صفقة القرن.. المعركة الفاصلة مع المشروع الإسرائيلي في فلسطين
لا شك أن القضية الوطنية الفلسطينية هي قضية الأسلام والمسلمين، وهي قضية كل العرب في الشرق الأوسط بشكل عام، ويأتي إعلان صفقة القرن التي كشف عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب كواحدة من القضايا التي شغلت الأوساط العربية بشكل كبير خلال الفترة الماضية .
ومن هذا المنطلق يحاول التحالف الأمريكي الإسرائيلي حسم معركته ضد الشعب الفلسطيني وقضيته وحقوقه في أرقب وقت ممكن .
وتعتبر رؤية ترمب للواقع في فلسطين أمراً مختلفاً عن ما ينظر له في الساحة العربية، إذ أن القانون الدولي والقرارات الشرعية الدولية جميعها في رؤية ترمب .
وليس هناك شك عن أن التاريخ سوف يعتبر تاريخ 28/1/ 2020، اليوم الذي أعلن فيه عن «صفقة القرن»، يوماً يتجاوز حدوده كمجرد «يوم مفصلي»، كأي يوم مفصلي آخر، في مسار القضية الوطنية الفلسطينية، والأوضاع في إقليمنا .
وشكلت القضية الفلسطينية العديد من الضغوطات على الجانب الإسرائيلي والفلسطيني على حد سواء، فمن جانب يأمل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الاستفادة من صفقة القرن من أجل الفوز في الانتخابات الإسرائيلية التي انطلقت قبل ساعات من الآن .
في حين أن الرئيس الفلسطيني يعمل بشكل قوي على رفض صفقة القرن من خلال عدم الاعتراف بها، منوهاً إلى أن الخطة تكرس للهيمنة الإسرائيلية في فلسطين بجانب أنها تسلب الفلسطينيين حقوقهم .
وفيما يتعلق بتوسيع دائرة النظر إلى «صفقة القرن» نقرأ جيداً كيف تنداح بعدوانيتها ووحشيتها على فلسطين وعموم المنطقة في آن واحد .
وهي صفقة ذات بعدين متلازمين من الصعب التعامل مع أي منهما، بمعزل عن الآخر: البعد الفلسطيني، من جهة، والبعد العربي الإقليمي، من جهة أخرى .
ويفترض أن تكون المواجهة للصفقة في المحورين معاً، محور المجابهة الوطنية الفلسطينية، ومحور مجابهة الصفقة على الصعيد العربي والإقليمي، بكل ما يستدعيه هذا الأمر من تفاعلات، وتحالفات وتقاطعات، وبكل ما يحمله هذا الأمر في طياته من تداعيات، يصعب على أي مراقب أن يحصرها في عجالة .
يرى الكاتب فهد سليمان بأن صفقة القرن لا تستهدف الحالة الفلسطينية وحدها، بل الوضع في الإقليم العربي بنفس المقدار، فهي تعتبر أن اصطفاف هذا الوضع على نسق المشروع الأميركي – الإسرائيلي، هو المدخل الأهم لاحتواء الرقم الفلسطيني الصعب، الذي لا بد أن يكون من أصلب المتصدين لمشروع تصفوي بيِّن الملامح للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني .
وأوضح الاجتماع الذي اقامته جامعة الدول العربية لوزراء خارجية الكثير من الدول العربية بعد صفقة القرن بأن الرفض الدولي الكبير للصفقة لا يعني بأن هناك دولاً بعينها ترفض للصفقة .
بل أن هذه الدول قامت إسداء «نصحها» للفلسطينيين بالتعاطي البراغماتي مع المشروع الأميركي – الإسرائيلي، باعتباره آلية للتفاوض، وليس سقفاً للحل، أو بالدخول عليه في اشتباك تفاوضي بغرض تقريبه من الرؤية الفلسطينية .
ولا شك أن صفقة القرن تنتمي إلى ذلك النوع من المشاريع السياسية، التي يستحيل تطويرها من داخلها، ولا يمكن التقاطع معها في منتصف الطريق .