعاد الأمنية والعسكرية والجيبولوتيكية، وكل جوانب الأمن القومي الشامل .
وبين أنه “لن يكون للحكومة الانتقالية الحالية أي موقف تفاوضي واضح إلا بدعوة الخبراء لمؤتمر جامع يحدد ذلك الموقف، وليس التورط في التوسط بين مصر وإثيوبيا، اللتين وإن توصلتا إلى اتفاق سيحقق مصالحهما فقط، رغم أن السودان طرف أصيل ويجب أن يكون الاتفاق في إطار ثلاثي وليس ثنائيا فقط” .